Error Pop-Up - Close Button Must be signed in and friends with that member to view that page.

تجاوز الندرة..في تحولات المرأة السعودية


ما عجز عنه النفط من تغيير في بعض المسارات خلال أكثر من نصف قرن، جاء مع عصر الايفون وتطبيقات مواقع التواصل في سنوات قليلة. كان من أهم ملامح تطور نخب نسائية في مجتمعنا هو ندرتها العددية منذ السبعينات بالرغم من توسع التعليم لعدة عقود، حيث انحسر ظهورها في منابر ونشاطات محددة كالصحافة والثقافة، لضيق المساحة المتاحة في المجال العام، فحتى نهاية التسعينات الماضية كانت حالة التغيير في حياة المرأة شبه مجمدة في إطار محدد مع استمرار التوسع في تعليمها.




ما عجز عنه النفط من تغيير في بعض المسارات خلال أكثر من نصف قرن، جاء مع عصر الايفون وتطبيقات مواقع التواصل في سنوات قليلة. كان من أهم ملامح تطور نخب نسائية في مجتمعنا هو ندرتها العددية منذ السبعينات بالرغم من توسع التعليم لعدة عقود، حيث انحسر ظهورها في منابر ونشاطات محددة كالصحافة والثقافة، لضيق المساحة المتاحة في المجال العام، فحتى نهاية التسعينات الماضية كانت حالة التغيير في حياة المرأة شبه مجمدة في إطار محدد مع استمرار التوسع في تعليمها.

واجه تشكل النخبة النسائية ظروفا مختلفة عن عالمنا العربي، أخرت حضورها العددي وتنوعها، وظلت المقالة الصحفية والظهور الإعلامي التقليدي هو المتاح لظهورها في المجتمع العام.

ربيع المرأة السعودية الحقيقي والأوسع تأثيرا بدأ مع ظهور الانترنت وتطور تقنية الاتصال، وتجاوزت بذلك حواجز اجتماعية ودينية وسياسية، وكسرت عزلتها، والتي ربما ستتأخر زمنا أطول في متاهة صراعات وحسابات لا نهاية لها.

الانترنت في حالتها البدائية ساهمت في أولى سنوات ظهورها في حدوث وعي جديد، واحتكاك وتمازج الوعي بين الجنسين خلال التفاعل اليومي مع كل قضية وحادثة في المجتمع، وتجاوز مشكلات مسألة الاختلاط، وأعادت تأسيس قيم أخرى لمفهوم العيب الاجتماعي. بدأت تظهر شخصية المرأة السعودية للمجتمع على حقيقتها، وأصبحت طريقة تفكيرها وهمومها وتفاعلها مع قضايا الشأن العام بدون وسيط يعبر عنها.

الطفرة الأهم التي أدت إلى اتساع دوائر الاتصال واشتراك مختلف النساء والأعمار ومستويات التعليم حدثت مع انتشار الأجهزة الذكية، ومواقع التواصل وتبادل الصور الحية، فخلال سنوات قليلة بدت طفرة تغيير داخلية في بنية الأسرة التقليدية وسلوكياتها، وتبادل ثقافي اجتماعي كبير في العادات اليومية والحفلات والسفر، وكسر الحدود بين الأسر المحافظة والأسر الأكثر انفتاحا، وتأثرت الأسر المتوسطة الدخل بتفاصيل عادات الأسر الغنية.

فقد تحول السفر السياحي إلى الخارج إلى مجال تنافسي بين الكثير من الأسر، وتبادل صور الرحلات. ومع أن السفر إلى الخارج ظل موجودا منذ السبعينات وكان محصورا عند أسر محدودة، لكن مرحلة الصحوة بين منتصف الثمانينات ومنتصف التسعينات تحديدا، قدمت خطابا مقاوما لهذه العادة الصيفية، فأصبحت بعض الأسر تخفي سفرها إلى الخارج لأنه قد يؤثر على سمعتها، بعكس الآن الذي أصبح فيه السفر جزءا من البريستيج الاجتماعي.

هذه التحولات أظهرت سمات جديدة تميز خطاب المرأة السعودية في هذه المرحلة من أجيال مختلفة، برزت في قوة الشخصية، والثقة في التعبير عن الرأي، والجرأة في الطرح مع السخرية اللاذعة، والأهم تنوع الاهتمامات والقضايا، فلم تعد منمطة في مواضيع محدودة كما كان في الماضي، احترام لدور الرائدات في قضاياهن، وعدم ظهور صراع أجيال في العلن، يقدم العديد من الأسماء التي لم تعرف عن طريق الصحافة والإعلام التقليدي خطابا نقديا سياسيا واجتماعيا متقدما، مع صعوبة التصنيف الأيديولوجي التقليدي.

أهم ما يميز الخطاب الجديد الاتجاه العملي في تناول القضايا، وخلوه من الاستعراض والإثارة والمشاحنات الجانبية التي تسطح القضايا، وهذا ما نشاهده مثلا في انضباط خطاب المطالبة بالسماح بقيادة السيارة، حيث لم تستفز المشاركات لخروج المطلب من إطاره كقضية خدمية كغيرها من القضايا لمواجهة متطلبات الحياة اليومية، بعيدا عن الصراعات الدينية والسياسية بالرغم من محاولة البعض أثارتهن والتحريض ضدهن. أصبح الخطاب واقعيا، مع عدم التظاهر بالتمرد النضالي من أجل التمرد والاستعراض، وعدم الإغراق في نقد المجتمع والتباكي عليه كما في خطابات قديمة للظهور بمظهر متحضر ومتعال عليه، والإغراق في الجانب الديني لتحميله مسؤولية التأخر، فهناك اتساع في رؤية الأسباب بعيدا عن التنميطات الموجهة.

ولم يكن هذا التغيير المتسارع ليحدث لو أنه لم يحدث تغير اجتماعي يسمح لشرائح واسعة من نساء وفتيات المجتمع بالتواجد في مواقع التواصل، واستعمال مختلف تطبيقات الأجهزة الذكية. فالتقييم الاجتماعي الآن تجاوز شكليات معينة، وأخذ يهتم بمضمون المشاركة في قضايا الشأن العام في النقد السياسي والاجتماعي والديني.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 25, 2014 07:12
No comments have been added yet.


عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.