رموز في مرحلة جديدة ــ كتب : عبدالله خليفة

ليس أسهل من الانسحاب من المعركه، فأن يقوم شخص قيادي بالعودة إلى الصمت والعزلة، فهو أمر سهل.
وليس أصعب من أن تغير الرموز أدوات نضالها في زمن مختلف، يحتاج إلى عدة جديدة، وعادات جديدة، وتطوير الناس في سكك مختلفة.
التغيير في مرحلة الإصلاح أسهل من التغيير في السابق، لأن لديك جهات رسمية واسعة تدعمك، وما عليك سوى أن تجمع الرسمي بالشعبي، البرلماني بالنقابي والتجاري الرأسمالي والصناعي بالعامى..
أي أن تتعلم لغة سياسية جديدة، وأن تحاور من لم تحاوره أبداً، وأن تستبدل عداواتك القديمة، بصداقات جديدة.
إن الواقفين على السكك العتيقة، والذي يريدون مواجهات صاخبة، أو الذين يريدون عرقلة الإصلاح المتسارع، سوف لن يجدوا في أيديهم سوى قبض الريح، لأن عجلة التاريخ أقوى من أن نقاومها، فقد قاومها الشاه ولم يبق، وقاومها صدام بأعتى القوى، فشرد جماعته وقتل أهله، وغداً لناظره قريب.
غداً ستأتيك الأخبار المذهلة، بحيث سيذهلنا التاريخ أكثر مما أذهلنا.
إن خريطة المنطقه كلها معروضة للزلازل، فتمسك بالعروة الوثقى، وبالإصلاح، وبخدمة الناس، وبالنزاهة، فلن يبقى فاسد عاتٍ، وسوف تعرض كل الحسابات للجرد.
ولدينا أجهزة سارعت إلى الأصلاح، فلماذا لا تعرف رموزنا المناضلة لغة الصبر وبُعد النظر، وتكوين اللغة العقلانية بين كل أطيافها وألوانها ولهجاتها، من أجل أن تكون هذه صفحه جديدة في تاريخ الوطن؟
لكن الإصلاح والتغيير والتقدم لا يأتي من الهواء بل من نشاط الطلائع وذكائها وعلاقاتها الوثيقة بالناس، وكيف تستطيع أن تقدم المشروعات وتدعم الإيجابي حتى لوقدمه منافسي السياسي، وتعارض السلبى حتى لوقدمه صديقى.
لو أن كل عضو في جمعية سياسية التفت إلى واجبة السياسي، الإصلاحي، ودعم المفيد والبناء في المجتمع، بغض النظر عن صاحبة والمستفيد منه، لو أن معارض الوزير في الشارع رأى أفعاله الإيجابية فعليه أن يسارع بتأييده، ويدع الخصومة السياسية جانباً.
لا نريد الصراعات الشخصية والعداوات الصغيرة، نريد جبهة واسعة للإصلاح تضم القوى الرسمية والشعبية، نريد التركيز على ما يفيد الناس، وسوف تصغر حينئذٍ دائرة الفساد والعداوة للإصلاح.
سيجد الكثيرون أنفسهم بحاجة إلى أن يعرضوا كشوف حساباتهم في الوزارات والشركات، سيجد الكثيرون ان الربح القانوني أفضل بكثير من كسب عداوة القانون والمجتمع والجمعيات السياسية والنقابات.
لماذا لا تحاول الرموز إذن تجاوز جمعياتها الصغيرة أو الكبيرة المغلقة بأن تكون رموزاً لجمعيات أخرى؟
لماذا الانحصار في الدوائر الضيقة وعدم توسيع المدار، ولا يتداخل الوطني بالتقدمي، والإسلامي بالعلماني، تداخل الكشف والحوار والمعرفه، لا تداخل الالتفاف؟
إن كسر الدوائر الإيديولوجية المغلقة والبحث عن المشترك الديمقراطي، يمكن أن يكون في اللقاءات ولكن في المجلات المشتركة، في الصحف المشتركة، في المواقع الموحدة والمتعاونة، في الندوات، في مؤتمرات البحث في التاريخ الوطني والقومي، في التعاون النقابي الخ . .
لا يستطيع أن يقوم بذلك سوى رموز في مرحلة جديدة، تتوجه لتغيير الماضي، المحدود، وتكسر الجليد الطائفي، والسياسي المترتب عليه، وتنداح في موجات وطنية تعيد صهر الوطن في مرحلة مختلفة.
وأن يبداً ذلك في منظمات الشباب أيضاً، بدلاً من أن يكرس الشباب عداوات لا يعرفون عنها شيئاً ولا تخصهم.
هل تزول مرحلة القبائل السياسية القديمة والجديدة، وتعد التيارات نفسها لتغيرات اكبر تتطلب أدوات فكريه وسياسية مختلفة ؟

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 30, 2023 18:08
No comments have been added yet.