‫الأدب الصغير والأدب الكبير‬ (Arabic Edition)
Rate it:
4%
Flag icon
وجل الأدب بالمنطق، وجل المنطق بالتعلم، ليس منه حرف من حروف معجمه، ولا اسم من أنواع أسمائه، إلا وهو مروي، متعلم، مأخوذ عن إمام سابق، من كلام أو كتاب.
Esraa Adel liked this
4%
Flag icon
فمن جرى على لسانه كلام يستحسنه، أويستحسن منه، فلا يعجبن إعجاب المخترع المبتدع، فإنه إنما إجتباه كما وصفنا.
4%
Flag icon
فإنما إحياء العقل الذي يتم به، ويستحكم: خصال سبع: الإيثار بالمحبة، والمبالغة في الطلب، والتثبت في الاختيار، والاعتياد للخير، وحسن الرعي، والتعهد لما اختير واعتقد، ووضع ذلك موضعه قولًا وعملًا.
5%
Flag icon
فإنا لم نوضع في الدنيا موضع غنى وخفض[18]، ولكن بموضع فاقة وكد، ولسنا إلى ما يمسك أرماقنا[19]  من المأكل والمشرب بأحوج منا إلى ما يثبت عقولنا من الأدب الذي به تقاوت العقول، وليس غذاء الطعام بأسرع في نبات الجسد من غذاء الأدب في نبات العقل، ولسنا بالكدِّ في طلب المتاع الذي يلتمس به دفع الضرر، والغلبة، بأحق منا بالكد في طلب العلم الذي يلتمس به صلاح الدين والدنيا.
6%
Flag icon
وليعد له طول أيامه، وليؤثره على أهوائه، فإنه قد رام أمرًا جسيمًا لا يصلح على الغفلة، ولا يدرك بالمعجزة، ولا يصير على الأثرة[22]، وليس كسائر أمور الدنيا وسلطانها ومالها وزينتها التي قد يدرك منها المتواني ما يفوت المثابر، ويصيب منها العاجز ما يخطئ الحازم.
Abdurrahman AlQahtani
أي اللب
9%
Flag icon
وعلى العاقل، ما لم يكن مغلوبًا على نفسه، أن لا يشغله شغل عن أربع ساعات: ساعة: يرفع فيها حاجته إلى ربه، وساعة: يحاسب فيها نفسه، وساعة: يفضي فيها إلى إخوانه، وثقاته الذين يصدقونه عن عيوبه، وينصحونه في أمره، وساعة: يخلي فيها بين نفسه، وبين لذتها مما يحل ويجمل، فإن هذه الساعة عون على الساعات الأُخَر، وإن استجمام[36] القلوب، وتوديعها[37] زيادة قوة لها، وفضل بلغة
10%
Flag icon
وعلى العاقل أن يعرف أن الرأي والهوى متعاديان، وأن من شأن الناس تسويف الرأي، وإسعاف الهوى، فيخالف ذلك، ويلتمس أن لا يزال هواه مُسَوَفًّا ورأيه مسعفًا.
10%
Flag icon
ومن نصب نفسه للناس إمامًا في الدين، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه وتقويمها في السيرة والطعمة والرأي واللفظ والأخدان؛ فيكون تعليمه بسيرته أبلغ من تعليمه بلسانه، فإنه كما أن كلام الحكمة يونق[42] الأسماع، فكذلك عمل الحكمة يروق العيون والقلوب، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال والتفضيل من معلم الناس ومؤدبهم.
14%
Flag icon
كان يقال: إن الله تعالى قد يأمر بالشيء ويبتلي بثقله وينهى عن الشيء، ويبتلي بشهوته. فإذا كنت لا تعمل من الخير إلا ما اشتهيته، ولا تترك من الشر إلا ما كرهته، فقد أطلعت الشيطان على عورتك، وأمكنته من رمتك[65]، فأوشك أن يقتحم عليك فيما تحب من الخير، فيكرهه إليك، وفيما تكره من الشر، فيحببه إليك.
16%
Flag icon
فصل ما بين الدين والرأي، أن الدين يسلم بالإيمان، وأن الرأي يثبت بالخصومة[72]، فمن جعل الدين خصومة، فقد جعل الدين رأيًا، ومن جعل الرأي دينًا فقد صار شارعًا[73]، ومن كان هو يشرع لنفسه الدين، فلا دين له.
16%
Flag icon
لا يمنعنَّك صغر شأن امرئ من اجتناء ما رأيت من رأيه صوابًا، والاصطفاء ما رأيت من أخلاقه كريمًا، فإن اللؤلؤة القائمة لا تهان لهوان غائصها الذي استخرجها.
18%
Flag icon
مما يدل على علم العالم معرفته ما يدرك من الأمور، وإمساكه عما لا يدرك، وتزيينه نفسه بالمكارم، وظهور علمه للناس من غير أن يظهر منه فخر ولا عجب، ومعرفته زمانه الذي هو فيه، وبصره بالناس، وأخذه بالقسط، وإرشاده المسترشد، وحسن مخالفته خلطاءه، وتسويته بين قلبه ولسانه، وتحريه العدل في كل أمر، ورحب ذرعه فيما نابه، واحتجاجه بالحجج فيما عمل، وحسن تبصيره.
19%
Flag icon
ليكن المرء سؤولًا[83]، وليكن فصولًا بين الحق والباطل، وليكن صدوقًا؛ ليؤمن على ما قال، وليكن ذا عهد؛ ليوفى له بعهده، وليكن شكورًا؛ ليستوجب الزيادة، وليكن جوادًا؛ ليكون للخير أهلًا، وليكن رحيمًا بالمضرورين؛ لئلا يبتلى بالضر، وليكن ودودًا؛ لئلا يكون معدنًا لأخلاق الشيطان، وليكن حافظًا للسانه، مقبلًا على شأنه؛ لئلا يؤخذ بما لم يجترم، وليكن متواضعًا؛ ليفرح له بالخير، ولا يحسد عليه، وليكن قنعًا؛ لتقر عينه بما أوتي، وليسر للناس بالخير؛ لئلا يؤذيه الحسد؛ وليكن حذرًا؛ لئلا تطول مخافته، ولا يكونن حقودًا؛ لئلا يضر بنفسه إضرارًا باقيًا، وليكن ذا حياء؛ لئلا يستذم إلى العلماء، فإن مخافة العالم مذمة العلماء ...more
19%
Flag icon
وقال: لا ينبغي للمرء أن يعتدَّ بعلمه ورأيه ما لم يذاكره ذوو الألباب، ولم يجامعوه عليه[84]؛ فإنه لا يستكمل علم الأشياء بالعقل الفرد.
19%
Flag icon
لا تؤدي التوبة أحدًا إلى النار، ولا الإصرار على الذنوب أحدًا إلى الجنة.
20%
Flag icon
من أفضل البر[85] ثلاث خصال: الصدق في الغضب، والجود في العسرة، والعفو عند القدرة.
20%
Flag icon
رأس الذنوب الكذب: هو يؤسسها، وهو يتفقدها، ويثبتها، ويتلوَّن ثلاثة ألوان: بالأمنية، والجحود، والجدل، يبدو لصاحبه بالأمنية الكاذبة فيما يزين له من الشهوات، فيشجعه عليها بأن ذلك سيخفى، فإذا ظهر عليه قابله بالجحود والمكابرة، فإن أعياه ذلك ختم بالجدل، فخاصم عن الباطل، ووضع له الحجج، والتمس به التثبت، وكابر به الحق حتى يكون مسارعًا للضلالة، ومكابرًا بالفواحش.
20%
Flag icon
وكان يقال: الرجال أربعة: اثنان تختبر ما عندهما بالتجربة، واثنان قد كفيت تجربتهما. فأما اللذان تحتاج إلى تجربتهما؛ فإن أحدهما بر كان مع أبرار، والآخر فاجر كان مع فجار، فإنك لا تدري لعل البر منهما، إذا خالط الفجار أن يتبدل، فيصير فاجرا، ولعل الفاجر منهما، إذا خالط الأبرار أن يتبدل برًّا، فيتبدل البر فاجرًا، والفاجر برًّا. وأما اللذان قد كفيت تجربتهما، وتبين لك ضوء أمرهما، فإن أحدهما فاجرٌ كان في أبرار، والآخر برٌّ كان في فجار.
21%
Flag icon
حق على العاقل أن يتخذ مرآتين؛ فينظر من إحداهما في مساوئ نفسه، فيتصاغر بها، ويصلح ما استطاع منها، وينظر في الأخرى في محاسن الناس، فيحليهم بها[89]، ويأخذ ما استطاع منها.
Ashwaq Alduraibi liked this
21%
Flag icon
الوَرِعُ لا يَخْدَعُ، والأريب[90] لا يُخْدَعُ. ومن ورع الرجل أن لا يقول ما لا يعلم، ومن الإرب[91] أن يتثبت فيما يعلم.
21%
Flag icon
عمل الرجل فيما يعلم أنه خطأ هوى، والهوى آفة العفاف، وتركه العمل بما يعلم أنه صواب تهاون، والتهاون آفة الدين، وإقدامه على ما لا يدري، أصواب هو أم خطأ جماح[92]، والجماح آفة العقل.
23%
Flag icon
أزواج: من حاول الأمور احتاج فيها إلى ست: العلم، والتوفيق، والفرصة، والأعوان، والأدب، والاجتهاد.   وهن أزواج: فالرأي والأدب زوج: لا يكمل الرأي بغير الأدب، ولا يكمل الأدب إلا بالرأي. والأعوان والفرصة زوج: لا ينفع الأعوان إلا عند الفرصة، ولا تتم الفرصة إلا بحضور الأعوان. والتوفيق والاجتهاد زوج: فالاجتهاد سبب التوفيق، وبالتوفيق ينجح الاجتهاد.
24%
Flag icon
لا عقل لمن أغفله عن آخرته ما يجد من لذة دنياه، وليس من العقل أن يحرمه حظه من الدنيا بصره بزوالها.
24%
Flag icon
قال رجل لحكيم: ما خير ما يؤتى المرء؟ قال: غريزة عقل، قال: فإن لم يكن؟ قال: فتعلم علم، قال: فإن حرمه؟، قال: صدق اللسان، قال: فإن حرمه؟ قال: سكوت طويل، قال: فإن حرمه؟ قال: ميتة عاجلة.
27%
Flag icon
إن المستشير، وإن كان أفضل من المستشار رأيًا، فهو يزداد برأيه رأيًا، كما تزداد النار بالودك[108] ضوءًا. على المستشار موافقة المستشير على صواب ما يَرَى، والرفق به في تبصير خطأٍ إن أتى به، وتقليب الرأي فيما شكَّا فيه، حتى تستقيم لهما مشاورتهما.
27%
Flag icon
إن أهل العقل والكرم يبتغون إلى كل معروف وصلة وسبيلًا. والمودة بين الأخيار سريع اتصالها، بطيء انقطاعها، ومثل ذلك مثل كوب الذهب الذي هو بطيء الانكسار، هين الإصلاح. والمودة بين الأشرار سريع انقطاعها، بطيء اتصالها، كالكوز من الفخار يكسره أدنى عبث، ثم لا وصل له أبدًا.
28%
Flag icon
المال كل شيء: ما التبع، والأعوان، والصديق، والحشم، إلا للمال، ولا يظهر المروءة إلا المال، ولا الرأي، ولا القوة إلا بالمال. ومن لا إخوان له فلا أهل له، ومن لا أولاد له، فلا ذكر له، ومن لا عقل له، فلا دنيا له، ولا آخرة، ومن لا مال له، فلا شيء له.
Abdurrahman AlQahtani
هذه غريبة!
29%
Flag icon
لايتم حسن الكلام إلا بجسن العمل، كالمريض الذي قد علم دواء نفسه، فإذا هو لم يتداوَ به لم يغنه علمه.
36%
Flag icon
لا تتركن مباشرة جسيم أمرك، فيعود شأنك صغيرًا، ولا تلزمن نفسك مباشرة الصغير، فيصير الكبير ضائعًا.
38%
Flag icon
لا تكونن نزر[167] الكلام والسلام، ولا تبلغن بهما إفراط الهشاشة والبشاشة[168]؛ فإن إحداهما من الكبْر، والأخرى من السخف
38%
Flag icon
فإنما يحمل الرجل على الحلف إحدى هذه الخصال: إما مهانة[172] يجدها في نفسه، وضرع[173]، وحاجة إلى تصديق الناس إياه. وإما عيٌّ[174] بالكلام، فيجعل الأيمان له حشوًا ووصلًا. وإما تهمة قد عرفها من الناس لحديثه، فهو ينزل نفسه منزلة من لا يقبل قوله إلا بعد جهد اليمين. وإما عبث[175] بالقول، وإرسال للسان على غير روية، ولا حسن تقدير، ولا تعويد له قول السداد، والتثبت[176].
39%
Flag icon
لا عيب على الملك في تعيشه، وتنعمه، ولعبه، ولهوه، إذا تعهد[177] الجسيم من أمره بنفسه، وأحكم المهم، وفوَّض ما دون ذلك إلى الكفاة.
40%
Flag icon
لا يضيعن الوالي التثبت عندما يقول، وعندما يعطي، وعندما يعمل. فإن الرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام، وإن العطية بعد المنع أجمل من المنع بعد الإعطاء، وإن الإقدام على العمل بعد التأني فيه أحسن من الإمساك عنه بعد الإقدام عليه. وكل الناس محتاج إلى التثبُّت. وأحوجهم إليه ملوكهم الذي ليس لقولهم وفعلهم دافع، وليس عليهم مستحث
47%
Flag icon
إذا سأل الوالي غيرك فلا تكونن أنت المجيب عنه، فإن استلابك الكلام خفة بك، واستخفاف منك بالمسؤول وبالسائل.
47%
Flag icon
وإذا لم يقصد السائل في المسألة لرجل واحد، وعم بها جماعة من عنده فلا تبادرَنَّ بالجواب، ولا تسابق الجلساء، ولا تواثب بالكلام مواثبة، فإن ذلك يجمع مع شين[230] التكلف، والخفة، أنك إذا سبقت القوم إلى الكلام صاروا لكلامك خصماء، فتعقبوه بالعيب والطعن، وإذا أنت لم تعجل بالجواب، وخليته للقوم، اعترضت[231] أقاويلهم على عينك، ثم تدبرتها، وفكرت في ما عندك، ثم هيَّأت من تفكيرك، ومحاسن ما سمعت جوابًا رضيًا، ثم استدبرت به أقاويلهم حين تصيخ[232] إليك الأسماع، ويهدأ عنك الخصوم.
49%
Flag icon
واعلم أنه يكاد يكون لكل رجل غالبة حديث لا يزال يحدث به: إما عن بلد من البلدان، أو ضرب من ضروب العلم، أو صنف من صنوف الناس، أو وجه من وجوه الرأي، وعندما يغرم به الرجل من ذلك يبدو منه السخف[249]، ويعرف منه الهوى، فاجتنب ذلك في كل موطن، ثم عند السلطان خاصة.
51%
Flag icon
وإن وجدت عنهم، وعن صحبتهم غنى، فأغنِ عن ذلك نفسك، واعتزله جهدك، فإنه من يأخذ عملهم بحقه، يُحَلْ بينه وبين لذة الدنيا وعمل الآخرة، ومن لا يأخذ بحقه، يحتمل الفضيحة في الدنيا، والوزر في الآخرة.
53%
Flag icon
ولا تخلطن بالجد هزلًا، ولا بالهزل جدًا، فإنك إن خلطت بالجد هزلًا هجنته[265]، وإن خلطت بالهزل جدًا كدرته. غير أني قد علمت موطنًا واحدًا إن قدرت أن تستقبل فيه الجد بالهزل أصبت الرأي، وظهرت على الأقران[266]: وذلك أن يتوردك[267] متورد بالسفه، والغضب، وسوء اللفظ، فتجبيه إجابة الهازل المداعب، برحب[268] من الذرع، وطلاقة من الوجه، وثبات من المنطق.
54%
Flag icon
وإن آنست من نفسك فضلًا فتحرَّج[274] أن تذكره، أو تبديه، واعلم أن ظهوره منك بذلك الوجه يقرر لك في قلوب الناس من العيب أكثر مما يقرر لك من الفضل. واعلم أنك إن صبرت، ولم تعجل ظهر ذلك منك بالوجه الجميل المعروف عند الناس.
54%
Flag icon
وإن أردت أن تلبس ثوب الوقار، والجمال، وتتحلى بحلية المودة عند العامة، وتسلك الجدد[275] الذي لا خبار[276] فيه، ولا عثار، فكن عالمًا كجاهل، وناطقا كعييٍّ. فأما العلم، فيزنك، ويرشدك. وأما قلة ادعائه، فتنفي عنك الحسد، وأما المنطق إذا احتجت إليه، فيبلغك حاجتك، وأما الصمت، فيكسبك المحبة والوقار. وإذا رأيت رجلًا يحدث حديثًا، قد علمته، أو يخبر خبرا قد سمعته، فلا تشاركه فيه، ولا تتعقبه عليه؛ حرصًا على أن يعلم الناس أنك قد علمته، فإن في ذلك خفة[277] وشحًا وسوء أدب، وسخفًا.
56%
Flag icon
البس للناس لباسين ليس للعاقل بد منهما، ولا عيش، ولا مروءة، إلا بهما: لباس انقباض، واحتجاز من الناس، تلبسه للعامة، فلا يلقونك  إلا متحفظًا متشددًا متحرزًا مستعدًا. ولباس انبساط واستئناس، تلبسه للخاصة الثقات من أصدقائك، فتلقاهم بذات صدرك، وتفضي إليهم بمصون حديثك، وتضع عنك مؤونة الحذر والتحفظ في ما بينك وبينهم.
56%
Flag icon
صن لسانك: اعلم أن لسانك أداة مصلتة[290]، يتغالب عليه عقلك، وعضبك، وهواك، وجهلك، فكل غالب عليه مستمتع به، وصارفه في محبته، فإذا غلب عليه عقلك، فهو لك، وإن غلب عليه شيء من أشباه ما سميت لك، فهو لعدوك. فإن استطعت أن تحتفظ به وتصونه، فلا يكون إلا لك، ولا يستولي عليه، أو يشاركك فيه عدوك، فافعل.
59%
Flag icon
ذلِّل نفسه على الصبر: ذلل نفسك بالصبر على جار السوء، وعشير السوء، وجليس السوء؛ فإن ذلك مما لا يكاد يخطئك. واعلم أن الصبر صبران: صبر المرء على ما يكره، وصبره عما يحب. والصبر على المكروه أكبرهما، وأشبههما[306] أن يكون صاحبه مضطرًا. واعلم أن اللئام أصبر أجسادًا، وأن الكرام هم أصبر نفوسًا، وليس الصبر الممدوح بأن يكون جلد الرجل وقاحًا[307] على الضرب، أو رجله قوية على المشي، أو يده قوية على العمل، فإنما هذا من صفات الحمير. ولكن الصبر الممدوح أن يكون للنفس غلوبًا، وللأمور محتملًا، وفي الضراء متجملًا[308]، ولنفسه عند الرأي والحفاظ[309] مرتبطًا[310]، وللحزم مؤْثِرًا، وللهوى تاركًا، وللمشقة التي يرجو ...more
60%
Flag icon
واعلم أن العلم علمان: علم للمنافع، وعلم لتذكية العقول[312]. وأفشى العلمين، وأحراهما أن ينشط له صاحبه من غير أن يحض عليه علم المنافع، وللعلم الذي هو ذكاء العقول، وصقالها، وجلاؤها، فضيلة منزلة عند أهل الفضيلة والألباب.
63%
Flag icon
حاذر الغرام بالنساء: اعلم أن من أوقع الأمور في الدين، وأنهكها للجسد، وأتلفها للمال، وأقتلها للعقل، وأزراها للمروءة، وأسرعها في ذهاب الجلالة والوقار، الغرام بالنساء. ومن البلاء على المغرم بهن، أنه لا ينفك يأجم[329] ما عنده، وتطمح عيناه إلى ما ليس عنده منهن.
63%
Flag icon
ومن العجب أن الرجل الذي لا بأس بلبه ورأيه يرى المرأة من بعيد متلففة في ثيابها، فيصوَّر لها في قلبه الحسن والجمال، حتى تعلق بها نفسه من غير رؤية، ولا خبر مخبر، ثم لعله يهجم منها على أقبح القبح، وأدم الدمامة[331]، فلا يعظه ذلك، ولا يقطعه عن أمثالها، ولا يزال مشغوفًا بما لم يذق، حتى لو لم يبق في الأرض غير امرأة واحدة، لظن لها شأنًا غير شأن ما ذاق، وهذا هو الحمق، والشقاء، والسفه.
65%
Flag icon
الصبر على الأعمال يخففها: إذا تراكمت عليك الأعمال، فلا تلتمس الروح[336] في مدافعتها[337]، بالروغان منها[338]، فإنه لا راحة لك إلا في إصدارها[339]، وإن الصبر عليها هو الذي يخففها عنك، والضجر هو الذي يراكمها عليك.
65%
Flag icon
فتعهد من ذلك في نفسك خصلة قد رأيتها تعتري بعض أصحاب الأعمال، وذلك أن الرجل يكون في أمر من أمره، فيرِدُ عليه شغل آخر، أو يأتيه شاغل من الناس يكره إتيانه، فيكدر ذلك بنفسه تكديرًا يفسد ما كان فيه، وما ورد عليه، حتى لا يحكم واحدًا منهما، فإذا ورد عليك مثل ذلك، فليكن معك رأيك، وعقلك اللذان بهما تختار الأمور، ثم اختر أولى الأمرين بشغلك، فاشتغل به حتى تفرغ منه، ولا يعظمن عليك فوت ما فات، وتأخير ما تأخر إذا أعملت الرأي معمله، وجعلت شُغلك في حقه، واجعل لنفسك في كل شغل غاية ترجو القوة، والتمام عليها.
66%
Flag icon
ثم انظر الأخبار الرائعة فتحفظ منها، فإن الإنسان من شأنه الحرص على الأخبار، ولا سيما ما راع منها، فأكثر الناس من يحدث بما سمع، ولا يبالي ممن سمع، وذلك مفسدة للصدق، ومزراة بالمروءة، فإن استطعت ألا تخبر بشيء إلا وأنت به مصدق، ولا يكون تصديقك إلا ببرهان، فافعل، ولا تقل كما يقول السفهاء: أخبر بما سمعت، فإن الكذب أكثر ما أنت سامع، وإن السفهاء أكثر من هو قائل، وإنك إن صرت للأحاديث واعيًا وحاملًا، كان ما تعي وتحمل عن العامة أكثر مما يخترع المخترع بأضعاف.
67%
Flag icon
أي إكرام يعجب؟: لا يعجبنك إكرام من يكرمك؛ لمنزلة أو لسلطان، فإن السلطان أوشك[351] أمور الدنيا زوالًا، ولا يعجبنك أكرام من يكرمك؛ للمال، فإنه هو الذي يتلو السلطان في سرعة الزوال، ولا يعجبنك إكرامهم إياك؛ للنسب، فإن الأنساب أقل مناقب الخير غناء عن أهلها في الدين والدنيا. ولكن إذا أُكرمت على دين أو مروءة، فذلك فليعجبك، فإن المروءة لا تزايلك[352] في الدنيا، وإن الدين لا يزايلك في الآخرة.
« Prev 1