"المسلمون غير سعداء".. ولوم الغرب
نشر المغرد أسامة الجامع في تويتر في الشهر الماضي، ترجمة عربية لنص في صفحة واحدة بعنوان «المسلمون غير سعداء» يقول إنه نشر كتعليق في قناة CNN، والواقع أنه نص قديم منذ سنوات عديدة، تناقلته حسابات أجنبية كثيرة ومدونات بإعجاب. هو موجه لنوع من الذهنية الغربية التي تنظر باستعلاء واحتقار لعالمنا. استقبلت هذه التغريدة بعد ترجمتها بعدد كبير من الرتويت بالآلاف، مع انتقالها إلى حسابات كثيرة، ومواقع التواصل الأخرى. هذا التعليق يتميز بأنه اختزل بسخرية صورة محزنة لحالتنا العربية والإسلامية مع الإشارة لأغلب الدول، ولمن يوجهون اللوم؟
نشر المغرد أسامة الجامع في تويتر في الشهر الماضي، ترجمة عربية لنص في صفحة واحدة بعنوان «المسلمون غير سعداء» يقول إنه نشر كتعليق في قناة CNN، والواقع أنه نص قديم منذ سنوات عديدة، تناقلته حسابات أجنبية كثيرة ومدونات بإعجاب. هو موجه لنوع من الذهنية الغربية التي تنظر باستعلاء واحتقار لعالمنا. استقبلت هذه التغريدة بعد ترجمتها بعدد كبير من الرتويت بالآلاف، مع انتقالها إلى حسابات كثيرة، ومواقع التواصل الأخرى. هذا التعليق يتميز بأنه اختزل بسخرية صورة محزنة لحالتنا العربية والإسلامية مع الإشارة لأغلب الدول، ولمن يوجهون اللوم؟
تحت العنوان كتب بعدة أسطر مكررة أسماء دول عديدة «هم غير سعداء في غزة، في مصر، ليبيا، المغرب إيران العراق اليمن... إلخ». ثم يسأل في سطر جديد «إذا، أين ما هم سعداء فيه؟» ثم يشير لكثير من الدول: «هم سعداء في أستراليا، كندا، إنجلترا، فرنسا، أمريكا... إلخ» بعد هذا التقرير الطويل والمبسط يقول «في الحقيقة هم سعداء في كل دولة ليست مسلمة، لكنهم ليسوا سعداء في الدول المسلمة!» بعدها يسأل «لكن من ترى يلومون؟ «ثم يجيب في كل سطر وكأنها قصيدة نثر..» ليس الإسلام، ليس قياداتهم، ليس أنفسهم.. هم يلومون الدول التي هم فيها سعداء، ثم يريدون تغييرها لتكون مثل الدول التي هم ليسوا سعداء فيها!» بالرغم من أن جزءا من الصورة حقيقي، وليس مبالغة فالأحوال في عالمنا ليست سعيدة، ولهذا أعجب بها القارئ العربي بعد ترجمتها مع أنها تحوي مغالطات واحتقارا له، وكان الاعتراض في بعض التعليقات حول مفردة سعداء وغير سعداء من الناحية الروحانية، وهذا لا علاقة له بفكرة النص، وإنما هو وصف للأوضاع السيئة هنا والجيدة هناك.
ما هي المغالطات التي تنطلق منها هذه الذهنية في نقد عالمنا العربي، فهي تقرر أشياء ليست حقيقية عند فحصها، أو تخلط ما هو حقيقي لكن توسعه بصورة فجة. فعندما يسأل «يا ترى من يلومون». زعم أنهم لا يلومون قادتهم! والواقع أن عالمنا مشحون جدا بنقد السلطة، وإن كان بعضه غير علني لأسباب أمنية لكنهم يحملونهم الكثير من المسؤوليات بصورة أحيانا تكون مفرطة، وغير عقلانية. وزعم أنهم لا يلومون أنفسهم، فالواقع غير ذلك فالسخرية من الذات وصلت إلى حد فقدان الثقة، والشعور بالعجز الحضاري والتخلف، ولوم الذات والسخرية منها، ليس نادرا بل شائع شعبيا. ومع ذلك تبدو هنا مشكلة في الخطاب الديني أنه يميل إلى لوم الذات من الناحية الروحانية وليس المنجز الدنيوي.
وأشار إلى أنهم لا يلومون الإسلام، والواقع أن هذه حقيقة، ولها أسباب يطول شرحها، لكنهم كثيرا ما يلومون فهمهم للإسلام وسوء تطبيقهم له. هذه اللفة الطويلة من كاتب النص.. أراد أن يقول بأنهم يلومون الغرب، ويريدون تغييره ليكون مثلهم كخلاصة للسخرية! وهو بهذا يختزل رؤية دينية متشددة موجودة في الغرب وفي عالمنا ليجعل منها رؤية عامة. لا أريد أن أنزلق لنوع من الطرح العربي والإسلامي المتشدد الذي يفرح بهذه النوعية من الكتابات الغربية المحتقرة لنا.
فمع كل هذا تبقى إشكالية مرضية لدينا في لوم الغرب، ولماذا وجدت في عالمنا العربي!؟ وقد انتقدت في كتابات قديمة ومتكررة هذا الاتجاه في تحميل الغرب مسؤولية أخطائنا، والواقع أنه مرض نخبوي أكثر منه شعبي، فأبناء هذه الشعوب يتسابقون للهجرة للغرب ويحلمون بها لو سمح لهم. لا بد أن نفهم الإطار التاريخي الذي وجد فيه هذا الخطاب اللوام للغرب. لن تجد في عالمنا العربي من يلوم اليابان والصين وكندا ودولا عديدة متقدمة، لأنها لم تتورط في مشكلات سياسية مزمنة في عالمنا. فسبب هذا الاتجاه اللوام للغرب هو الخطابات القومية واليسارية التي شكلت جزءا من ذاكرتنا العربية بعد الاستعمار مع استمرار قضية فلسطين بدون حل، وعلانية الدعم الغربي وبالذات الأمريكي في إقامة الكيان الصهيوني، ودعم أنظمة مستبدة بصورة يصعب المغالطة حولها. هذا الجانب من اللوم حقيقي وليس وهميا، لكنه للأسف أخذ ينزاح مرضيا لمجالات ثقافية عديدة أخرى. ثم جاء بعده الخطاب الإسلامي ووسع دائرة اللوم للغرب وربطها بأبعاد دينية مع فقه وعظي غير متزن، وتطورت عقلية اللوم هذه حتى وصلت إلى خطاب الإعلام الرسمي بعد الربيع العربي.
عبد العزيز الخضر's Blog
- عبد العزيز الخضر's profile
- 44 followers
