في الواجهة أنت لا غير
منظر «سطح» مكتب الوزير أو المدير نظيفاً لا شك يبعث على الارتياح، إضافة إلى ارتياحه، فهو يستمتع بالرد على دهشة ممزوجة بالفضول من بعض زواره. كيف تمكّن من تنظيف مكتبه مع كبر حجم المسؤوليات؟ هكذا يبرز السؤال، في العادة يقال إنه «لا مركزي» استطاع تفويض صلاحياته لمساعديه، والآن يمزج معها القول إن الأعمال أصبحت إلكترونية، وربما وهذا الأقرب أن تكون الملفات أكواماً على مكاتب المساعدين.
في كل الأحوال تفويض الصلاحيات لا يعني تفويض المسؤولية، ومن يحتل الواجهة كرأس للجهاز المعني فهو المسؤول أمام الناس، وقد عايشنا إداريين أثبتوا نجاحاً واضحاً في بعض محطاتهم الوظيفية ثم انتكست النتائج في محطات أخرى! مع أن طريقتهم في الإدارة لم تتغير أو أنهم – كما نتوقع – لم يتغيروا! فكيف حصل هذا؟
قبل محاولة الإجابة عن السؤال، لا بد من ملاحظة مهمة يمكن اعتبارها خصوصية إدارية لدينا، وهي أن كبار الموظفين لا يتحدثون عن تجاربهم عندما يتركون الوظيفة أو تتركهم، وإذا تحدثوا لا يتطرّقون إلى تلك التجربة بعمق لحسابات عديدة معقدة، لذلك لا تتوفّر معلومات عن عثرات إدارية أو أخطاء أساءت لتجربة ومشوار قيادي، من هنا ليس أمامنا سوى الاجتهاد بحثاً عن الأسباب.
صحيح أن المركزية في العمل الإداري قاتلة وخانقة، ولها آثار سلبية، أدناها إعاقة سير العمل وارتباطه بشخص واحد هو مشغول أصلاً، لذا يتم تفويض الصلاحيات أو بعضها لتوفير مرونة أكبر وسرعة إنجاز، وهو أمر محمود لكن بشروطه، إذ إنه يعتمد في مفصله الرئيس على حسن اختيار المساعدين، والاختيار هو مشكلة المشكلات، إذ يحتاج إلى فراسة نادرة كما يكشف عن الرؤية والتوجهات! فإذا كنت تختارهم لأنهم من «الشلة» و «الجماعة» أو لديهم قدرة «منشفية»! أو «شفهية» تسهل الأمور، نشيدهم اليومي «ما فيه مشكلة» و «نشوف لها صرفة»، تأكد أنهم سيحصلون على ما يريدون، تاركين لك سواد الوجه. التفويض يحتاج إلى حسن الاختيار وحسن المراقبة، وإذا وقعت يا فصيح لا تصيح.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

