“عالم يصلي”

في نهاية العام وجهت إحدى الصحف العالمية السؤال التالي إلى عدد من أبرز رجال العالم في دنيا السياسة والعلم والفن والأدب والاقتصاد والدين: “لو قيل لك في مستهل العام الجديد إن صلاة واحدة من صلواتك ستستجاب فماذا تكون صلاتك؟”
فجاءتها الأجوبة بما يشبه الإجماع:
“كنت أصلي من أجل السلام في العالم”
وعلق أحد الخبثاء على الاستفتاء:
“أستطيع أن أصدق العالم والعامل، والفنان والفلاح، والأديب والجندي إذا هم أجمعوا على طلب السلام للعالم. ولكنني لا أستطيع أن أصدق رجل السياسة، أو رجل الاقتصاد أو رجل الدين.


السياسة لا تكون سياسة إلا إذا كان لها خصم تقارعه وتصارعه بالكلام حيث ينفع الكلام. وبالسيف حيث الكلام بدون جدوى. فتأخذ منه بالذراع. وتعطيه بالقيراط. فالسلام عليها حرام.
والاقتصاد خدين السياسة القديم وحليفها الحميم. إذا هي وسعت له وسع لها. وإذا هي ضيقت عليه اختنق فخنقها. والأرض لا تتسع إلى ما لا نهاية. بل لها حدود. أما مطامع السياسة والاقتصاد فهي بغير حدود. لذلك كان لا بد من الاصطدام بين سياسة وسياسة، واقتصاد واقتصاد. وحيث الاصطدام فلا سلام.
والأرض أديانها أكثر من أشجانها. وكل دين يدعي أن عنده اليقين كل اليقين، وأن غيره على ضلال مبين. وكلها يسعى للانتشار ويدعو لغيره بالاندثار. وأرض سكانها يتخاصمون بأفكارهم وقلوبهم وطقوسهم وعاداتهم ليس يجديها أن يقول أبناؤها بعضهم لبعض عند اللقاء: “السلام عليكم”. فهي والسلام في خصام.
ليصل العالَم ما شاء من أجل السلام. فستبقى صلاته كتابة على الماء، أو نفخة في الهواء.
لو كنت أحد الذين وجهت إليهم الجريدة سؤالها لأجبتها:
إن عالَم الأمس قد قرر عالَم اليوم. وعالم اليوم قد قرر عالم الغد – إلى حد بعيد. فعلام التمني؟ وعلام الصلاة؟ العقرب لن تكون حمامة. والحمامة لن تكون عقرباً”
هكذا علق ذلك الخبيث على استفتاء الصحيفة العالمية في مطلع العام الجديد.
| ميخائيل نعيمة | صلوات | من كتاب هوامش |
Filed under: من كتاب Tagged: ميخائيل نعيمة
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 23, 2014 18:41
No comments have been added yet.