More on this book
Kindle Notes & Highlights
Read between
December 27 - December 28, 2021
اعلم أن المستشار ليس بكفيل، وأن الرأي ليس بمضمون، بل الرأي كله غرر[364]؛ لأن أمور الدنيا ليس شيء منها بثقة، ولأنه ليس من أمرها شيء يدركه الحازم، إلا وقد يدركه العاجز، بل ربما أعيا الحزمة ما أمكن العجزة، فإذا أشار عليك صاحبك برأي، ثم لم تجد عاقبته على ما كنت تأمل، فلا تجعل ذلك عليه ذنبًا، ولا تلزمه لومًا وعذلًا، بأن تقول: أنت فعلت هذا بي، وأنت أمرتني، ولولا أنت لم أفعل، ولا جرم لا أطيعك في شيء بعدها، فإن هذا كله ضجر، ولؤم، وخفة. فإن كنت أنت المشير، فعمل برأيك، أو تركه، فبدا صوابك، فلا تمنن به، ولا تكثرن ذكره إن كان فيه نجاح، ولا تلمه عليه، إن كان قد استبان في تركه ضرر، بأن تقول: ألم أقل لك:
...more
إذا كنت في جماعة قوم أبدًا، فلا تعمن جيلًا[369] من الناس، أو أمة من الأمم بشتم، ولا ذم؛ فإنك لا تدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك مخطئًا، فلا تأمن مكافأتهم، أو متعمدًا، فتنسب إلى السفه، ولا تذمن مع ذلك اسمًا من أسماء الرجال أو النساء، بأن تقول: إن هذا لقبيح من الأسماء، فإنك لا تدري لعل ذلك غير موافق لبعض جلسائك، ولعله يكون بعض أسماء الأهلين والحرم، ولا تستصغرن من هذا شيئًا، فكل ذلك يجرح في القلب، وجرح اللسان أشد من جرح اليد.

