المسالم والأناني
ثمة فرقٌ كبيرٌ بين رجل الدين البوذي ورجل الدين الإستغلالي المدعي بالإسلام، ذاك يعيشُ في غابةٍ أو عزلة، وهذا يعيشُ في العاصمة بين الحكام والعبيد والجواري!
هذا البوذي يكتفي بطبقِ أرزٍ صغيرٍ أو بمعوناتٍ محدودة من المؤمنين، وهذا يعيشُ في فيلا أو منزل كبير، بين الخدم والحشم!
ذاك البوذي عاش بين جمهوريات كبرى يدعو للحكمة والتخلي عن الأموال والجواري والضياع وعدم قتل الحيوانات والبعد عن السياسة، وهذا مؤيدٌ لسفكِ الدماء وللتدخلِ في كل ساعة في شؤون السياسة ويطمح أخيراً في جعل إتباعه حكاماً وسلاطين وقتلةً في الشوارع ومتدخلين في الضمائر وحفارين عن الإيمان والكفر!
وفي حين تركَ البوذي الديني السياسيين يشكلون نهضاتٍ كبرى هائلةً في الشرق، حققَ هذا المتاجرُ بالإسلام الكوارثَ والتمزقات لبلدان المسلمين وحروبَ العصابات وتخريب المدن وتضييع الميزانيات وحروب البلدان وحرق الإطارات في الشوراع لينشرَ السرطان والأوبئة بين المسلمين والسكان؟!
انظروا لحالِ الصين التي يعيشُ فيها مليار وثلاث مائة إنسان وحققتْ نهضةً كبرى وصناعات متقدمة، وتغزو الغرب ببضائع القماش والدمى والسيارات، وهذا الذي يغزو الغربَ بالطائرات التي تضربُ الأبراجَ الإقتصادية ويفخخُ نفسه ويقتلُ الأبرياءَ ويضعُ المتفجرات في المطارات والطائرات ويصنع القنابلَ الذرية لكي يدمرَ بلدان المسلمين ويسحب الدم الأخير من فقرائه!
جاء هؤلاء بجراثيهم ينشرونها في الجو ويبشرون المساكين بالحلول النهائية لمشكلات الفقر والبطالة والفساد والكفر وجنوح النساء للرذيلة ولمشكلات الرقص والغناء واللعب على السواحل وشرب البيرة والغناء وغياب الحجاب وكثرة الإختلاط وغير هذا من مشكلات يبتكرونها نظراً لرعبِهم من الحداثة وعجزهم عن التطور الإنساني، وخوفهم الأسطوري من النساء.
رجلُ الدين البوذي لا يخافُ من النساء ولا من الجوع ولا من البطالة ولا من الحكومات، ويمشي بسيطاً في شوراع المدن، ليرفعَ طبقَهُ من أجلِ كميةٍ بسيطةٍ من الأرز، وهو مستعدٌ أن يحرقَ نفسه إذا أعتدت الحكومات الأجنبية على شعبه المسالم، وهي تضحية رهيبة لا تصيب الآخرين بسؤ!
وهي أعمالٌ نادرةٌ قاسية رهيبة أتخذها الرهبانُ البوذيون في حربِ فيتنام وقنابل الأمريكان تنهمرُ على المدن! وأي إحتجاج كبير كان بالنفس؟!
أنظرْ إلى رجل الدين البوذي هذا لا يَصعقُ الناسَ بأصواتهِ الحادة المزعجة، ولا يستخدم الآلات للبطش بالبشر وفرض كلامه، ولا يتصور أن الناس سوف تنحرف عن الدين في كل لحظة ولا يضربهم بسوطه، في حين أنظرْ إلى هذا المتاجر بدينك العظيم السمح كيف حولهُ إلى زنزانةٍ يسجنُ فيها العبادَ والبلاد؟!
ذلك لا يتاجرُ بالدين فأزدهرتْ بلادهُ، وتعاظمتْ خيراتهُ، وتعملقتْ شعوبهُ، وهو لا يملكُ لا نفطاً ولا ذهباً، حررَ النساءَ والشبابَ من سلاسله، وشعوبهُ بمئات الملايين، وهذا لديهِ النفطُ والذهبُ وقلة من السكان في بلدان واسعة ملآى بالأنهار والغابات والبحار، ولكنه عاشَ في خرابٍ دائم، وحروب لا تتوقف، وكوارث كلما أنقضتْ قال هل من مزيد؟!
لا يفكر البوذي بمشكلاتٍ إنقضت عليها عشرة أعوام، لأنه حرر نفسه من التحكم في البشر وعلاقاتهم وجذورهم وتطورهم، ترك لهم الحرية فيما يفعلون، داعياً إلى التخفف من الأملاك وأكل اللحوم والزهد في الماديات، مشكلاً علامةً بشريةً مجسدة على التضحية، في حين أن الزاعم بالدين لدينا هو المتدخل الأكبر في حياة الشعوب، والمتوجه للغنائم والحكم والفاشل في تحقيق التطور، والذي يُعيّش الناسَ في الماضي وأحقادهِ وذكرياتهِ السيئة فارضاً عليهم رزنامة الماضي كل يوم بيومه ومفتتاً الصفوف وناثراً خرائط البلدان!
إنه يعجزُ عن تشكيل عالم سعيد مستقبلي، خال من تلك الذكريات والأيام السوداء والحمراء لأنه دكتاتور أناني يريد أن يلتهم الأملاك والغنائم البشرية!


