حقوق الأطفال وواجبات الوالدين

حقوق الأطفال وواجبات الوالدينعبدالله المطيري     حين كنت أعمل معلما في المرحلة الثانوية كان نقاش موضوع علاقة الطلاب مع والديهم من أكثر الموضوعات حساسية. من جهة كان كثير من الطلاب يعيش صعوبات ومشاكل ناتجة عن تلك العلاقة ولكنهم في ذات الوقت لا يفكرون في الموضوع أو يجدون صعوبة في التفكير فيه من منظور حقوقي. أعني بذلك أن الصورة التالية تبدو غريبة عليهم: للأبناء والبنات حقوق على والديهم لا يجوز للوالدين التفريط فيها. بلغة أخرى هناك حدود وخطوط حمراء تسمى حقوق الأولاد لا يحق للوالدين التعدي عليها. غرابة هذه اللغة ناتجة برأيي من مصدرين: الأول أن الثقافة المحلية تؤكد باستمرار على حقوق الوالدين ولكنها لا تعطي اهتماما مقاربا لحقوق الأطفال. بمعنى أن ما يتم الاهتمام به في المدارس والمساجد ووسائل الإعلام يتوجه لحقوق الوالدين ولا نكاد نسمع ما يقارب من ذلك عن حقوق الأطفال. المصدر الثاني برأيي يرجع إلى إيمان عميق ودفين بأن الوالدين أعلم بحقوق أولادهم وأن الأولاد ليسوا إلا جزئا وامتدادا لوالديهم. على سبيل المثال حينما كنت أتحدث مع طلابي عن الضرب وأحاول أن أفتح النقاش حول سؤال هل يحق للوالدين ضرب أولادهم وماهي الحدود الحقوقية التي تفصل الأولاد والوالدين أو تحدد علاقتهم كان كثير من الطلاب يستغرب هذه الأسئلة. طبعا يحق للوالدين ضرب أولادهم فالأولاد ملك لوالديهم: كانت هذه الإجابة الأقوى والأكثر حضورا. كنت هنا أضطر لضرب أمثلة متطرفة لفتح النقاش من جديد. كنت أسأل هل يحق للأب أن يغتصب ابنته؟ يجيب الطلاب بـ"لا" قويّة وهو ما يعيدنا لفتح السؤال من جديد عن ما يحق وما لا يحق للوالدين فعله مه أطفالهم.      ردود فعل الطلاب لم تكن غريبة بل هي أكثر تعبيرا تاريخيا عن الرؤى التي كنت أحملها. في الواقع أن مفهوم حقوق الأطفال وإن كان مفهوما منتشرا بقوة في العصر الحديث إلا أنه مفهوم جديد تاريخيا. على مدار قرون طويلة كانت حقوق الأطفال متروكة لوالديهم بشكل أساسي. بمعنى أنها مسألة متروكة للمجال الخاص داخل الأسرة ولا تشغل كثيرا مؤسسات الشأن العام الاجتماعية والسياسية. هناك أطروحتين أساسيتين خلف تلك الحالة. الأولى أطروحة أن الأطفال ملك لوالديهم والأطروحة الثانية أن الوالدين أعلم بمصالح أولادهم من أي أحد آخر.        الأطروحة الأولى: أن الأطفال ملك لوالديهم يتم التشريع لها كثيرا من منظورين أساسيين: منظور طبيعي ومنظور ديني. المنظور الطبيعي يقوم على فكرة أن الأطفال هم امتداد بيولوجي لوالديهم. في الأخير الطفل قد تشكل في بطن أمه بعد ممارسة جنسية شارك فيها الأب وهو بهذا جزء أساسي من جسدهما. هذا الإمتداد الطبيعي يجعل للأب والأم استحقاق الاشراف الكامل على هذا الطفل. الدعوى هنا معقولة ولكن لها نتائج مشكلة مثل هذه النتيجة: للوالدين استحقاق طبيعي بتربية أطفالهم وهذا الاستحقاق لا تستطيع أي جهة شخصية أو اعتبارية الحد منه أو تجاوزه. نلاحظ هنا أن مضمون هذه التربية متروك للوالدين. التأصيل الثاني لأطروحة أن الأطفال ملك لوالديهم تأصيل ديني. إسلاميا يتم الاستشهاد كثيرا بحديث "أنت ومالك لأبيك" كأساس لهذا المعنى. هذه الملكية تنتج ما هو متعارف عليه في الفقه الاسلامي أن الوالد لا يقتل  بولده الواردة في حديث "لا يقتل والد بولده".       الأطروحة الثانية أي أن الوالدين أعلم من غيرهم بمصالح أطفالهم هي أطروحة نفعية. بمعنى أنها تقول أن من الخير والنفع للأطفال أن نعطي والديهم استحقاق تربيتهم بالكامل لأنه لا يوجد من هو أحب لهم وأكثر حرصا على مصالحهم. نجد لهذه الأطروحة صدى في حديث الناس حين نرى سلوكا عنيفا مستنكرا لأب ضد ابنه ثم يأتي التبرير: هو أعرف بمصلحة ابنه. تاريخيا نعرف أن هذه الدعوى ليست دائما صحيحة. نعرف كثيرا أن الأهالي قد ربّوا أولادهم على أفكار ضارة وضد مصالحم بشكل واضح. كذلك نعرف أيضا قديما وحديثا أن الوالدين لأسباب نفسية أو جسدية قد يعجزون عن تحديد النافع من الضار لأولادهم بل وقد يصبح مجرد وجود الأطفال معهم خطرا واضحا ومباشرا.    غالب الدعاوى السابقة لا تخلوا من حقيقة. الأولاد هم فعلا امتداد بشكل وبآخر لوالديهم والعلاقة التي تجمع الطرفين هي من أهم العلاقات وأكثرها تأثيرا في حياة الإنسان. العلاقة العاطفية بين الوالدين وأولادهم لا شبيه لها وتعتبر الدافع الرئيس لعدد هائل من أعمال الرعاية والعطف والحب التي يقوم بها البشر في كل لحظة تجاه صغارهم. لكن ما يود هذا المقال استثارته هو عن أثر تلك الدعاوى على حياة وحقوق الأطفال. الأطفال وإن كانوا امتدادا لأهاليهم إلا أنهم يستقلون بذواتهم وتصبح لهم حياتهم الخاصة المستقلة. الطفل لم يختار والديه وبالتالي فإنه من الصعب جعل علاقته معهم جبرية. إذا لم تكن العلاقة لخير الطرفين فإنه من الصعب الدفاع عنها. الحديث عن طرفين في العلاقة بدلا من الحديث عن طرف واحد له امتداد هو لب الحديث عن حقوق الأطفال. بمعنى أن الأطفال ينظر لهم هنا على أنهم كائنات مستقلة لها استحقاقاتها الخاصة. العلاقة الأسرية بالتأكيد هي أولى وأفضل إطار للعلاقات التي يفترض أن تتحقق داخلها حقوق الأطفال ولكن هناك حدود على تلك العلاقات بحيث لا تؤدي إلى إلحاق أضرار بحياة الطفل يبقى عائقا في طريق حياته طول العمر. بقدر ما للأسرة استحقاق في تولي مسئولية العناية بأطفالها بقدر ما عليها مسئولية وواجبات أخلاقية وحقوقية في أن تكون هذه العناية تصب في صالح الطفل وتهيء لها فرص الحياة الكريمة. لعل هذه الجدلية بين الحق والواجب أن تكون موضوع حديثنا المقبل.  كثيرا مؤسسات الشأن العام الاجتماعية والسياسية.  هم.  وما عن حقوق الأطافل. ال
http://www.alwatan.com.sa/Articles/De...   
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 14, 2014 14:37
No comments have been added yet.


عبد الله المطيري's Blog

عبد الله المطيري
عبد الله المطيري isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد الله المطيري's blog with rss.