عن كرنتينة نائل الطوخي
باسم زكريا السمرجي
يا عم أنا معاكم هنا غلط .. أنا كنت المفروض ابقى قاعد في البلكونة بالسيجارة اسمع أم كلثوم" هكذا قال لي نائل الطوخي في شهر نوفمبر الماضي حيث كنا نتحدث عن الثورة والأكشن المتعلق بها بينما نعد العدة لتناول بعض الأشياء التي يتناولها الشباب في هذه المرحلة الخطرة من العمر وغيرها من المراحل. تذكرت هذه العبارة وأنا أقرأ روايته الجديدة "نساء الكرنتينا" التي يبدو أنه قرر فيها أن يصحح ذلك الغلط لا بأن يعتزل العالم باحثا عن "سلامه النفسي" فالغلط ليس فيه وإنما في العالم، لذلك فإن ما فعله نائل أنه قفز بضع خطوات للمستقبل وأعاد النظر إلى حاضرنا – بعيون أبطال الرواية – بعد أن عدّل أماكن الخطوط الفاصلة بين الجد والمسخرة والواقعي والافتراضي، أو بمعنى أدق بعد أن أزال الخطوط الفاصلة بين الجد والمسخرة والواقعي والافتراضي لبخلق عالمه الخاص. فكما أعاد بيكاسو حكاية "اغتصاب نساء سابين"* أعاد نائل الطوخي حكاية أهل مصر في "نساء الكرنتينا" لتصبح حكاية الحكايات التي تضم بين جنباتها روايات بديلة تمتزج فيها حكاية خالد سعيد بفضة المعداوي وعلي وإنجي (التي تصبح إنشي على لسان أغلب أبطال الرواية) وحسب الله وعبد العال وعودة الروح وأبو زيد الهلالي وحارتنا التي آفتها النسيان ... إلخ إلخ
تدور أحداث "نساء الكرنتينا" في الأسكندرية على مدى زمني يمتد من أوائل القرن الحادي والعشرين حتى عقده السادس. رغم ذلك لا تجد الكاتب مهتما بإعلان موقفه السياسي من الثورة أو صعود الإسلاميين إلى الحكم أو كل ما "يجب" أن يأخذ منه "المثقف" موقفا. فالكاتب بدلا من أن ينشغل بالتصدي للمجتمع وكشف حقيقته وحقيقة منظومته القيمية العفنة استطاع بهدوء أن يلتقط أطراف خيوطه من الواقع لكن لينسج عالما خاصا تتضح معالمه منذ الصفحات الأولى من الرواية ويجبرك على الخضوع له ليتركك في آخر الرواية مبتسما رغم ما بذلك العالم من ملاحم تًكتب ودماء تنزف وأرواح تزهق
فوق كل شيء فإن ما "يُريح" القارئ وهو يتجول بصحبة أبطال الرواية بين "الكرنتينا" و"الكربنتينة" أن كل شيء يبدو طبيعيا جدا، فلا تشعر أن الكاتب مهتما بأن يضيف إليك أو أن ينير بصيرتك بأن "يعلّمك" شيئا يعلمه هو لا تعلمه أنت، بل إن الكاتب يقدم لك في "نساء الكرنتينا" وجبة دسمة من الإمتاع الصافي الرائق المنزّه عن ادعاء الإعلانات الثورية أو المواقف السياسية. بخفة وبدون فزلكة يقدم لنا نائل الطوخي في "نساء الكرنتينا" فلسفته الخاصة عن السلام النفسي الذي يجب أن يحل على العالم
------------------------------
* http://www.wikipaintings.org/en/pablo... لوحة اغتصاب نساء سابين لبيكاسو
يا عم أنا معاكم هنا غلط .. أنا كنت المفروض ابقى قاعد في البلكونة بالسيجارة اسمع أم كلثوم" هكذا قال لي نائل الطوخي في شهر نوفمبر الماضي حيث كنا نتحدث عن الثورة والأكشن المتعلق بها بينما نعد العدة لتناول بعض الأشياء التي يتناولها الشباب في هذه المرحلة الخطرة من العمر وغيرها من المراحل. تذكرت هذه العبارة وأنا أقرأ روايته الجديدة "نساء الكرنتينا" التي يبدو أنه قرر فيها أن يصحح ذلك الغلط لا بأن يعتزل العالم باحثا عن "سلامه النفسي" فالغلط ليس فيه وإنما في العالم، لذلك فإن ما فعله نائل أنه قفز بضع خطوات للمستقبل وأعاد النظر إلى حاضرنا – بعيون أبطال الرواية – بعد أن عدّل أماكن الخطوط الفاصلة بين الجد والمسخرة والواقعي والافتراضي، أو بمعنى أدق بعد أن أزال الخطوط الفاصلة بين الجد والمسخرة والواقعي والافتراضي لبخلق عالمه الخاص. فكما أعاد بيكاسو حكاية "اغتصاب نساء سابين"* أعاد نائل الطوخي حكاية أهل مصر في "نساء الكرنتينا" لتصبح حكاية الحكايات التي تضم بين جنباتها روايات بديلة تمتزج فيها حكاية خالد سعيد بفضة المعداوي وعلي وإنجي (التي تصبح إنشي على لسان أغلب أبطال الرواية) وحسب الله وعبد العال وعودة الروح وأبو زيد الهلالي وحارتنا التي آفتها النسيان ... إلخ إلخ
تدور أحداث "نساء الكرنتينا" في الأسكندرية على مدى زمني يمتد من أوائل القرن الحادي والعشرين حتى عقده السادس. رغم ذلك لا تجد الكاتب مهتما بإعلان موقفه السياسي من الثورة أو صعود الإسلاميين إلى الحكم أو كل ما "يجب" أن يأخذ منه "المثقف" موقفا. فالكاتب بدلا من أن ينشغل بالتصدي للمجتمع وكشف حقيقته وحقيقة منظومته القيمية العفنة استطاع بهدوء أن يلتقط أطراف خيوطه من الواقع لكن لينسج عالما خاصا تتضح معالمه منذ الصفحات الأولى من الرواية ويجبرك على الخضوع له ليتركك في آخر الرواية مبتسما رغم ما بذلك العالم من ملاحم تًكتب ودماء تنزف وأرواح تزهق
فوق كل شيء فإن ما "يُريح" القارئ وهو يتجول بصحبة أبطال الرواية بين "الكرنتينا" و"الكربنتينة" أن كل شيء يبدو طبيعيا جدا، فلا تشعر أن الكاتب مهتما بأن يضيف إليك أو أن ينير بصيرتك بأن "يعلّمك" شيئا يعلمه هو لا تعلمه أنت، بل إن الكاتب يقدم لك في "نساء الكرنتينا" وجبة دسمة من الإمتاع الصافي الرائق المنزّه عن ادعاء الإعلانات الثورية أو المواقف السياسية. بخفة وبدون فزلكة يقدم لنا نائل الطوخي في "نساء الكرنتينا" فلسفته الخاصة عن السلام النفسي الذي يجب أن يحل على العالم
------------------------------
* http://www.wikipaintings.org/en/pablo... لوحة اغتصاب نساء سابين لبيكاسو
Published on May 25, 2013 06:14
No comments have been added yet.


