هتلر يحكم إسرائيل

≣ كان يُفترض أن تشكل الإبادة التي قام بها أدولف هتلر زعيم النازية في ألمانيا ضد اليهود حافزاً كبيراً لإنتاج وعي إنساني وديمقراطي لدى اليهود، ولكن ما حدث هو العكس فقد تبنت إسرائيل أيديولوجية هتلر وجعلته معبودها السياسي الذي يرتقي فوق (يهوه)، أو أنه يجسده على الأرض!
إن لهذه المفارقة الرهيبة والمأساوية أسباباً عميقة.
فقد قامت جذور الطوائف اليهودية على استغلال الشعوب الأخرى عبر العمليات المالية القاسية، ومثلت هذه الطوائف صناديق الربا والفوائد التي تجمعت بفضل عَصْر الأجساد البشرية الأخرى، فكانت الحصالة الثقافية هي التعصب والكراهية للأمم، فلم تتشكل أفكارٌ إنسانية، وكان الانعزال اليهودي تجسيداً لحجم الكراهية للأمم، وكان (الغيتو) اليهودي في الأحياء الأوروبية ولادةٍ مبكرة لإسرائيل.
وهكذا راحت الجالياتُ اليهودية الغنية تتزحلق فوق رافعة النهب الرأسمالي للشغيلة والأمم، وتتوجه بفضل ذهب الاستغلال الهائل إلى بؤر الرأسمالية الكبرى؛ روسيا وأوروبا الشرقية، فإنجلترا، ثم تتويج الرأسمالية العالمية: أمريكا.
لقد وجد كبارُ الأغنياء اليهود في الرأسمالية ثم في الاستعمار فضاءهم المالي والسياسي المفقود والرحب. ولهذا كانت النازية عدوة لدودة لأنها رفضت هذا التشكل الرأسمالي المميز داخل مجتمعها الجرماني، فليس ثم لديها حاكم سوى الاحتكارات الألمانية وذبحت اليهود وشجعت الصهيونية، والجانبان متوافقان رغم تعارضهما الظاهر.
وقد وجدت الاحتكاراتُ اليهودية صيغةٍ مقبولة مع الاحتكارات البريطانية والأمريكية، وهو تشكيل وطن قومي لليهود، فلا هو ينافس هذه الاحتكارات على أرضها القومية ويتداخل معها، كما أنه يمنع اليهود من الذوبان في الأمم الغربية، كذلك فإنه يسمح للأساطير اليهودية بالبقاء!
وقد قامت الصهيونية على خداع العمال اليهود، بأن أوهمتهم بأنها حركة قومية اشتراكية، وكان دليلها هو صنع المعسكرات (الكيبوتزات) في إسرائيل، حيث تغدو الأرض مشتركة، ولكن الأرض رخيصة في حين أن المصانع والشركات الكبرى في المدن هي للعمالقة من الماليين اليهود وهم الذين حكموا، ولهذا كان حزب العمل الخادع للعمال هو الشريك الصغير فى قبضة أحزاب مثل الليكود ونسخه الأخرى، من القوى الفاشية، التي عبدت هتلر سراً وكرهته نفاقاً.
ولهذا لم تتأسس ثقافةٌ إنسانية ديمقراطية عميقة وواسعة الانتشار بين اليهود، لأن المعدل الزمني في إقامة دولة رأسمالية متطورة في قلب الشرق، استغرقت أقل معدل تاريخي، فالرأسمالية اليابانية أخذت أكثر من قرن، ومع هذا فلم تتشكل ثقافة ديمقراطية كبيرة وإنسانية في اليابان، وغدت أول فاشية شرقية، فتغدو إسرائيل ثاني فاشية آسيوية، بمعدل أضخم وأوسع وأخطر.
إن الرأسمالية كمجتمع إنساني بحاجة إلى عدة قرون، فلا بد أن يتجلى فيه نضال طبقاته الشعبية، وهو النضال الذي يؤنسن أي مجتمع، ومن دونه يتوحش، لكن إسرائيل هي أسرع مجتمع بشري قفز إلى الرأسمالية الحديثة في التاريخ البشري، لكن على رافعات الاحتكارات اليهودية المصنوعة في الغرب، ففقدت أي نضال عمالي إنساني مؤثر، وقامت على اجتثاث مجتمع فلسطيني فلاحي، وسحق الجيران العرب.
ومن هنا ليس غريباً ملاحقة النازيين الألمان من قبل الدولة العبرية، الدينية مضموناً والعلمانية شكلاً، في حين كانت تستورد التراث النازي، وتجعله أساس الدولة.
إن كل حيثيات العقاب الجماعي النازي، بضرب المدن وقتل الجماعات تتجلى في عمليات ضرب لبنان، يدفعها كذلك الحقد على أي تطور عربي، والسيطرة الكاملة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتفجير التناقضات الداخلية داخل لبنان والأمة العربية.

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on March 28, 2023 22:37
No comments have been added yet.