متابعات ثقافية وليست نقداً

لا يوجد في الواقع نقد لدينا، خاصةً في السنوات الأخيرة، فهي عروض للكتب والمسرحيات، وهذا يدل على عملية انقطاع للنقد بشكلٍ واسع، فحظ النقد كان أقل الحظوظ في الثقافة بكل أنواعها، وعلينا أن نرى إن ثمة حالات تبدل في الثقافة ككل، حيث سيطرت الأنواع الجماهيرية منها، خاصة بالمرئيات فيها وبالأجهزة التقنية، وبدأ انتقالٌ كبيرٌ من الورق إلى الصورة، ومن ثقافة الحداثة إلى ثقافة الطائفة والتقليد، وغدا الوعي المذهبي السياسي يوجه العديد من النخب نحو تسطيح السياسة وتطييف الفنون والآداب، وهذا كله أثر على النقد الذي لم يتقو عوده في المرحلة السابقة، وترنح بين نقد أكاديمي لم ينغرس في التجربة الأدبية التجديدية وبين كتابات صحفية سريعة لم تحصل على شروط البحث الأولي.
وهناك عموماً تسطيح في كل شيء، فغدت الكتابة شبيهة بالمعلبات ، فلا معاناة فيها ولا بحث ولا تفجير لقضايا، بل لاستهلاك مساحة معينة موضوعة بين إعلانات الصابون ومتابعة الحدث السياسي اليومي، المحلي، العربي، العالمي، فهناك طوفان عولمي، وقضايا عامة هي ذاتها يجري فيها الكلام دون تبدل جذري مواقع المتكلمين، فهي عروض إعلانية عن شعارات سياسية مهيمنة على جمهور مفرغ من الوعي، تقوم بتعميق طائفيته، وخلق خنادق متحاربة.. ومن هنا كان الضحية الفكرية للمرحلة هو النقد وأشكال الوعي العميقة والأدب الرفيع.. فلا تجد تحليلاً لروايات صار على وجودها عقود أو عملية تحليل لقصص تشخص الحالات الراهنة بعمق..
كذلك تلعب عمليات الكراهية الشخصية والانتفاخات دورها في عدم التسليط الضوء على الثقافة المحلية..
✍ اقتباسات من: عبـــــــدالله خلـــــــيفة ‏‏‏‏‏‏كاتب وروائي

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 08, 2025 15:22
No comments have been added yet.