ماكي أم مايكروسوفتي؟

لو كنتم من مستخدمي الشبكات الإجتماعية الإنترنتية مثل توتير أو فيسبوك أو غيرها فإنك ربما شهدتم نقاشاً ساخناً حول هذا المنتج الإلكتروني أو ذاك، سواء كان ذلك في مجال الحواسيب المحمولة أو الهواتف الجوالة أو أجهزة المشغلات الصوتية الخفيفة أو أخيراً القواريء الرقمية والتطبيقات والبرامج المختلفة. والخصمان الواضحان في هذه المعركة هما بشكل رئيسي منتجات شركتي أبل ومايكرسوفت العملاقتين، وستدخل شركة البلاكبيري في مجال الهواتف المحمولة وشركتي أمازون وسوني حين يكون الحديث عن الكتب الرقمية. وربما لفت أنظاركم أن البعض يضمن التفاحة المقضومة الشهيرة في معرفه الخاص ليظهر ولعه الشديد بأبل، بينما يعلنها آخر بصراحة وفخر في الخانة المخصصة للسيرة الذاتية المختصرة.


في بيئة عربية تعتز كثيراً منذ القدم بالتفاخر بالأحساب والأنساب والمناطق والدول، فإنه من المثير للاهتمام أن نجد جيلاً شاباً يتخلى فجأة عن كل ذلك ويبدأ في التعريف بنفسه من خلال نظام التشغيل الذي يستعمله أو الجوال الذي يحمله، وكأنه يصنع لنفسه هوية جديدة، ويمد له نسباً مع أقرباء جدد تربطه بهم رابطة عشق منتج تقني!


قد يرى البعض هذا تحولاً إيجابياً من التعصب لأمور لا دخل للإنسان بها مثل النسب والقبيلة إلى الاعتزاز بهوية جديدة يختارها الإنسان بنفسه وليست حكراً على أحد، مادام أي شخص قادر على الانتماء للقبيلة الجديدة ودون استئذان، وهذا إلى حد ما صحيح. لكن الجانب الغير إيجابي في هذه الناحية هو التعصب. فحين يتطاول شخصان على بعضهما بسبب الآيفون والبلاكبيري ورغبة كل شخص في إقناع الآخر بأن منتجه هو الأفضل، أو حين يعلن موقع ما بأنه لا يدعم متصفح الانترنت اكسبلورير أو سفاري، وكأنه يطرد بقية المستخدمين.. هنا يصبح الأمر غير محبذاً.


أضف إلى ذلك أن فكرة أن يستمد المرء قيمته ومكانته من شيء مادي هي فكرة سيئه، فهنا يتم استبدال القيمة التي يمنحها النسب أو المال أو المنصب، وهي قيم تناضل الإنسانية من أجل تحرير الإنسان من سلطتها، إلى قيمة أخرى تبدو مختلفة ظاهرياً ولكنها تدور في الفلك نفسه، ويؤمن بها الشباب المتحمس ذاته الذى يحارب هيمنة القيم السابقة.


من حق كل شخص أن يعجب بما شاء، وأن يعبر عن ذلك الحب والإعجاب، ومن حقه أيضاً أن يتحدث عن منتجه المدهش كما يريد مبيناً ميزاته ومشجعاً للآخرين على اقتنائه، لكن عليه يتقبل فكرة أن هناك من يحس بالشعور نفسه تجاه المنتج الآخر، وأن لكل منتج فكري أو مادي بشري عيوب، وأن يدرك أنه مستخدم من ملايين المستخدمين لهذا الجهاز وليس المصمم أو المُصّنع أو المبرمج، وبالتالي فالناس حين  حين تعبر عن عدم إعجابها بالجهاز لا تنتقده شخصياً. وأنه لا يعمل كمدير تسويق للشركة، ولهذا لا يجب أن يحزن للسمعة السلبية التي قد تطلقها الشركات المنافسة أو محبيها ضد شركته المفضلة. وإن كان لا يستطيع فعلاً التخلص من هذا الشعور فربما سيكون من المفيد أن يحاول أن يجد عملاً مثل هذه في فروع الشركه المحلية، وبذلك يكون قد وظف شغفة الحاد في كسب عيشه.


والأهم من كل ذلك أن يعي تماماً بأن قيمته هو لا تستمد مما يلبس أو يستخدم من أجهزة تقنية، فقيمة الإنسان عظيمة عند ربه وتعززها إيمانه وأخلاقه واحترامه لنفسه وللآخرين.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 29, 2010 05:06
No comments have been added yet.


مرام عبد الرحمن مكاوي's Blog

مرام عبد الرحمن مكاوي
مرام عبد الرحمن مكاوي isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow مرام عبد الرحمن مكاوي's blog with rss.