فكري

ذلك الرجل الصغير
تراه فتحسبه صينياً او كورياً مثلاً
شديد البياض مدور قصير و ذا وجه صيني
و لكن لما ذهبنا بمعيته
ضمن ناديه الاجتماعي بالكلية
مشرفاً علينا
أثبت لنا بما لا يدع مجالاً للشك
ربما أثبت لنا أكثر مما يلزم
انه يعرف كليتنا
و مزرعة الجامعة في ديراب التي كنا ذاهبين اليها
و الطريق اليها و المعالم التي نمر بها
في الطريق
اكثر منا و من اللي خلفونا

لما وصلنا
فاجأنا بعدة الطرب تنزل
العود و الايقاعات و الامبليفاير الصغير
و السماعات و المساند
وضع لنا الاستاذ فكري برنامجاً مقتضباً
صغيراً و حاسماً
هيا تروحو تتفرررجو على المزرعااا
و بعدين تجو بعد عشرة دقايق فطوررر
بعدها و كنا ننظر متشوقين لعدة الطرب
أنزل سفر الاغاني الضخم
و هو دفتر كبير مهلهل قليلاً
لكثرة ما استخدم و قلب
مكتوب عليه بخطه الكبير الاحرف البشع
كلمات و قصايد
مع شخبطات جانبية غير واضحة

بعد بدء الجلسة
و انتظامنا جالسين على شكل حلقة
بين أشجار العنب و الرمان و النخيل تحف بنا
احتضن فكري العود
بصعوبة نوعاً ما لقصر يديه
أعلن نوع الغناء بكلمة واحدة
دحين كسرات
دررن
يم العباية
دررن
نظر الى الطالبين المكلفين بعزف الايقاعات
نظرة حملها بعض المغزى الجاد
ان استعدوا ربما
ثم هز رأسه عدة مرات ليبدأوا
و بعد بدايتهم المتعثرة قليلاً
انتبه الى عوده و بدأ العزف
و كان قد حملنا مسئولية نعنشة الجلسة
تررا ازا ما تردوا ما بكمل غونا

و بعد كل اغنية
بعد ان يوقفها بطريقة عسكرية مضحكة قليلاً
يتجاسر على الدفتر من وراء العود
يقلبه
يمين يسار ثم يمين قليلاً
و بعد اغنيتين ثلاثة كسرات
حسب تعبيره
خش على طلال اغنيتين
ثم ام كلسوم
و فريد
و لدى تساؤل احد العرابجة المحليين
عن اغنية بشير الفلانية
او اغنية فهد بن سعيد العلانية
اتضح انه يعرفها كلها
و لدى كل سؤال
لا يبين انه عرف
يعبس فقط بحواجبه و يقول للسائل اصبر شويا
ثم يفاجئه بعد تفتيشه في الدفتر بها
كل اغاني العالم كانت في ذلك الدفتر

لا أدري عن شعور تلك الجلسةأكان طرباً
الاغلب انه كان مجرد دهشة
و اختبارات متتالية لمحفوظات و مواهب
و أصالة
ذلك ال فكري
كنا نصفق قليلاً بشكل آلي
و نردد
و صوته كان مؤدياً و لكن باردا
ساهم في ذلك ملامح الوجه
و انعدام الدوافع

قفزنا بعدها من استعراضٍ لاستعراض
فعمل لنا المندي
و كان شعور اكله مشابهاً لشعور اغانيه
و شرح لنا عن انواع التمر
و العنب المحلي
و تاريخ المنطقة
و أهمية و طريقة عمل ادشاش الاقمار الصناعية
المطلة علينا في مزرعة ديراب تلك

و في الكلية بعد ذلك اكتشفنا
لما ذهبنا لملاعب الجامعة
في تلك السنة الاولى
انه هو المشرف الرياضي كذلك
و بدلاً من ان يدع المنسوبين من اساتذة و طلبة يلعبون الكرة
كما تفعل الكليات الاخرى في الملاعب المجاورة
كان يمسك الكرة بيده
و يخضعنا لتمارين سويدية مملة
تأخذ علينا الوقت
فلا يتبقى منه الكثير للعب
كان رئيس قسمنا ينظر الينا و يتذمر
ياعم هات الكورة بئه
و كنا نضحك و نستغرب انصياعه لفكري
لماذا لا يأخذ الكرة عنوةً و يبدأ التقسيم
و اللعب
لكن دا فكري

عدت تلك السنة
و لم اعد اعرف ما حل بفكري
و بعد سنوات طويلة شاهدته في مدخل احد المباني
يرفل في ثيابه الناصعة البياض
و غترته الفخمة
وجهه لا زال كأن لم يكبر يوماً واحداً
و لم يطلع له شعر في وجهه بعد
ممسكاً بيد ابنته الصغيرة
و بجانبه زوجته الطويلة بعبائتها الانيقة
فكري فكري
استاذ فكري
بان انه سمعني و عبس
عبس و تولى
عذرته لوجود اهله معه و مضيت
هل يا ترى ما زلت تعذب من حولك يابو الافكار
بالغناء و التمارين السويدية
و هل
على الاقل ادخلت هذه التي بجانبك
بعض الدفء و الحياة
الى صوتك البارد المذعور

كسرات
آه يا فكري
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 27, 2013 22:56 Tags: الكلية-فكري-كسرات
No comments have been added yet.


اكتشاف النسكافيه

عبدون
لا نستطيع الحياة بدون الماء
او بشئ مما يمضغ
او من "التكاثر " او التعذر به
و ربما او بحائط خلف ظهورنا يشعرنا بالأمان
أو وهيمات نتعلق بها
أو شيئأ من اعتداد
و ربما ينفلب الى تذلل نستخدمه وقت الحاجة
و لكن أتعرف
س
...more
Follow عبدون's blog with rss.