“تلميذة تصلي”

عمرها تسع سنوات، واسمها سلوى. وأكره ما تكرهه الحساب. إنها تؤثر منظر الحيات على منظر الأرقام.
تخدر دماغها، وزاغ بصرها تلك الليلة وهي تحدق إلى عملية حسابية في كتابها فلا تهتدي إلى حلها. والعملية كانت تطلب معرفة كمية النقود التي أعطتها أم فريد لابنها عندما أوصته أن يشتري لها سبع بيضات، وتسع أواق من السكر، وثلاث أواق من البن. فاشترى الولد البيضة بتسعة قروش، وأوقية السكر بثلاثة عشر قرشاً، وأوقية البن بخمسة وتسعين. ورد لوالدته خمسة وثلاثين قرشاً.
وعندما أعياها حل العملية واشتد بأجفانها النعاس انطلقت إلى سريرها وهي تلعن أم فريد وفريدها والذين اخترعوا الحساب ليعذبوا به فتاة مثلها. وكانت صلاتها، وهي تغمض عينيها:
“يا ربي اجعل معلمتنا تمرض غداً”.
ولشد ما أذهلها أن تنهض في الصباح فتسمع أهل بيتها يتداولون في أمر وفاة معلمتها المفاجئة. لقد ماتت المسكينة في الليل بسكتة قلبية.
وخيّل إلى الفتاة الصغيرة أن صلاتها هي السبب في موت معلمتها. فطفقت تبكي وتلطم خديها بيديها وهي تخاطب نفسها، ثم ربها، فتقول:
“يقصف عمرك يا سلوى! ولكنني يا ربي لم أطلب لها الموت. وطلبت لها المرض فقط…”.
| ميخائيل نعيمة | صلوات | من كتاب هوامش |
Filed under: من كتاب Tagged: ميخائيل نعيمة
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 16, 2014 05:18
No comments have been added yet.