«كل فطير … وطير»

هذه من العبارات الشهيرة في سوق الأسهم، يرددها المضاربون في لعبة الدخول والخروج وهم يضحكون، ولا يعرف أحدٌ كم هو حجم القطعة المناسبة من الفطير ليتمكن من الطيران ذهاباً بأعلى قدر من الأرباح واحتمال الخسائر.

لكن هناك من يحصل على قطعة كبيرة من الفطير، وربما كل الفطير، حتى ذلك الذي لم يتم خبزه بعد! ويطير بهدوء، غير عابئ بالنتائج المستقبلية لذلك. وما دام أن الرادع الداخلي قد نُزع منه، ولا جهة رسمية توقفه في اللحظة المناسبة، فلماذا يتردد والفطير أمامه مع شهية مفتوحة مثل ثقب أسود.

قال رئيس مجلس إدارة شركة التعاونية للتأمين: «إن السبب الرئيسي وراء خسائر بعض شركات التأمين وتعثّرها، يرجع إلى تأسيسها من مستثمرين هدفهم الربح السريع، وطرح الشركة للاكتتاب العام، وبيع أسهمها بعد بضع سنوات بأسعار عالية من دون أن تكون لديهم خبرة كافية في قطاع التأمين ومخاطره المتنوعة وغير المعتادة، ما جعل هذه الشركات تعجز عن تحقيق أرباح أو تنفيذ مخططاتها التي رسمتها عند طلب الترخيص من مؤسسة النقد»، انتهى الاقتباس.

والغالبية تعلم وتوافق على قول رئيس «التعاونية»، لكن هناك نقطة عمياء لا يسلّط عليها الضوء كثيراً، فالقائمون على هذه الشركات حــــــققوا أهدافهم الخاصة تحت أنظـــار الأجــــهزة الرسمية المعنية، أكلوا الفطير وتبقى بين أيديهم فتات حريصون على الإمساك به، كما هجمت معهم على صحن الفطير نفسه بيوت خبرات استشارية وشركات تعهدت بتغطـــية الاكتتابات، وموظفون استُقدموا من الخارج برواتـــب عالية، كتبتُ عن بعض منهم أحوالاً مضحكة تُخبر عن «فطنة» مجالس إدارات تلك الشركات و «أولوياتها»!

وحده المكتتب هو الذي أكل الهواء الساخن، وضاعت مدخراته. شركات التأمين كانت موجة من موجات الجفاف، أو التجفيف التي أضرت بمدخرات الجمهور ولم تحقق شيئاً يذكر للاقتصاد، سوى أرباح ضخمة لأصحابها، وهناك غيرها. ورغم تقدمنا خطوات «إعلامياً» في كشف أو اكتشاف الأخطاء، إلا أننا على الدرب نفسه سائرون! وكأن هناك عزلة بين قناعات نتائج سلبية وصرامة الأجهزة الرسمية في الحد منها. كم نحن في حاجة إلى صحوة اقتصادية واعية لا همَّ لها سوى المصلحة العامة، فليس سراً أن هذه النباتات الطحلبية المتسلقة زرعت وتزرع أوراماً اجتماعية تتحول إلى أشواك وثغرات أمنية وسياسية، والصحوة التي أطالب بها هي يقظة مخلصة توقف هذه الممارسات عند حدها، فهي مسؤولة عن التفقير وتراجع الثقة والشعور باللاجدوى.


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 30, 2012 15:58
No comments have been added yet.


عبدالعزيز السويد's Blog

عبدالعزيز السويد
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبدالعزيز السويد's blog with rss.