تأثير أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية على استهلاك الثروة المائية وهدرها (محافظة عكار نموذجًا)

لورين جميل فياض - مجلة الحداثة
♦ لورين جميل فياض *
نبذة عن البحث
تعدّ أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية النظيفة، أحد أنجح الابتكارات الحديثة التي ساهمت في خفض نسب التلوث البيئي (Elliott, 2000)وآثاره، لكنها في الوقت عينه تساهم في هدر الثروة المائية التي تتناقص مع تفاقم حدّة التغيرات المناخية المستجدّة.تهدف هذه الورقة البحثية إلى تسليط الضوء على كيفية مساهمة أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية في هدر المياه المنزلية، ومن ثم اقتراح حلول مناسبة لوضع حدّ لهذا التسرّب الخفي المتنامي. وقد تمّ إجراء استبيان في محافظة عكار (شمال لبنان)، شمل مئة وخمسين وحدة سكنيّة تستخدم أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية، ومن خلال برنامج SPSS تم تبويب وتحليل نتائج الاستمارات التي تضمّن كل منها 33 سؤالًا.وفيما خلص البحث إلى عدد من النتائج، قدم توصيات يمكن الارتكاز عليها لمساعدة المعنيين في اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة للحد من هدر مياه الشفّة من خلال عدة طرق.- الكلمات المفتاحية: أمن مائي، ترشيد، هدر الثروة المائية، مناخ، طاقة شمسية، عكار***
تعدّ البيئة المكان الذي نعيش فيه جميعًا، و"التنمية هي ما نحاول جميعًا عمله لتحسين نصيبنا في هذا المكان. والإثنان مرتبطان ولا يقبلان التجزئة" (حمّاد، 1995). وها هو التغير المناخي بكوارثه البيئية (IPCC، 2019)، لا تنحصر أثاره على منطقة أو دولة معينة. لذا كان لا بدّ من دعوة الأفراد والدول إلى تحمل مسؤولياتهم في حماية البيئة، وإيقاف الزحف المتسارع نحو ظروف مناخية أكثر تطرّفًا وأذى، وعليه طُبقت في العديد من المجتمعات، خطوات جدّية، كان أبرزها تغيير بعض السياسات والاستراتيجيات، واللّجوء الى أساليب حديثة تساعد في عملية التكيّف مع الظروف البيئية المستجدة، (White House, 2021)وعلى رأسها الأمن المائي، وكل التحديات التي تواجه قطاع المياه حول العالم. فالمياه الساخنة لم تعدّ منذ زمن من مظاهر الرفاهية، وأصبحت إحدى الحاجات الحياتية اليومية الأساسية رغم تكاليفها المادية والبيئية (Ravina, & al., 2020)، فكان الحلّ الأمثل هو اعتماد الطاقة الشمسية البديلة كوسيلة سليمة لتسخين المياه.في هذا الإطار نفّذت الدولة اللبنانية عدة خطط متكاملة عبر تسهيلات مصرفية خاصة، شجعت المواطنين على استبدال الأنظمة الكهربائية الملوثة بأخرى عاملة على الطاقة الشمسية لتسخين المياه المنزلية. محافظة عكار التي تستحوذ على الطرف الشمالي الأقصى من لبنان، لطالما عانت من حرمان شمل مختلف قطاعاتها الاقتصادية، وعلى الرغم من وجود خزانات مائية جوفية (UNDP, 2014) وفيضانات وسيولها الشتوية (Traboulsi, et al., 2004) إلا أن ازدياد الطلب على المياه أدى إلى تراجع الموارد المائية المتاحة (MOE, 1999)، حيث تعاني الكثير من قرى عكار وبلداتها من نقص حادّ في امدادات شبكة مياه الشفة مما دفع بالسكان المحليين للّجوء إلى الينابيع والآبار الخاصة العشوائية، لتأمين حاجاتهم المائية المنزلية، وقد أدى ذلك إلى انتشار وتنامي سلوكيات استهلاك عشوائية وغير سليمة للمياه. وبسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، ونقص في خدمة التيار الكهربائي والتكلفة الباهظة لفواتير المولدات الكهربائية البديلة (مولّد اشتراك)، اجتاحت أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية بمنافعها البيئية والمادية المعروفة ليبرز مع الوقت، الوجه الآخر لتلك الأنظمة المتمثل برفع مستوى استهلاك المياه الباردة والساخنة، في المنازل المأهولة.
- أهمية الدراسةتبرز أهمية هذه الدراسة في تحديد أساليب صرف المياه المنزلية، وتسليط الضوء على الهدر المائي الناتج عن استخدام أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية بهدف إيجاد الحلول المناسبة لسدّ الثغرات في الأساليب الحديثة، والحصول على انتاجية صحيحة لوسائل الطاقة البديلة، ومكافحة ظاهرة الصرف العشوائي الناتج عن قلة الوعي لدى المستخدمين.
- الأهدافتتمثل الأهداف الأساسية في الآتي:· تحديد العوامل والسلوكيات التي تحكم استهلاك المياه الساخنة المنزلية.· تبيان الهدر المائي الإضافي لدى مستخدمي أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية.· تحديد نسبة الزيادة في استهلاك المياه المنزلية بعد تركيب أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية.· اقتراح توصيات وإجراءات لتنظيم استهلاك المياه في محافظة عكار وترشيدها.
- الإشكاليةيظهر في محافظة عكار (المساحة 788 كم2 وعدد السكان المقيمين يتجاوز 192 ألفًا)، خلل في الميزان المائي نتيجة لأسباب عدّة منها: استهلاك عشوائي للمياه العذبة، وازدياد الطلب عليها مع تراجع الموارد المائية المتاحة خاصة في الآونة الأخيرة بعد استقبال النازحين السوريين في المنطقة. وتكمن المشكلة الأبرز في الهدر المائي الخفي وغير الملحوظ من قبل المستهلكين والمسؤولين، فبالرغم من كل الحسنات الناتجة عن استخدام أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية إلا أن السكان يلاحظون بعض التغيرات في سلوكياتهم اليومية من حيث ارتفاع في استهلاك المياه المنزلية الساخنة، لكنهم لم يعطوا لتلك التغيرات أبعادًا بيئية سلبية؛ فالنقص في برامج التوعية والإرشاد البيئي، إضافة إلى ضعف الخبرة في طرق التركيب والاستخدام الأمثل للطاقة البديلة، يرفع من نسب الهدر المائي المنزلي، الأمر الذي يمكن معالجته وفق طرق علمية مدروسة وتوجيهات عامة من شأنها توفير المياه المهدورة.
- العمل الميدانيشمل العمل الميداني العديد من الطرق والوسائل، وتتلخص في الآتي:- الاستمارة: تشمل ثلاثًا وثلاثين سؤالًا، وتختص الأسئلة التسعة الأولى بتوصيف عيّنة البحث، أما الأسئلة المتبقية فتهدف إلى جمع معلومات تحدّد من خلالها طرق ممارسة استهلاك المياه الساخنة قبل تركيب السخّان المائي الشمسي وبعده، كما تساعد على تشكيل نظرة عامة عن الوعي المائي لدى المبحوثين. وتعتمد الأسئلة المناسبة للعادات والسلوكيات السائدة في المجتمع العكاري اللبناني ذات الصلة بالاستخدامات المائية اليومية.- العينة: تم اختيار عينة مؤلفة من 360 وحدة سكنية منتشرة في محافظة عكار (60 وحدة في كل منطقة جغرافية)، وجهت أسئلتها الى رب/ ربة الأسرة، حيث أجاب 100% منهم عن السؤال المنفرد التمهيدي، فكانت النتيجة أن 42.2% يستخدمون التكنولوجيا الحرارية الشمسية لتسخين المياه المنزلية. لذلك تم إجراء استبيان شمل 42.2% من العينة الأساسية أي 152 وحدة سكنية. كما تم إلغاء استمارتين لعدم استكمال الإجابات فيها، فكان العدد النهائي 150 استمارة كاملة، وذلك خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من العام 2021.- آلية العمل: اتبعت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي؛ فبعد جمع المعلومات تم فرز وتبويب الإجابات عبر استخدام برنامج (SPSS)، ومن ثم تحليل المعطيات والخروج بالنتائج والتوصيات المناسبة. وأثناء ملء الاستمارات تم اللجوء إلى برنامج Measure water flow لقياس كميات المياه المتدفقة من الصنابير في المنازل.(...)***

* باحثة لبنانية، تعدّ أطروحة دكتوراه في الجغرافيا في المعهد العالي للدكتوراه- الجامعة اللبنانية


المصادر والمراجع
1. Elliott, D. (2000). Renewable energy and sustainable futures. Futures 32,261–2747 doi: 10.1016/S0016-3287(99)00096-8
2. IPCC, (2019(. Summary for Policymakers. In: Climate Change and Land: an IPCC special report on climate change, desertification, land degradation, sustainable land management, food security, and greenhouse gas fluxes in terrestrial ecosystems.
3. MOE, (1999). Climate change. Technical annex to Lebanon’s first national communication. Final Report, National GHG mitigation strategy – Assessment of Lebanon’s vulnerability to climate change. Republic of Lebanon, Ministry of Environment.
4. NLWE, (2021). North Lebanon Water Establishment. https://eeln.gov.lb
5. Ravina, M., Gamberini, C., Casasso, A., & Panepinto, D. (2020). Environmental and Health Impacts of Domestic Hot Water (DHW) Boilers in Urban Areas: A Case Study from Turin, NW Italy. International Journal of Environmental Research and Public Health, 17 (2), 595. Doi.Org/10.3390/Ijerph17020595
6. Traboulsi, M. & Chamberlin, P. (2004). Années arrosées et années sèches au Proche-Orient. Relation avec la circulation atmosphérique régionale. Annales de l’Association Internationale de Climatologie, volume
7. UNDP, (2014). Assessment of Groundwater Resources of Lebanon. Bierut. www.lb.undp.org/content/Lebanon8. White House, (2021). “U.S.-Germany Climate and Energy Partnership”, fact sheet, July 15, https://www.whitehouse.gov/briefing-room/statements-releases/2021/07/15/fact-sheet-u-s-germany-climate-andenergy-partnership/. 9. حمّاد، د. كمال (1995). النظام القانوني الدولي لحماية البيئة، ص 9، لبنان
الحداثة (Al Hadatha) – س. 29- ع. 225/226 – خريف/شتاء - 2023 - 2022 Autumn/ WinterISSN: 2790-1785الحداثة - ISSN: 2790-1785 - Al hadatha
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 22, 2022 08:59
No comments have been added yet.


مجلة الحداثة - Al Hadatha Journal

مجلة الحداثة
Al Hadatha Journal - A Refereed Academic Quarterly
مجلة فصلية أكاديمية محكّمة تُعنى بقضايا التراث الشعبي والحداثة
تصدر في لبنان منذ العام 1994 بناء على ترخيص من وزارة الاعلام (230 ت 21/9/1993)
ISSN/2790
...more
Follow مجلة الحداثة's blog with rss.