في المنطق الرياضي ( 4 ) حساب القضايا



ذكرت فيما سبق ان صحة الحجة تعتمد على صحة صورتها ، وان صحة الصورة تعتمد على استخدام كلمات معينة مرتبة ترتيبا معينا . هذه الكلمات تسمى روابط قضوية او روابط منطقية ، وقد سميت روابط قضوية لانها تربط بين قضايا تقريرية او قضايا خبرية ، أي قضايا يمكن ان تكون صادقة او كاذبة . هناك قضايا لا نستطيع ان نحكم عليها بالصدق او الكذب ، مثل الاسئلة كأن نقول  " هل اكلت امس ؟ " ، ومثل الاوامر " لا تكذب " ، والدعاء .. الخ . مثل هذه القضايا الاخيرة لا تدخل في حساب القضايا في المنطق الحديث .    خمسة روابط قضوية سنهتم بتحديدها وتعريفها واعطائها رمزا محددا مختلفا عن نوع الرموز المستخدمة لتحديد المتغيرات القضوية .  هذه الروابط هي :  1 - رابط النفي وهو " ليس "2 – رابط العطف " الواو "3 – رابط الفصل " اما … او … "4 رابط الشرط " اذا كان …. فان … "5 – رابط التكافؤ او التشارط " … اذا وفقط اذا … "
- رابط النفي :    وهو ما يقابل " ليس " في اللغة ، وسنعطيه الرمز " ⌐ " ودوره مثل دور اداة النفي في العربية . لكن في اللغة العربية تستخدم كلمات متعددة للتعبير عن النفي غير " ليس " . مثل " لا " و " لم " .لكن في المنطق سنشير لاداة النفي دائما بنفس الرمز . مستخدمين لغة الصدق ( أي مطابقة الواقع ) والكذب ( أي عدم مطابقة الواقع ) . سنستخدم الرمز كي ننفي قضية معينة . لو رمزنا للقضية بالرمز ( ق ) فإن نفيها سيكون ( ⌐ ق ) ، سيكون دور الرمز كدور اداة النفي أي انكار قضية معينة . لو كانت نفيها او انكارها سيكون كاذبا ، ولو كانت القضية كاذبة فإن نفيها يكون صادقا ، رغم اننا نسمي اداة النفي رابطا ، إلا انه ليس بالدقة الكافية ، فالنفي يدخل على قضية واحدة بسيطة كانت او مركبة . سنجد ان باقي الروابط على عكس النفي هي روابط فعلية تربط بين قضيتين بسيطتين او مركبتين او خليطا من القضايا البسيطة والمركبة – كما سيتبين فيما بعد - . بالطبع يمكن لنا ان ننفي قضية منفية كما نفعل في اللغة العادية . في هذه الحالة سندخل رمز النفي على صيغة منفية هكذا " ⌐ ⌐ ق " وهي كقولك " ليس ليس الانسان ضعيفا " .
-        رابط العطف :
  هو حرف الواو في اللغة العربية . سنرمز له هكذا " ^ " . سنستخدم هذا الرمز كاستخدامنا للواو في الربط بين قضيتين . هكذا " ق ^ ل " . وهي كقولك " اليوم هو السبت والساعة الخامسة مساء " ، حيث عوضنا عن القضية " اليوم هو السبت " بالرمز " ق " وهو المكون الاول في الصيغة العطفية ، وعوضنا عن القضية : الساعة الخامسة مساء " بالرمز " ل " وهو المكون الثاني للصيغة العطفية .     نعرف الصيغة العطفية بأنها تصدق اذا صدق مكونيها ، وتكذب اذا كذب احد المكونين او كلاهما . لابد ان اذكر ان هناك بعض الفروق بين استخدام العطف في المنطق عنه في اللغة العادية :    أ – لابد ان يربط رمز العطف   " ^ " بين قضيتين . اما الواو فيمكن ان تربط حدا بقضية مثل قولنا " اثنين واثنين يساوي اربعة " .    ب – لا يهتم بترتيب مكوني الصيغة العطفية في المنطق . اذ يمكن ان نغير مواضع المكونين دون تغيير صدق او كذب الصيغة : فالصيغة العطفية تصدق اذا صدق المكونين ، وتكذب اذا كذب واحد منهما او الاثنين ، ولا ذكر للترتيب هنا ، بينما يكون لترتيب القضايا في العطف المستخدم في اللغة العادية اهمية في بعض الاحيان ، كقولنا : " طبخت آمنة الاكل ووضعته في في طبق " . في هذا المثال لا نستطيع ان نضع المكون الثاني مكان الاول والعكس .  ج – لا يهم في المنطق ما اذا كان معنى القضيتين المرتبطتين بالرمز " ^ " مرتبطتين ببعض ، بينما  نطالب بذلك في اللغة العادية . اذ لا نستطيع ان نقول في اللغة اليومية " اليوم السبت ، واثنين زائد اثنين يساوي اربعة " لكن كما ذكرت من قبل ، نستطيع ان نفترض في الصيغة " ق ^ ل " بدل المتغيرين " ق " و " ل " بأي قضية تقريرية نشاء حتى لو لم يكن هناك تقارب بين معنييهما .-        رابط الفصل :    نعني بالفصل قولنا " اما …. او …. " ، سنستخدم الرمز " ˅ " . للتعبير عن ذلك تأخذ صيغة الفصل الشكل الاتي " ق ˅ ل " ، وهي كقولنا " اما ان احضر المحاضرة او اذهب لزيارة صديقي " . يعرف الفصل في المنطق بأنه يصدق اذا صدق احد المكونين او كلاهما ، ويكذب اذا كذب المكونين . نستخدم الكلمات " اما … او … " في اللغة العادية احيانا للتعبير عن ان قضية معينة صادقة او ان قضية اخرى صادقة ، ولا يمكن ان يصدقا معا او يكذبا معا كقولنا " اما ان يكون العدد زوجا او يكون العدد فردا " لكن واضح ان التعريف الذي اخذ به المناطقة المحدثون مثل برتراند رسل يختلف باعتبار ان مكوني صيغة الفصل قد يصدقان معا . بالطبع يستخدم الفصل في اللغة العادية احيانا كاستخدام المناطقة له . فاذا قمت بدعوى اصدقاء لك لبيتك واعددت لهم اما القهوة او الشاي ، فان المقصود انك اعددت للاثنين معا . يجب ان نذكر ايضا ترتيب المكونين في صيغة الفصل لا يغير من قيمة الصدق والكذب لها . وصيغة الفصل في هذا كصيغة العطف .
-        رابط الشرط :            هذا اهم الروابط القضوية . نعني بالشرط قولنا : " اذا كان … فان … " سنستخدم السهم كرمز له :  " ← " . تاخذ صيغة الشرط الشكل التالي : " ق ← ل " . وهي كقولنا " اذا كان العدد زوجا فانه يقبل القسمة على اثنين " . يسمى المكون الاول في صيغة الشرط " المقدم " ويسمى المكون الثاني " التالي " . تعرف الصيغة الشرطية في المنطق بأنها تصدق اذا صدق المقدم والتالي ، واذا كذب المقدم وصدق التالي ، وتكذب اذا كذب المكونين معا . ولو غيرنا موضع المكونين فان قيمة صدق الصيغة ستتغير . لذلك اذا اخترنا رمزا معينا كمقدم فلابد ان نضل كذلك .     يثير التعريف الذي اعطيناه للشرط الكثير من الاسئلة . وهو بلا شك يبدو غريبا خصوصا اذا قارناه باستخدام الشرط في اللغة العادية . يلاحظ ان الصيغة الشرطية حسب تعريفها المنطقي تصدق اذا كذب المقدم والتالي . ولكن نجد في اللغة العادية قضايا شرطية يكذب مقدمها وتاليها ومع ذلك فهي كاذبة ، مثل قولنا " اذا كان عدد المتزوجين في ليبيا ستة عشر شخصا ، فان عدد المتزوجات اربعة " . وايضا فقد لا يقبل البعض ان تكون الصيغة الشرطية صادقة عندما يكذب مقدمها ويصدق تاليها . لكن سيتبين من استخدام الصيغة الشرطية فيما بعد ما يبرر التعريف المعطى لها في المنطق .   - رابط التكافؤ او التشارط :
       يعبر عن التكافؤ بين قضيتين في المنطق باستخدام التعبير " … اذا وفقط اذا … " وهو ما عبر عنه ابن سينا باستخدام الشرط مرتين . هكذا " اذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ، واذا كان النهار موجودا فالشمس طالعة " لكن بدل استخدام الشرط مرتين يسابق بأن نقول " الشمس طالعة اذا وفقط اذا كان النهار موجود " يعبر عن هذا التكافؤ او التشارط بين قضيتين بالرمز " ق ↔ ل " . هو يبين ان المكون الاول للصيغة يتضمن المكون الثاني ، كما ان المكون الثاني يتضمن المكون الاول . تصدق صيغة التكافؤ اذا صدق المكونان اوكذبا معا ، وتكذب اذا كذب احدهما وصدق الاخر .
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 04, 2014 09:04
No comments have been added yet.


عبد القادر الفيتوري's Blog

عبد القادر الفيتوري
عبد القادر الفيتوري isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد القادر الفيتوري's blog with rss.