القادة .. يولدون أم يُصنعون؟

هذا السؤال القديم تجدد في بريطانيا مؤخراً بعد أن ترشح الأخوان (ديفيد وإدوارد ميلاباند) لرئاسة حزب العمال وفاز إدوارد على شقيقه، الذي يبكره عمراً وخبرة سياسية. أربع سنوات عمرية تفصل أحدهما عن الآخر وسوى ذلك فقد سارا في الطريق نفسه تقريباً. فقد ارتادا نفس المدارس ونفس الجامعة (أكسفورد) ودرسا نفس التخصص، والتحقا بنفس الحزب، واختارا نفس المهنة: السياسة. ثم قررا أخيراً هذا العام أن يتنافسا على نفس المنصب القيادي في حزب العمال، الذي انتقل للمعارضة بعد خسارته الانتخابات الماضية. فإذا افترضنا بأننا أمام شخصين: لهما جينات متشابهة، وتربيا في بيئة واحدة، وقدِّم لهما مستوى تعليمي متطابق تقريباً.. فلماذا فاز الثاني على الأول؟ ما الذي جعل الناخب يرى أن مستقبل الحزب يحتاج قائداً مثل إدوارد وليس ديفيد؟



ابتداءً من هو القائد؟ القائد في المعركة أو المؤسسة أو الجماعة أو الأمة هو ذلك الشخص الذى لديه القدرة لمعرفة ماذا يريد (أو يحتاج) من حوله، ولديه رؤية واضحة عن كيفية إيصالهم إلى وجهتهم. فهو يعرف الطريق ويسير فيه ويقود الآخرين معه. هو ذلك القادر على أن يقود من حوله من خلال أفعاله، وله القدرة على إبراز طاقات كل فرد في الجماعة بما يحقق المصلحة العامة لها. فالرئيس في عالم اليوم ليس بالضرورة هو القائد، فللقادة صفاتهم الخاصة..فهل يولدون بها؟





حيّر هذا السؤال العامة كما علماء النفس والإدارة زمناً، فهناك من يعتقد بأن المرء يولد بهذه المميزات سواء بالاستعداد الفطري أو الوراثة، ويضربون أمثلة بغاندي أو بيل غيتس على اعتبار أنهما وُلِدا لأبوين محاميين. وآخرين يعتقدون أنها مكتسبة ويضربون أمثلة بقادة تاريخيين من خلفيات أسرية وتعليمية متواضعة مثل إبراهام لنكولن. وتقول بعض الدراسات أن الجواب الأقرب للدقة هو: أنهم يولدون ويصنعون، الأول بنسبة الثلث والثاني بنسبة الثلثين. وحينما نتحدث عما تعلق بالولادة لا نتحدث عما يكتسبه المرء من أبويه (وتأثير ذلك ليس هيناً) بقدر ما نتحدث عن جملة صفات وطبائع يتمايز بها الناس عن بعضهم. فصفات مثل :الجرأة، والذكاء الاجتماعي، والاستعداد لأخذ المبادرات، والاهتمام بالآخرين، والقدرة على إظهار هذا الاهتمام بشكله الصحيح، أمورٌ نلاحظ أنها تبدأ بالبروز عن أشخاص بعينهم منذ الطفولة، لكنها دون تشذيب لا تصل بصاحبها إلى دفة القيادة. فالمرء يحتاج إلى أن يوضع في تجارب حقيقية أو تخيلية (محاكاة) من أجل تحفيزها وصقلها، وهو هنا مخير في أن يقدم بشجاعة على تلقي هذه الدروس التي تهبها الحياة أو حتى عبر الدورات التدريبية وبين أن يؤثر السلامة والراحة.


وعودة إلى الأخوين ميلاباند، فقد فاز إدوراد ربما لأنه ظهراً جريئاً وواثقاً في حملته الانتخابية، ولأنه راهن على قيادات النقابات العمالية الكثيرة في بلاده، فقد استمع لمشكلاتهم وحاورهم واستطاع أن يظهر كشخص متفهم بصدق لمتطلباتهم في المرحلة المقبلة وقدَّم تصوراً مقبولاً لهم عن كيفية الوصول إليها..فلم يكن غريباً إذن أن يختاروا الشخص الذي سيأخذهم معه إلى هدفهم قائداً لهم.


هل تريد أن تكون قائداً؟ إذن اخرج من منطقة الراحة وتعلم كيف يتصرف القادة مع من حولهم.


المقال في القافلة الأسبوعية

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 20, 2010 23:20
No comments have been added yet.


مرام عبد الرحمن مكاوي's Blog

مرام عبد الرحمن مكاوي
مرام عبد الرحمن مكاوي isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow مرام عبد الرحمن مكاوي's blog with rss.