الافتتاحية: نوبل والوهم العربي!

كامل فرحان صالح *
تطرح وسائل إعلام غربية، أسماء عربية للفوز بجائزة نوبل في الأدب (Nobel Prize in Literature) غير مرة، ومن هؤلاء الشاعر اللبناني السوري أدونيس (1930م) والروائي اللبناني الفرنسي أمين معلوف (1949م) والروائي المغربي الفرنسي طاهر بن جلون (1944م) وغيرهم، لكن بقيت الأسماء العربية غائبة كليًّا عن جائزة نوبل للآداب باستثناء الروائي المصري نجيب محفوظ (1911 – 2006م) الذي طرح فوزه بالجائزة آنذاك (1988)، أسئلة كثيرة حول الأسباب الخفيّة التي دفعت لجنة الجائزة لمنحها محفوظ هذا الفوز.لن أدخل في تفاصيل الوهم العربي المؤدلج، والنظرة بارتياب لكل شيء، كون الجائزة كانت تذهب دائمًا، إلى أشخاص آخرين مثيرين للجدل غير العرب، أحيانًا كان يتوقع فوزهم، وفي الغالب، كانت أسماؤهم غير مطروحة للفوز في الوسط الثقافي العالمي عمومًا والعربي خصوصًا.لكن، وعلى الرغم من ذلك، كان لافتًا أن الفائزين بجائزة نوبل للآداب، ارتباطوا بقضية نضالية تتلمس تأييدًا من شريحة واسعة ينتمون إليها، أو يؤمنون بالأفكار نفسها التي يحملها الأديب أو الشاعر أو الروائي الفائز، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، ولعل منهم الروائي التركي أورهان باموك (أو أورخان باموق/ Ferit Orhan Pamuk، 1952م) الذي نظر إليه على أنه خيار مشحون سياسيًّا في العام الذي أتهم فيه بانتهاك قانون مثير للجدل يمنع إهانة "الهوية التركية"، والروائية الفرنسية آني إرنو (Annie Ernaux، 1940م) التي تقدم في أعمالها نظرة عميقة عن كيفية تغير أحوال بلدها، وهي القائلة في حوار مع صحيفة "غارديان" (The Guardian) في العام 2019: "إن العمل الروائي هو قول الحقيقة".فما هي القضية النضالية التي يحملها المبدع العربي الآن؟صحيح أن المرشـــــح الأبـــــرز للجائزة عربيًّا أدونيس، كان له الأثر الأكبر في التنظير للشعر العربي الحديث، فضلاً عــــــن ريادته العربية في الإضاءة على الحداثـــــــة الشعريــــــــة، وكتابته للقصيــــــدة العربية الجديدة.لكن هذا الإرث الأدونيسي لم يعد يشكل قضية عربية حالية وآنية، بل على العكس، تبرز يومًا بعد يوم هوّة شاسعة وقاسية بين المثقفين العرب والناس.ويلاحظ في هذا السياق أيضًا، أن المبدعين العرب مثلًا، شاء البعض منهم، أن يبقوا ساكتين عمّا تشهدها بلدانهم من قهر واضطهاد وقمع وتحولات جذرية، بل خرج البعض منهم إلى الناس عبر كتابات تسوق بشكل أو بآخر، للخنوع، فوضعتها سمتها "اللزجة" إن صح التعبير، في دائرة "كل التأويلات والاحتمالات الممكنة"، بهدف التملص من اتخاذ مواقف صريحة وعلنية مما يحدث، فضرب هؤلاء على كل الأوتار بدءًا من التاريخ القديم، وصولا إلى الاستشرافات الآخذة غير وجه... فكانت كتاباتهم تثير ضدهم موجة سخط من قبل شريحة واسعة من مثقفي بلدانهم.وفي الوقت نفسه، كان يبرز في المشهد، أن هؤلاء لم يكونوا من المثقفين الذين كانت تتطلع إليهم الأجيال الجديدة كي يقودوا التغيير في مجتمعاتهم نحو العدالة والحرية والتنمية والكرامة..لعله يمكن اختصار الإشكالية في العالم العربي، بالقول: إن معظم المبدعين العرب الكبار، وعلى الرغم من تاريخهم العريق، وأهمية انتاجاتهم وتأثيرهم في الذائقة وفي الدرس الأكاديمي والبحثي... يصرّ الغالبية منهم، على عدم الخروج من لغة الحبر إلى لغة يكتبها الناس ببلدانهم بدمهم.كيف لهؤلاء أن ينالوا جائزة نوبل؟ ولماذا؟ وهل من الممكن لمتنصل من مناصرة شعبه، أن يُعلّق له وسام تكريم عالمي؟يبدو أن التساؤل وارد، في حال فرّخ بعض المتوهمين من دون كلل أو ملل: عقلية توهم المؤامرة المتوارثة، فتقدم الأكاديمية السويدية مثلاً، وفي شكل استثنائي، على منح جائزة نوبل للآداب لمدوّن عربي على مواقع التواصل الاجتماعي بدلا من روائي أو شاعر معروف!**** شاعر وأكاديمي من لبنانالحداثة - ISSN: 2790-1785 - Al hadatha
Published on December 07, 2022 04:52
No comments have been added yet.
مجلة الحداثة - Al Hadatha Journal
Al Hadatha Journal - A Refereed Academic Quarterly
مجلة فصلية أكاديمية محكّمة تُعنى بقضايا التراث الشعبي والحداثة
تصدر في لبنان منذ العام 1994 بناء على ترخيص من وزارة الاعلام (230 ت 21/9/1993)
ISSN/2790 Al Hadatha Journal - A Refereed Academic Quarterly
مجلة فصلية أكاديمية محكّمة تُعنى بقضايا التراث الشعبي والحداثة
تصدر في لبنان منذ العام 1994 بناء على ترخيص من وزارة الاعلام (230 ت 21/9/1993)
ISSN/2790-1785
تُعنى المجلة بنشر الأبحاث الأكاديمية بعد عرضها على لجنة علمية متخصصة. وتبلورت فكرة نشوء المجلة بعد اجتماعات عمل متواصلة بين رئيس تحريرها فرحان صالح وأصدقاء باحثين وأكاديميين من لبنان والعالم العربي، وقد بات عدد منهم ضمن الهيئة الاستشارية للمجلة، علمًا أن بعضهم قد فارق الحياة، وقد جرى إضافة أسماء إلى الهيئة لاحقًا. تغطي مجلة الحداثة الأبحاث التي تأتي من شريحة واسعة من الأكاديميين والمفكرين والكتّاب والأدباء في لبنان والعالم العربي، فتنشر موضوعات تتعلق بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والسياسية، كذلك، موضوعات تتعلق بقضايا فكرية وتراثية وأدبية ونقدية وفنية وإعلامية ...more
مجلة فصلية أكاديمية محكّمة تُعنى بقضايا التراث الشعبي والحداثة
تصدر في لبنان منذ العام 1994 بناء على ترخيص من وزارة الاعلام (230 ت 21/9/1993)
ISSN/2790 Al Hadatha Journal - A Refereed Academic Quarterly
مجلة فصلية أكاديمية محكّمة تُعنى بقضايا التراث الشعبي والحداثة
تصدر في لبنان منذ العام 1994 بناء على ترخيص من وزارة الاعلام (230 ت 21/9/1993)
ISSN/2790-1785
تُعنى المجلة بنشر الأبحاث الأكاديمية بعد عرضها على لجنة علمية متخصصة. وتبلورت فكرة نشوء المجلة بعد اجتماعات عمل متواصلة بين رئيس تحريرها فرحان صالح وأصدقاء باحثين وأكاديميين من لبنان والعالم العربي، وقد بات عدد منهم ضمن الهيئة الاستشارية للمجلة، علمًا أن بعضهم قد فارق الحياة، وقد جرى إضافة أسماء إلى الهيئة لاحقًا. تغطي مجلة الحداثة الأبحاث التي تأتي من شريحة واسعة من الأكاديميين والمفكرين والكتّاب والأدباء في لبنان والعالم العربي، فتنشر موضوعات تتعلق بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والسياسية، كذلك، موضوعات تتعلق بقضايا فكرية وتراثية وأدبية ونقدية وفنية وإعلامية ...more
- مجلة الحداثة's profile
- 11 followers
