توسع الفلسطينيين الإنساني : كتب ـ عبدالله خليفة
خبتْ علاقاتُ حركةِ النضال الفسطينية بالوطن العربي في العقود الأخيرة، حيث اتجهتْ قيادةُ هذا النضال نحو الارتباط ببعض الأنظمة العربية التي كانت تنحدرُ نحو الشمولية وأزماتها من قمعٍ وحروب داخلية وأخيراً توُجت بثورات عارمة.
كانت قيادة النضال الفلسطيني تنقسمُ على نفسها، مثل عجز قيادات الدول العربية عن التطور نحو الديمقراطية، وعدم القدرة على توجيه الأنظمة نحو الرأسمالية الحديثة، فتفاقمتْ أزمةُ الأمةِ العربية في العديد من دولها، وبدا شكلُ الانقسامِ في القمة بين ليبراليةٍ محدودةٍ زائفة وبين مذهبيةٍ دينيةٍ محافظة تعبيراً عن خنقِ الطبقاتِ الوسطى وعن عدمِ إتاحةِ الفرصة لدورها الطليعي.
ويحاولُ القادةُ الفلسطينيون الخروجَ من ذلك بشكل تجريبي، ويشكلُ ذلك المصالحُ القريبةُ الرديئة، والظروفُ السياسيةُ والجغرافية، فيعطي البحرُ الأبيضُ المتوسط والقوةُ الديمقراطيةُ الغربية المتجذرةُ فيه فرصةً صغيرةً للعمل من دون قبضات الرأسماليات الحكومية الشرقية الشمولية. لكن لاتزال أموال هذه الرأسماليات هي التي تغذي السياسةَ الفلسطينية، وبالتالي تجبرها على المحافظة.
لقد أدى الارتباط بهذه الشموليات إلى تمزق الشعب الفلسطيني، وعدم قدرته على تطوير ديمقراطيته وعلمانيته الداخلية، وعدم مجابهته التحديثية الأممية لإسرائيل، ولهذا أصبح النضالُ الفلسطيني مهجوراً بشكل عربي، وتجري كلُ الفظائع ولا يتحركُ العربُ الذين كانوا في وحدةٍ نضاليةٍ حميمة مع الفلسطينيين.
ولهذا يغدو توجههم نحو أوروبا قارة الديمقراطية المؤسِّسة، واستثمار التجربة التركية المتجهة نحو الديمقراطية، بداية لفهم ما يجري في العالم بدلاً من الركون في عصر الدول العربية الوسيط.
لكن ذلك يجري كتعبيرهم دائماً بشكل تكتيكي، من أجل تعرية الاضطهاد الإسرائيلي، وهو لا يرتقي بعدُ أن يكون موقفاً أممياً ديمقراطياً، فيتركز على الحصار الذي ينفتح شيئاً فشيئاً خاصة عن طريق مصر.
إن التضحيات المذهلة التي قدمها الأتراك والأوربيون عبر السفر في البحر المسموح والممنوع والرحلات الجوية المغلقة والاعتقالات أوجدت شكلاً من التضامن الإنساني الكبير. وبقي المشهد الأوروبي الإنساني مفتوحاً للمزيد من التقدم كلما استخدمت أساليب نضالية سلمية.
إن النضال العربي القادم والتطورات المذهلة في الأبنية السياسية الاجتماعية ستترك بصماتها على العمل الفلسطيني كذلك.
لكن البؤرة التي ناور عنها الفلسطينيون طويلاً وهي مرتكزهم للتغيير هي البشر الإسرائيليون، هؤلاء الذين عاشوا مكانهم، وأزاحوهم ويشاركونهم في مصيرهم، صراعاً وتعاوناً.
بؤرتهم هي هؤلاء، وحين تلغي القوى المسيطرة في إسرائيل موقعاً أنشأه الشباب الفلسطينيون في الفيس بوك يقصّ تاريخَ القضية وانضم إليه أكثر من سبعين ألفا من الناس في الغرب، يؤكد ذلك كيف تؤدي الوسائل الحديثة والعلاقات الانسانية المتطورة الآن دورها في تقزيم التطرف الإسرائيلي وإعادته إلى حجمه الطبيعي.
ولو طُبقت هذه الوسائل على الإسرائيليين ذاتهم لوجدنا توسعاً للنضال المشترك ولهزيمة القوى العسكرية والدينية المتطرفة


