تجاوز الشيوعية والإقطاع
إن المهمات المركبة التي تواجه الشعوب العربية تحتاج إلى عقليات ديناميكية تتصدى لمثل تلك المهمات المعقدة المتشابكة، التي يضيع فيها النظر القصير، سواء كان يسارياً محنطاً في أرديته العتيقة أم دينياً طائفياً غير قادر على رؤية عصرية ديمقراطية للإسلام.
إن الأوضاع السيئة الكبيرة للأمة العربية، والتخلف السياسي الكبير والفظيع للجمهور العربي، تتطلب إعادة نظر كبيرة فى الأطر السياسية والفكرية المتخشبة وتجميع قوى اجتماعية واسعة من أجل تغيير الأوضاع والبلدان المعرضة للغزو الواسع والبيع ولفوضى المقاييس.
وبادئ ذي بدء فإن تسمية الأحزاب الشيوعية هي تسمية خاطئة أصبحت تدركها هذه الأحزاب نفسها، ولكن الأمر ليس في التسمية فحسب بل في عقلية مدرسية، تجهل الماركسية والإسلام معاً.
فأدواتها المنهجية متكلسة، وواقعها الذي تشتغل عليه لا تفهمه، والجانبان متداخلان، فقد تحجرت أدواتها عند قوالب عامة من (اللينينية) التي استنفدت نفسها، بوصول التجربة الاشتراكية المفترضة إلى كونها رأسمالية دولة متخلفة، وبسبب غياب الأدوات الديمقراطية في الحزب والنظام والمجتمع.
واللينينية التى تفترض القفز على الظروف الموضوعية وعلى التشكيلة الرأسمالية عادت للرأسمالية بصورة سيئة، ولهذا فإن مترادفاتها: الماوية، البولبوتية، الجيفارية، الكاستروية، البكداشية، وكل النسخ الكاريكاتيرية الأخرى في كل بلد، لم تعد صالحة للاستعمال كمنظومة.
وقد كانت الأحزاب الشيوعية العربية هي صدى لهذه الموجة، وقد قامت بجوانب كبيرة إيجابية عبر التصدي للاستعمار، وخلق أدوات النضال الوطني والنقابي، وعبر تضحيات كبيرة. متطلعة أن تقوم بتجارب اشتراكية تقفز بالأقطار العربية من التخلف الفظيع إلى التقدم الصناعي الواسع. ولكن لحسن الحظ ربما أنها لم تصل إلى السلطات فتشوه نفسها.
وحسن الحظ هذا تجلى في أن الدول والحركات الأخرى هي التي غرقت في مستنقع الفساد الحكومي وفي اضطهاد الجمهور أو في تخريب التطور.
وتعطينا التجربة الوحيدة التي قيل بأن الماركسيين حكموا فيها وهي في اليمن الجنوبي، كيف أن الهياكل الاقتصادية والاجتماعية المتوارثة هي التي تهيمن على القوالب النظرية؛ فقواعد القبلية والدولة الشمولية هي التي انتصرت، ولم يستطع (التقدميون) أن يتوغلوا في البنية الاجتماعية المتخلفة؛ بنية الوعي والعائلة، فاستمر الاقطاع الديني والسياسي يعيد نفسه.
أما المنجزات المادية من منشآت فهي ليست دلائل على التطور الذي ينغرس ويبقى في الأرض، فقد قام الفراعنة والبابليون أصحاب دول العبودية العامة بإنشاءات أكثر من ذلك بكثير، وأقام الخلفاء العرب الكثير من الإنجازات العمرانية والعلمية ولكن أين هي الآن؟
كل حضارة مشرقية استغلالية تتوهم بأنها عبر بعض المصانع والأبنية الضخمة قد حققت نهضة حضارية كبرى، ولكن كل نظام دكتاتوري يعتمد على القوة البشرية العاملة المجمعة، وعلى القسر، وعلى الهياكل الاجتماعية المتخلفة الشمولية،
ويستطيع أن يقيم منشآت، هذا ما توهمه الكثير من المثقفين العرب وهم يرون منشآت عبدالناصر بأنها سوف تدوم، ومنشآت صدام حسين الذي ضخ الدم والنفط فيها سواءً بسواء، وبومدين وعلي عنتر والشاه، وغيرهم كثير، وهم مثل من قبلهم من الأباطرة والفراعنة، ينتهون بحروب وصراعات حادة وكوارث.
أما البناء الاجتماعي المتخلف فيستمر في التوارث، ويظل الرجال مهيمنين على الأسرة المحبوسة، وتظل النساء في المطابخ، والجماهير جاهلة، والثقافة للنخبة، والعلوم لا تعلم بشي.
تبدو (الشيوعية) أنها على تناقض كلي ومطلق مع الإقطاع الديني, لكن الشرق ببنيته الإقطاعية الدينية, امتص وأعاد تشكيل كافة الأفكار حسب قوانينه الاجتماعية العتيقة.
لهذا فإن أشكال الأحزاب الشيوعية تقوم باستعادة هياكل الذكورة المسيطرة, وتتحول البنى الحزبية إلى مجرد هياكل سياسية ومحفوظات إيديولوجية, وليست إلى أبنية اجتماعية وسياسية تنشر الحداثة والطليعية الفكرية والاجتماعية في العائلة والقبيلة والطبقة والمجتمع.
في الوعي الفكري العام هناك المادية الجدلية والتاريخية والتي هي أرفع ما انتجه الوعي الإنساني في فهم الطبيعة والمجتمع والوعي نفسه, ولكن هذه الفلسفة المادية العميقة المركبة لا تتكون في هذه الأحزاب حيث يهيمن المثقفون المسيسون الذين لا متلكون داريه بهذه الفلسفة, لهذا تغدو بالنسدبة إليهم مجرد شعارات عامة, وينحصرون في حياة يومية سياسية, ويعملون على مستوى القشرة السياسية دون حفر عميق.
ومن هنا كانت (اللينينية) مفهومة كإنتاج دولة اشتراكية تقفز بالمجتمع المتخلف إلى مرحلة إزالة الطبقات, وهذا الخطأ الفكري العام يقود إلى مماشاة الأحزاب الشيوعية لبنية الإقطاعية الدينية في واقع الأمر, فهذا النهج ليس سوى دكتاتورية فوقية تجاري ما كان يفعله الأباطرة والفراعنة على مدى التاريخ, وبدلاً من التركيز على الممكن السياسي والتاريخي بتقوية الليبرالية وبتحرير المرأة وبغرس التعددية وبإنتاج حرية فكر كبرى, يجري التركيز على الشعارات العامة (الاشتراكية) وهي ليست سوى إبقاء على البنية الاقطاعية الدينية وما يسود فيها من هيمنة ذكورية وبيروقراطية, وهى عملية ستكرس في هذا المجرى السياسي الملوث الأمراض الاجتماعية الخاصة في كل بلد; هيمنة قومية روسية في الاتحاد السوفيتي, أو هيمنة قبلية للقبيلة الفلانية والمنطقة الفلانية في اليمن الجنوبي, وأعطاء العسكر الأثيوبي تبرير عملية السحل للقوميات الأخرى وتدمير حتى المنجزات المحدودة التي أقامها الخ..
أما المادية الجدلية التي اعتبرت لدى مؤسسيها ذروة الوعي البشري المقام على الإنجارات العلمية, والمطلوب منها التحول مع كل تطور فكري, فإنها تماشت مع التعاويذ السحرية والغيبيات الميتافيزيقية, بدلاً من أن تكتشف سيرورة الوعي الديني الذي له قوانين اجتماعية.
وهذا ليس ناتجاً إلا من عدم ترافق الأدوات النظرية ودليل العمل الفكري مع تراكم جهل القواعد الشعبية الحزبية وبيروقراطية القيادة. فالجانبان الأخيران عملا على أضعاف أدوات التحليل العلمية, وهكذا نشأت مؤسسات الدكتاتورية السياسية (الشيوعية) الداخلية المتلائمة مع المضمون العميق للنظام الإقطاعي الديني.
كان طرح الخيار(الاشتراكي) حفاظاً على تلك البنية الاجتماعية الإقطاعية الموروثة وتطويرها فقط في قشرتها السياسية, أي ما مواصلة ما فعله الطغاة القدامى, وإحداث التغيير في ماكينة الدولة, بدلاً من أن يكون في الأسرة, والقبيلة, والقرية والإدارة, و في الوعي والعادات والتقاليد الخ..
أي لم يتوجه التغيير نحو المستوى الاجتماعي المحافظ المتوارث, ومن هنا واصلت الأحزاب التقدمية معايشتها للبناء التقليدي, ومن هنا لم تستطع أن تنتج مادية تاريخية وطنية لكل بلد, فلم تستطع أدواتها النظرية أن تلتحم بتاريخ شعبها, وخاصة في تحليل بناة الفكرية وموروثه, وتقوم بتفكيك العناصر المضيئة عن العناصر المحافظة, وأن تتواصل وتتجاوز التقاليد الكفاحية السابقة الخ..
أن تكلس الإدارات السياسية وتجميد أداة التحليل النظرية واستمرار تدفق الجمهور العامي غير المثقف, إن كل هذه تؤدي إلى انهيار القواعد الفكرية النضالية الصلبة, وتعرض الجماعات التقدمية إلى التآكل الروحي السياسي الداخلي العميق.
لا نستطيع أن نعتبر ستالين نتاجاً فقط لتركز المؤسسات الاقتصادية والعسكرية والسياسية في قبضة مجموعة صغيرة من الأشخاص, بل أيضاً نتاج التربية الفكرية للقوى الطليعية على مدى سنوات كثيرة, أي بسبب تغلغل الهياكل الشمولية الفكرية والاجتماعية لدى البلاشفة.
وهكذا فإن التقدميين العرب خضعوا لهذه السيرورة التاريخية وهم في مواقع المعارضة الطويلة كذلك، وبهذا فإن (الأبوات) والقادة (التاريخيين) تشكل أساسا لهم ماديا وفكريا من جذور المجتمعات الإقطاعية العربية الدينية, ولهذا بدلاً من أن يناضلوا من أجل مجتمعات علمانية ديمقراطية حديثة, ناضلوا من أجل (الاشتراكية).
وعبر الاشتراكية كانوا يخفون ارتباطاتهم المتوارية بالمجتمعات الإقطاعية الدينية, وقيمة هذا الوهم الإيديولوجي إنه يسمح لهم بدكتاتورية, ويبرر هيمنتهم الفردية, ويحول الأحزاب إلى هياكل مُلحقة بشخوصهم (العظيمة).
ومن هنا تنشأ التحالفات اللامبدئية وحفاظهم على الهياكل المحافظة القبلية أو الطائفية, حسب دورها في تعزيز سلطتهم أو قيادتهم.
ولكن مع تكسر هذا الحزب أو البلد (التقدمي) أو المنظومة تظهر البنية الإقطاعية الدينية المتوارية, ويتحول فجأة (الشيوعي) إلى رجل دين يغمر دور العبادة, التى كانت مضللة بصلواته, وبغتة تكتسب التقاليد الدينية الشكلانية الرفعة, ويصاب الجمهور التابع لمثل هذا الوعى السطحي بالهلع والارتباك, وهو الذي كان مأخوذاً بالعبارات المنتفخة الفارغة لهؤلاء الزعماء الفردانيين المتضخمين.
لم يلحظ هؤلاء عملية التآكل في بنية الحزب الفكرية, وإغراقها بالجهل والأعضاء البسطاء, ولا عملية عزل الكوادر المعارضة, ولا حملات التطهير ضد المعارضات التي تتشكل داخل هذا الحزب على مدى سنين, ولا الانشقاقات التي غالباً ما يكون سببها صراع فردي على القيادة, وهكذا فإن تضحيات جسيمة تُجير لمصلحة الزعيم الفرد, وكما يحدث في كل عملية تاريخية استغلالية, فإن الوعي المثالي, من الناحية الفلسفية هو الذي يصعد, أما المادية التاريخية فتشوه, والمادية الجدلية تُلغى, ويصعد الزعيم الشيوعي السابق داخل الدخان الديني الذي كان دائماً يُستغل من قبل الطغاة لخداع الجمهور. ولكن هذه المرة يقوم به القائد (الشيوعي).
ولا يتعلق الأمر بالزعيم الدكتاتوري بل بالجمهور الدكتاتوري كذلك, فهذا الجمهور المناضل جاء من أجل تغيير الأوضاع السيئة ومن أجل تغيير الاستغلال الذي ينوء على كواهله, لكن هذا الجمهور لا يؤخذ كقوة ديمقراطية جماعية, بل كأفراد مفتتين, على خلايا, أو جماعات صغيرة, يتم تبديل قناعاتها الديمقراطية الجنينية المتوارية وتحويلها لخدمة الزعيم.
تقوم الدكتاتورية داخل الحزب باستثمار الدكتاتورية داخل الجمهور الحزبي, فتعلي من ذكوريته, وحياته الأسرية المحافظة, وطاعته, وتلغي من وعيه النقدي, وهذا كله يهيئ للأحكام السياسية الذاتية, أي التي تفصل لخدمة زعيم الحزب وأهدافه, أو لخدمة المجموعة الصغيرة التى تهيمن على مسار الحزب, لا أن تقوم بحفر توجه ديمقراطي عميق في المجتمع يؤصل الوعى التقدمي.
من الممكن أن يلعب الحزب دوراً وطنياً وديمقراطياً كبيراً, وقد تعبت هذه الأحزاب مثل هذا الدور, حين يترافق ومجرى النضال الديمقراطى في البلد المعني, أما حين يجير لكليشهات إيديولوجية فهذا يقود إلى مغامرات سياسية مدمرة, كانخراط التقدميين اللبنانيين في مواجهة تاريخية لإزالة الرأسمالية المسيحية.
أو حين يساير الحزب الدكتاتورية الوطنية ويتخلى عن نهجه الديمقراطي ومهماته التاريخية في تشكيل مجتمع ديمقراطي علماني, كما حدث في مصر, أو ينخرط في لعبة الانقلابات العسكرية كما في السودان, أو التبعية للقوى الطائفية في أقطار أخرى الخ..
حينئذ فإن يافطة الشيوعية والاشتراكية ترفع لإخفاء فشل الحزب في أن يشكل بؤرة ديمقراطية واسعة في البلد, وحينئذٍ تكون الهياكل البيروقراطية قد تمكنت من شل إرادته النضالية, وتغدو مسألة النضال من أجل الاشتراكية لافتة لإخفاء النضال من أجل الديمقراطية داخل الحزب والمجتمع.
وعندما يغدو هدف القيادات الحفاظ على مواقعها, فإنها تملأ المراكز القيادية بالاتباع والعناصر الضعيفة والذيلية ومنعدمي الشخصية والجرأة الفكرية, وتربط خطط الحزب بمصالحها الشخصية فتقود التنظيم إلى سلسلة من الكوارث, وتخرب النضال الديمقراطى في البلد المعني, وتتحالف مع قوى من الضرر الفادح التحالف معها, وتترك قوى ينبغي التحالف معها, وتجير التحالفات مع القوى الدكتاتورية المحلية والعربية والعالمية لتكريس الدكتاتورية داخل الحزب.
لقد أثبتت أحداث القرن العشرين بأن تشكيل الرأسماليات القومية في بلدان الشرق، ليس اشتراكية، ولكنه نمط من أنماط رأسمالية الدولة، وبهذا فإن التجربة العربية التقدمية الراهنة ليست معنية بربط نفسها بتلك التسمية الاشتراكية، ومع هذا فهي معنية بإجراء تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة في حياة الدول والناس، ومن هنا صار نضالها من أجل رأسمالية الدولة مرتبطاً بالديمقراطية، وبقيام برلمانات تراقب المال العام وتقود الحياة السياسية.
ولهذا فإن شعارها من أجل رأسمالية الدولة الديمقراطية الوطنية، حيث يلعب القطاع العام دوراً قيادياً، يترابط ونضالها من أجل إشاعة العلمانية والحداثة في المجتمعات العربية التقليدية. فهو يعبر عن وجهها الاجتماعي الأساسي.
إن هذا المجرى الكفاحي يجعل الأحزاب التقدمية تعيد تشكيل مهماتها التاريخية والمرحلية، على ضوء التحولات الكبرى في العصر.
فالتعاون مع القوى الديمقراطية والليبرالية يبقى هو الشكل الأساسي لتعاونها وتحالفاتها، لأنه يتجه لتكريس بنية اجتماعية علمانية ديمقراطية، وهنا يعني نضالاً مع الحلفاء والأصدقاء، وأحياناً لتفكيك ارتباطاتهما الفكرية والسياسية والاقتصادية بالإقطاع السياسي والديني، وهي الأمور التي تعيق تطورهما الديمقراطي.
وبطبيعة الحال فإن تعبير الليبرالية عن الفئات الوسطى المختلفة يقود إلى تضال في المصالح، كقيام أرباب العمل بتسريح العمال أو تأييد رفع الأسعار وتدني الأجور، فإن الأحزاب التقدمية لا يمكن أن تساير مثل هذه الخطوات، بل تقاومها، ولكن ذلك لا يمكن أن يمنع التعاون التاريخي لتشكيل مجتمع ديمقراطي مشترك.
ولهذا فإن الأحزاب التقدمية لا يمكن أن تقيم علاقات مع القوى الفاشية، ولا بد أن تكون حذرة من القوى السياسية المعبرة عن الإقطاع الطائفي والسياسي، التي تكرس بنى اجتماعية متخلفة ومعيقة لتطور الشعوب العربية. وتتوجه لتفكيك علاقات الفئات الوسطى بالإقطاع، تثقيفاً ونضالاً.
إن جذور القوى التقدمية العربية تبدأ من الثورة المحمدية النهضوية، حيث تشكل التحالف التاريخي بين الفقراء والتجار لتشكيل دولة نهضوية، وثم ربط تقدم الثورة بتطور مصالح الجمهور وتقدمه الفكري. وإذا كان هذا العصر لا يتماشى مع الفتوحات، فهناك فتوحات الإصلاحات الداخلية، وإعادة المال العام إلى أصحابه، وتفجير الطاقات الشعبية.
وبهذا فإن التراث العربي الإسلامي يغدو هو المرجع الرئيسي لنمو القوى التقدمية، محللة ودارسة بموضوعية التكوينات القديمة وأسباب عرقلة تطور الفئات الوسطى والتحديث وحقوق الجمهور، مستفيدة من هذه القراءة الموضوعية لخبراتها النضالية المعاصرة.
إن تشكيل جبهات ديمقراطية موسعة سيكون تعبير؛ عن مدى نجاح القوى التقدمية في أن تلعب دوراً محورياً يؤهلها فيه وعيها المتقدم، وقدرة هياكلها السياسية على الانفتاح والتجدد، ولكونها قادرة على أن تحدد الخطوط الرئيسية للتقدم المنتظر وبدء السير فيه، مع كافة القوى القادرة على التطور الفكري والسياسي الداخلي، أي القادرة على تجاوز دكتاتورياتها التنظيمية والفكرية، وهذا أمر شاق وطويل.
إذن فإن تجاوز (الشيوعية) يعني تجاوز هياكل سياسية وأنماط فكرية متكلسة، ولا علاقة له بتجاوز التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية المستقبلية غير المحددة، مركزين على تجاوز البنى التقليدية الراهنة، وكيفية فهمها وتغييرها.
ولندع لأبناء المستقبل كيف يحددون نضالهم وعالمهم. أما نحن فمسئولون عن زمننا، وكيفية التغلب على صعوباته.


