تقارير "أبدى مغردون..."!


غلطة فادحة هنا




غلطة فادحة هنا.. تعني هاشتاقا ناجحا هناك.. بعدها تبدأ محاولات الاستدراك بالنفي، ولا صحة لذلك، والأمر تحت الدراسة.. من هذا المسؤول أو تلك الشخصية المعبرة عن تيار أو جهة ما. في حالات عدة يبدو الخطأ ليس في صحة الخبر أو زلات اللسان البشرية، وإنما في طريقة التفكير. تحولت الهاشتقات في تويتر إلى قصة موازية لأي حدث، وأحيانا تبدو حدثا بذاته، وأصبحت تغطى عبر تقارير صحفية في مناسبات مختلفة. بعيدا عن الملاحظات الجانبية حول المهنية أو الموضوعية.. فإن بعض التقارير يستوقفك فيها حجم المغالطات.. وكأن الصحفي يظن أن الهاشتاق تقرير ميداني يصعب التأكد من محتواه إلا بجهد وتتبع ميداني، وليس مجرد زر وكلمة لنعرف ماذا أبدى هؤلاء المغردون.. وهل التقرير معبر عن روح التفاعل وفقا لمعايير هذا الفضاء!؟ وإذا تجاوزنا تقارير تعبئة الفراغات، وتمشية الحال التي يطلبها العمل الصحفي، فالمشكلة أن بعضها يعبر إما عن سذاجة في فهم فضاء تويتر أو محاولة تذاكي ومغالطة لتصوير الواقع بغير حقيقته على طريقة «وقد أبدى مغردون في هذا الهاشتاق استياءهم حول هذه القضية..»، «مغردون يتعاطفون...»، «مغردون يطالبون...» إلخ.

تبدو الرداءة المهنية في أسوأ مظاهرها عندما يكون التقرير المعد والهاشتاق من مصدر واحد لمغردين تربطه علاقة بهم، لإنعاش هاشتاقهم في عمليات تنفس صناعي والدعاية له. تستطيع بعشرة مُعرِّفات أن تغرد بموضوع معين فيه نكاية أو مدح لجهة أو شخص، وأن تحصل على بضع مغردين عابري سبيل، ثم تكتب عنه تقرير بأسلوب «أبدى مغردون...» مع أنه ليس كل ما «أبدى مغردون...» معتبرا وفق معايير هذا الفضاء، وليس كل هاشتاق له قيمة. في تويتر عدد لا يمكن حصره من الهاشتقات الميتة جدا، ومجرد وجود عنوان محدد لهاشتاق، لا يسمح لنا بأن نقدم انطباعات عامة ونبني نتائج ونعطي أحكاما عن وعي المجتمع أو رؤية تيار أو جهات معينة، بدون استحضار معطيات ضرورية لخلق رؤية واقعية ومتزنة.

وحتى ذلك الكاتب أو المثقف الذي من المفترض أن يكون واعيا بهذه التفاصيل، إلا أنه من أجل معارك جانبية شخصية.. يقدم نفسه كبريء وكأنه «ما يدري»، فيبدي استياءه من أوضاعنا والجهل؛ لأنه وجد هاشتاقا ميتا لشخص أحمق، أو مُعَرِّف يتحامق..! الهاشتاق ليس بحاجة إلى ترخيص ورقم..حتى يتظاهر بصدمة متكلفة من وجوده، أو يظهر تعجبا استعباطيا وكأنه أمر لا يصدق! ومع ذلك تجده يشارك في تسويق هاشتاقات مضرة بالوعي.. وهو يتباكى على الوعي العام. في حالات كثيرة يكون عنوان الهاشتاق مختلفا عن مضمونه ومحتواها مناقضا لما يريده من وضعه في البداية، وأذكر أن هاشتاقا متطرفا وضع ليتعاطف مع عملية تفجير استهدفت مستشفى العرضي في اليمن، وتعامل معه مثقف بهذا الأسلوب المباشر من عنوانه.. لكن عندما تعود لمطالعة المحتوى ستجد أن الرأي السائد من المغردين هو إدانة قوية للحدث.

إن وضع عنوان لافت للهاشتاق ومتطرف أو مثير أحيانا هو وسيلة من وسائل شهرته يضطر لها المغرد، ويبدو عنوان الهاشتاق أحيانا كتغريدة بذاته، فيعبر عن فكرته بجملة. لكل هاشتاق عمر خاص فهناك الناجح على مستوى العام كله وحقق شهرة كبيرة، وهناك الناجح على مدى زمني أقل في الشهر أو الأسبوع، وأحيانا ينجح الهاشتاق خلال ساعات معدودة ويحقق متابعة كبيرة، ثم تأتي محاولات أخرى لتشتيته وتغيير اتجاهه عبر الإغراق لكن بعد أن يكون حقق هدفه.. وانصرف عنه المتابعون.

عندما يفرض محتوى هاشتاق نفسه بقوة، ويصبح قضية رأي عام، يطرح بعض أصحاب الرؤى التقليدية بأنه من جهات أجنبية أو مشبوهة، وكأن إنشاء الهاشتاق صفقة معقدة، في هذا الفضاء لا يهم عادة من وضع الهاشتاق فهو ليس منتدى الكتروني يتحكم فيه من وضعه، الغالبية لا تهتم بمن وضع هذا الهاشتاق أو ذاك، فمن وضع هاشتاق «متصدر لا تكلمني» هو مشجع هلالي.

كثير من المعلومات والأرقام التويترية ليس لها معنى ومضللة، بدون خبرة ووعي بالمحتوى وقدرة تحليلية على تفسير ظواهر كثيرة. الزمن التويتري مكثف وقصير جدا، لكنه يتكرر ويعيد نفسه باستمرار، قوته في عشوائيته في غرس رسائله في توجيه الرأي العام، وباهت ومكشوف عندما يكون موجها في بعض حالاته.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 22, 2014 16:10
No comments have been added yet.


عبد العزيز الخضر's Blog

عبد العزيز الخضر
عبد العزيز الخضر isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد العزيز الخضر's blog with rss.