كيف تقرأ الأفلام في الكتب؟
تحقيق: نرمين حلمي
المنشور في عدد يوم الثلاثاء 4 فبراير 2020 للعدد رقم (1026) لجريدة "القاهرة" الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية.
نص التحقيق الصحفي:
محمد هشام عبيه: "بنزين 80" يصلح كسيناريو أكثر منه رواية
ماجدة خير الله: الكتابة مسألة ذاتية وأكره ورش كتابة السيناريو
هالة البشبيشي: أرفض نشر السيناريو المعتمد على الحوار فقط دون سرد
إيهاب الملاح: لدي تحفظات على "الرواية السينمائية" والدراما الناجحة تغري بفضول قراءة السيناريو
محمود عبد الشكور: السيناريو لا يكتمل إلا بتجسيده على الشاشة وهذه فضيلة الأفلام في الكتب
شهدت الدورة الـ 51 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ظهور كتب النصوص السينمائية؛ التي تحتوي على سيناريوهات أفلام لم تعرض على الشاشة من قبل، لمؤلفين كبار ذات خلفية سينمائية ودرامية جيدة.
صدرت عن دور نشر مختلفة، متمثلة في عدة معالجات متنوعة؛ تختلف ما بين القصص الإجتماعية والرومانسية والتشويق والإثارة والجريمة، أبرزها: "بنزين 80" للكاتب الصحفي محمد هشام عبيه، و"حذاء ساتان أحمر" للكاتبة ماجدة خير الله، و"شجرة حمام" للسيناريست ناصر عبد الرحمن، والطبعة الثانية لـ "فيلمين في كتاب" للكاتب شريف عبد الهادي.
"القاهرة" حاورت صناع الثقافة والنقاد، خلال فعاليات المعرض لعام 2020، حول تفاصيل تلك المؤلفات الأدبية فيما يخص كواليس الكتابة والتحضير، للوصول إلى أسباب التوجه لهذه الموجة الجديدة وعما إذا كان يعد وسيلة للهروب من القيود الإنتاجية والإخراجية أو الابتعاد عن ورش الكتابة المنتشرة في سوق الدراما الحالية.
سبب نشر الأفلام في الكتب
"ليس هروبًا بقدر ما هو البحث عن نافذة أخرى" يجيب "عبيه" لـ "القاهرة": "غاية كل كاتب تحويل السيناريوهات التي يكتبها إلى أفلام، لكن إذا استعصى ذلك لأسباب عدة، فما المشكلة في ظهور السيناريو مطبوعًا في كتاب؟. أعتقد أن ذلك مفيد للجميع المؤلف والقاريء ودار النشر بوصفها تقدم فنًا مختلفًا ويمكن أيضًا أن يكون مفيدًا للعاملين في مجال الإنتاج السينمائي حينما يعثرون على سيناريوهات مكتوبة في كتاب".
"بنزين 80" الصادر حديثًا عن دار "الوطن" للنشر والتوزيع، تدور أحداثه كلها في محطة وقود، بالتزامن مع فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة 2012، حيث تقع حادثة احتجاز رهائن غير مخطط لها في محطة وقود مملوكة لعضو برلمان في ذروة الأزمة التي ضربت مصر في هذا الوقت.
استغرق تنفيذه ما بين عامين لثلاثة، كتابة متقطعة، وعن الفكرة وكواليس الكتابة والتحضير، يقول "عبيه": "الكتاب هو نتاج ورشة سيناريو الخاصة بشركة "بيرثمارك فيلمز لتطوير السيناريو" للمنتجة دينا حرب، وتحت إشراف السيناريست وائل حمدي. بدأت العمل فيه في 2016، والكتاب المنشور هو النسخة التاسعة تقريبًا من السيناريو بعد تطويرات ومراحل متعددة".
صُدر للكاتب الصحفي والسيناريست عدة مؤلفات أدبية سابقة، يشمل أدب الرحلات والساخر، من بينها "الكتاب الأمريكاني"، و"بدون تأشيرة"، كما شارك في كتابة عدة مسلسلات ناجحة؛ منهم: "زودياك"، و"في كل أسبوع يوم جمعة"، و"زي الشمس"، و"رحيم"، و"طلعت روحي"، و"سقوط حر".
وبسؤاله عن سر اختيار نشر القصة في صيغة سيناريو بدلاً من تحويلها إلى نص أدبي روائي، يوضح أنها تمت كتابتها مباشرة كسيناريو، مستغرقة الكثير من المجهود والوقت، "وبالتالي لم يكن لدي الطاقة والجهد لتحويله لرواية".
قوالب خاصة بالأفكار
يضيف: "خاصة وأن طبيعة السيناريو في الكتابة تختلف في أشياء كثيرة عن الرواية. ربما لاحقًا أنشر رواية لكنها بكل تأكيد لن تكون "بنزين 80". كل نوع من الأدب له خصائصه ومتعته. وفي ظني بنزين 80 يصلح كسيناريو أكثر منه رواية".
وعن ردة فعله إذا طُلب منه تحويله للتجسيد سينمائيًا بعد نشره، يقول "عبيه": "سأوافق بالطبع، لقد سعيت لتحويله بالفعل لفيلم سينمائي لكني لم أوفق وقلت ربما يكون حظه أفضل ككتاب مطبوع"، لافتًا إلى أنه يمكن أن يجري عليه بعض الإضافات أو التعديلات إذا تحمس مخرج أو شركة إنتاج للفيلم؛ مفسرًا: "لأن بطبيعة الحال السيناريو يخضع للعديد من التفسيرات الفنية ووجهات النظر وقت تنفيذه على الشاشة".
وهو ما تتفق السيناريست والناقدة الفنية ماجدة خير الله على تطبيقه نحو أحدث مؤلفاتها، حيث إنها لا ترى مانعًا في ذلك، بعدما وثقت الفكرة والقصة بنشرها في الكتاب، وبسؤالها عن مشاركة كاتب اَخر في السيناريو عند تحويله للشاشة، توضح إنها لا تميل إلى ذلك، لأنها ترى أن الكتابة "مسألة ذاتية جدًا".
تفسر: "تروي حدوتة وموضوع يخص إحساسك وأفكارك، لا يجوز أن يشاركك أحد فيه، حتى لو أكثر منك حرفية لأنه هيكتب ما يخصه من مشاعره وأفكاره وهو بالطبع ما سيكون مختلفًا، لا أفضل ذلك، لكن ربما تتغير الأوضاع وقتذاك إذا كان السيناريست لديه أفكار جديدة لنفس الموضوع أو لدينا تشابه في الأفكار"، لافتة إلى إنها تكره "ورش الكتابة"؛ والتي أدت إلى ظهور العديد من الأعمال الفنية غير الجيدة في السنوات الأخيرة.
وعن ظهور موجة كتب جديدة لهذا النوع خلال معرض الكتاب 2020، تقول "خير الله": "نشر السيناريوهات في الكتب سيؤدي إلى اتجاه مختلف، أتمنى أنها تكون خطوة إيجابية، وهو ما قد يساعد شركات الإنتاج في الوصول لعمل فني جاهز واضح المعالم بشخصياته وأحداثه".
"حذاء ساتان أحمر" الصادرة حديثًا عن دار "ديير" للنشر والتوزيع، تقع أحداثها عقب ثورة 25 يناير، في أجواء تجمع بين الماضي والحاضر، وهو يعد أول كتاب سيناريو للناقدة الفنية "خير الله"، التي كتبت سيناريو العديد من الأعمال السينمائية والدرامية الناجحة، منها: مسلسل "ساعة عصاري"، و"وجه القمر"، وفيلمي "العجوز والبلطجي، و"العفاريت".
استغرق تحضيره حوالي سنة، وتصف "ماجدة" كيف راودتها الفكرة: "أثناء إعطائي لورشة كان الشباب المبتديء يطلبون قراءة سيناريوهات للتعلم منها، بعيدًا عن تدخل رؤية المخرج فيها وكتابة وصف التكنيك الخاص بكل مشهد، وما كان متوفر وقتذاك على المواقع الإلكترونية، التي كانت تهتم بنشر سيناريوهات الأفلام والمسلسلات مثل موقع "زائد18"، سيناريوهات الأعمال المعروضة فقط".
لا ترضي تلك السيناريوهات ذائقة المبتدئين أو الشباب غير الواعي بالتقنيات السينمائية؛ تصف: "وهو ما كان يسبب بعض الربكة للقاريء وعدم فهم الحدوتة كاملة؛ لعدم استطاعته فهم المصطلحات السينمائية المتخصصة، وهو ما جعلني أفكر اَنذاك أن هذا النوع من الفنون غير متوفر بالفعل".
تتابع: "وتذكرت ما أثاره الكاتب إحسان عبد القدوس قديمًا؛ حينما تساءل عن ندرة وجود نصوص السينما "السيناريو" في كتب، على غرار نشر نصوص مسرحية في الكتب ولا يفقد القراء متعة مشاهدتها أثناء قراءتها بين دفتي كتاب، ونشر "عبد القدوس" سيناريو فيلمه مكتوبًا في كتاب معنون بـ "بعيدًا عن الأرض"، ومن ثمً حوله إلى فيلم سينمائي، ولكنه لم يحقق نجاحًا ملحوظًا بأي وسيط فني منهما اَنذاك".
قررت "ماجدة" كتابة "حذاء ساتان أحمر" لمخاطبة هذه الشريحة من القراء التي تبحث عن مثل تلك النوعية من السيناريوهات، مؤكدة أنها لم تواجه صعوبات في النشر؛ تقول: "في البداية قررت أكتبها كتجربة لنفسي، حتى عَرض صاحب دار النشر طباعة عمل روائي لي ولكني أوضحت له وقتذاك إنني أكتب السيناريو وليس الرواية، ومن ثمً تحمس لنشرها في كتاب جديد؛ كنوع مختلف وغير المنتشر مثل أغلب الروايات التقليدية المطبوعة أو كتب المجموعات القصصية".
الجمهور المستهدف
يتفق الناقد محمود عبد الشكور مع "خير الله" في نوعية الجمهور المستهدف لكتب السيناريو لدراما لم تُعرض من قبل، يقول لـ "القاهرة": "تمنح كتب السيناريو فرصًا للتعلم والمناقشة للمبتدئين؛ المتسائلين عن عناصر السيناريو والحوار وكيفية كتابته، ويواجهون صعوبة دومًا في الوصول له إلا إذا وجدوا فرصًا للحصول عليه بواسطة أحد السينمائيين".
يوضح "عبد الشكور" أن كتب السيناريو ليست ظاهرة جديدة، وموجودة في كل بلدان العالم، الفارق بالطبع إنها سيناريوهات لأعمال عُرضت سينمائيًا قبل مرورها على مرحلة النشر الورقي، لكن توجه كُتاب السيناريست إلى نشر أعمالهم في الكتب قبل العرض يدل على وجود "أزمة في توفر فرص تنفيذ تلك الأعمال".
يضيف: "هي أحد المنافذ التي تساعدهم على نشر أعمالهم؛ خاصة لو في أسباب كثيرة تحول دون تنفيذهم سينمائيًا، سواء كانت فيما يخص الرقابة أو أي أسباب أخرى تخص نوعية الموضوعات المطروحة داخلها"، مستشهدًا بكتاب "فيلمين في كتاب" للكاتب السيناريست شريف عبد الهادي الصادر حديثًا عن دار "الهالة" للنشر والتوزيع، مشيرًا أنه يحتوى على قصتين جريئتين؛ خاصة الأولى التي تدور أحداثها داخل كهف وتتناول علاقة الإنسان بربه والأديان الأخرى.
يرى "عبد الشكور" أن الأفضل تحويل السيناريو لفيلم سينمائي حتى بعد نشره في الكتب ولكن يُستحسن قبله، مؤكدًا أنه لا يؤثر على مكانة الرواية التقليدية في المشهد الثقافي: " لا نستطيع وصفه بـ جنس أدبي مستقل، ولا يوجد مقارنة بين كتب سيناريو الأفلام والروايات التقليدية، ولا يؤثر ظهور الأولى على مكانة الثانية إطلاقًا، لأنهما نوعان مختلفان؛ فالرواية عمل أدبي كامل مستقل، إنما السيناريو عبارة عن خطة عمل أو مشروع قيد التنفيذ. يخضع لعدة تغييرات من أجل ذلك، ولا يكتمل إلا بتجسيده على الشاشة".
وفي السياق ذاته، يؤكد الناقد الأدبي إيهاب الملاح لـ "القاهرة" على الفرق الكبير بينهما: "لدينا أشكال ودوائر كثيرة من الكتابة، كل كتابة تجذب جمهورها ولها أبجديتها الخاصة، ويجب أن تحترم كلاهما الأخرى".
تعريف النصوص السينمائية في الكتب
وعن المسميات المتداولة للنصوص السينمائية في الكتب ما بين "السيناريو" و"الرواية السينمائية"، يقول "الملاح" إنه لديه بعض التحفظات على المصطلح الثاني ولا يرفضه أو يهاجمه، الذي ظهر منذ صدور رواية "فيرتيجو" لأحمد مراد عندما طُبعت تحت هذا التصنيف: "لأن الرواية شيء اَخر؛ وهو عالم متخيل له خصائصه النوعية وجمالياته المعروفة في تراث الرواية العالمية والأدب العربي، وهي شكل مرن يتقبل اللعب في تقنياته السردية ويستفيد من فنون كثيرة ومنها السينما؛ باستخدام بعض تقنياتها مثل القص واللزق والكولاج والفلاش باك، إنما في النهاية هي نصوص لها قوانينها الذاتية".
يتابع: "لكن الكتابة التي لها غرض أساسي منها أن تنفذ عَبر وسيط اَخر؛ سواء كان السينما أو الدراما، سيتم تحويل أو تجسيد هذه الكتابة من خلال تقنيات أخرى إلى عمل فني اَخر مستقل له قوانينه وشروطه، وهو الفرق الذي كان يعيه نجيب محفوظ جيدًا، كان يكتب رواية ويأتي سيناريست اَخر لتحويلها، يقر "محفوظ" وقتها أنه مسئولية صناعه ومسئوليته ما هو مكتوب في الرواية فقط".
يضيف: "وبالتالي "حديث الصباح والمساء" الناس تشعر ببعض الصعوبة عند قراءتها من الرواية، خاصة بعض القراء غير المدربين على القراءة بصفة مستمرة وليس لديهم ذائقة عالية، يشعر إنها غير ممتعة، لكن عندما يشاهدون الحكاية مجسدة في مسلسل بواسطة محسن زايد الذي كتبها، وجدوا أنه خلق نصًا اَخر بفهمه لروح القصة والرواية جيدًا وبالتالي خلق هذا العالم الذي مازال حتى الاَن يحظى بإعجاب الكثيرين".
يرى "الملاح" أن هناك بعض الأعمال الفنية الناجحة تغري بالفضول لقراءة السيناريو الخاص بها؛ نتيجة جودتها العالية ونجاحها الكبير الذي تحققه، مثل الأعمال الدرامية للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة؛ حيث طالب الكثير من الجمهور بطباعة تلك السيناريوهات نظرًا أن هناك "جمل منقوشة في أذهان الناس من جمالها ودقتها ودلالتها" مثل مسلسلي: "ليالي الحلمية"، و"أرابيسك".
يتابع: "سلسلة "اَفاق سينمائية" في قصور الثقافة من أواخر التسعينيات، بادرت بنشر مجموعة سيناريوهات محكمة ومتقنة لأسماء كبيرة في الدراما، والتي شملت عدة سيناريوهات رائعة منها: سيناريو مسلسل "عرق البلح" لرضوان الكاشف وعمل اَخر نادر لمحفوظ عبد الرحمن مسلسل "ليلة سقوط غرناطة" وظروفه الإنتاجية لم تسمح بانتشاره بدرجة كافية ولم أراه من قبل لكن عندما قرأت السيناريو المنشور له، كان متعة على الرغم من عدم مشاهدتي للمسلسل، لما قرأت السيناريو الذي يقع في ثلاث عشر حلقة، كان شيئًا مذهلاً من المتعة الجمالية الخالصة لدرجة كنت أتمنى رؤية قدرتهم في ترجمة براعة السيناريو إلى الشاشة".
لكن طباعة سيناريو فيلم أو دراما قبل عرضها على الشاشة، يعود لرغبه واختيار مؤلفه فقط،
وبسؤاله عن رأيه في تلك التجربة، يقول: "لم يقع تحت عيني نموذجًا منتميًا لهذا النوع وجعلني أشعر بالحماسة أو أقرأه باعتبار إنني أقرأ سيناريو قد يتجسد ذات يوم على الشاشة واستعيد خبرة جمالية لطيفة"، لافتًا إلى أن "في النهاية، ما يجعلنا نقول هذا العمل كُتب له النجاح؛ الناس والوقت والزمن؛ الأعمال ذات القيمة تبقى بغض النظر عن كافة الاَراء".
منافسة الناشرين للمنتجين
ومن هذا المنطق ذاته، توضح الكاتبة هالة البشبيشي، مديرة "الهالة" للنشر والتوزيع، سبب رفضها نشر العديد من السيناريوهات التي عُرضت عليها بعد فترة وجيزة من طباعتها لكتاب "فيلمين في كتاب" منذ شهر أغسطس الماضي لعام 2019، سواء كانت لكُتاب سيناريو محترفين عُرضت أعمالهم على الشاشة بالفعل أو هواة ومبتدئين لم تُحول كتاباتهم سينمائيًا أو دراميًا من قبل، على الرغم من اهتمامات سياسة نشر الدار بطباعة كتب الفن التشكيلي والمسرح والسينما والسيناريو ودراسات فنية بجانب النوعيات الأدبية الأخرى.
تفسر "البشبيشي" لـ "القاهرة": "معظمهم لم يجتازوا مرحلة القبول؛ نظرًا لأن بناء السيناريو كان معتمدًا على الحوار فقط، بدون سرد تقريبًا"، فيما توضح سبب رفضها لنشر السيناريو بعد تجسيده سينمائيًا بغض النظر عن قوته أو نجاحه: "أنا أحب العكس، وهذا النوع لا يجذبني ولا أعتقد أن له جمهور، فالأفضل تنشر نص السيناريو في الكتاب أو رواية قوية ثم تتحول لسيناريو، لأن القاريء بعد قراءته يكون مدركًا لتفاصيلها ومن ثمً يشاهدها برؤية مختلفة في السينما".
أمًا أكثر ما حمسها لخوض تجربة نشر سيناريو الفيلم قبل عرضه من خلال "فيلمين في كتاب"، على الرغم من حداثة النوع على السوق الثقافي؛ فهو مشروع "عبد الهادي" الأدبي والذي يطلق عليه "السينما المقروءة" وتمكنه في هذه النوعية من السرد والكتابة؛ حيث صُدر له كتابان سابقان ينتميان لهذا النوع؛ وهما: "كوابيس سعيدة"، و"تيستروجين" عن دار نهضة مصر، بالإضافة إلى منح القاريء متعة المشاهدة السينمائية بدون تغريمه سعر تذكرة السينما المرتفعة مقارنة بتسعيرة الكتاب.
تصف "البشبيشي":"كتابته توحي لك بإحساس السينما، وأنا بستمتع بقراءتها وبدخل في أحداثها، وبحس إني شايفاها، والفرق بينها وبين العرض سينمائيًا إن القاريء هو الذي يصنع الأجواء، فيتخيل صوت البطل وشكله والأجواء المحيطة به، وبها مزج بين القراءة والرؤية"،
مشيرة إلى أنها لاحظت ردود أفعال إيجابية وصدى قويًا من قِبل القراء منذ نشره وحتى الاَن.
المنشور في عدد يوم الثلاثاء 4 فبراير 2020 للعدد رقم (1026) لجريدة "القاهرة" الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية.
نص التحقيق الصحفي:
محمد هشام عبيه: "بنزين 80" يصلح كسيناريو أكثر منه رواية
ماجدة خير الله: الكتابة مسألة ذاتية وأكره ورش كتابة السيناريو
هالة البشبيشي: أرفض نشر السيناريو المعتمد على الحوار فقط دون سرد
إيهاب الملاح: لدي تحفظات على "الرواية السينمائية" والدراما الناجحة تغري بفضول قراءة السيناريو
محمود عبد الشكور: السيناريو لا يكتمل إلا بتجسيده على الشاشة وهذه فضيلة الأفلام في الكتب
شهدت الدورة الـ 51 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ظهور كتب النصوص السينمائية؛ التي تحتوي على سيناريوهات أفلام لم تعرض على الشاشة من قبل، لمؤلفين كبار ذات خلفية سينمائية ودرامية جيدة.
صدرت عن دور نشر مختلفة، متمثلة في عدة معالجات متنوعة؛ تختلف ما بين القصص الإجتماعية والرومانسية والتشويق والإثارة والجريمة، أبرزها: "بنزين 80" للكاتب الصحفي محمد هشام عبيه، و"حذاء ساتان أحمر" للكاتبة ماجدة خير الله، و"شجرة حمام" للسيناريست ناصر عبد الرحمن، والطبعة الثانية لـ "فيلمين في كتاب" للكاتب شريف عبد الهادي.
"القاهرة" حاورت صناع الثقافة والنقاد، خلال فعاليات المعرض لعام 2020، حول تفاصيل تلك المؤلفات الأدبية فيما يخص كواليس الكتابة والتحضير، للوصول إلى أسباب التوجه لهذه الموجة الجديدة وعما إذا كان يعد وسيلة للهروب من القيود الإنتاجية والإخراجية أو الابتعاد عن ورش الكتابة المنتشرة في سوق الدراما الحالية.
سبب نشر الأفلام في الكتب
"ليس هروبًا بقدر ما هو البحث عن نافذة أخرى" يجيب "عبيه" لـ "القاهرة": "غاية كل كاتب تحويل السيناريوهات التي يكتبها إلى أفلام، لكن إذا استعصى ذلك لأسباب عدة، فما المشكلة في ظهور السيناريو مطبوعًا في كتاب؟. أعتقد أن ذلك مفيد للجميع المؤلف والقاريء ودار النشر بوصفها تقدم فنًا مختلفًا ويمكن أيضًا أن يكون مفيدًا للعاملين في مجال الإنتاج السينمائي حينما يعثرون على سيناريوهات مكتوبة في كتاب".
"بنزين 80" الصادر حديثًا عن دار "الوطن" للنشر والتوزيع، تدور أحداثه كلها في محطة وقود، بالتزامن مع فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة 2012، حيث تقع حادثة احتجاز رهائن غير مخطط لها في محطة وقود مملوكة لعضو برلمان في ذروة الأزمة التي ضربت مصر في هذا الوقت.
استغرق تنفيذه ما بين عامين لثلاثة، كتابة متقطعة، وعن الفكرة وكواليس الكتابة والتحضير، يقول "عبيه": "الكتاب هو نتاج ورشة سيناريو الخاصة بشركة "بيرثمارك فيلمز لتطوير السيناريو" للمنتجة دينا حرب، وتحت إشراف السيناريست وائل حمدي. بدأت العمل فيه في 2016، والكتاب المنشور هو النسخة التاسعة تقريبًا من السيناريو بعد تطويرات ومراحل متعددة".
صُدر للكاتب الصحفي والسيناريست عدة مؤلفات أدبية سابقة، يشمل أدب الرحلات والساخر، من بينها "الكتاب الأمريكاني"، و"بدون تأشيرة"، كما شارك في كتابة عدة مسلسلات ناجحة؛ منهم: "زودياك"، و"في كل أسبوع يوم جمعة"، و"زي الشمس"، و"رحيم"، و"طلعت روحي"، و"سقوط حر".
وبسؤاله عن سر اختيار نشر القصة في صيغة سيناريو بدلاً من تحويلها إلى نص أدبي روائي، يوضح أنها تمت كتابتها مباشرة كسيناريو، مستغرقة الكثير من المجهود والوقت، "وبالتالي لم يكن لدي الطاقة والجهد لتحويله لرواية".
قوالب خاصة بالأفكار
يضيف: "خاصة وأن طبيعة السيناريو في الكتابة تختلف في أشياء كثيرة عن الرواية. ربما لاحقًا أنشر رواية لكنها بكل تأكيد لن تكون "بنزين 80". كل نوع من الأدب له خصائصه ومتعته. وفي ظني بنزين 80 يصلح كسيناريو أكثر منه رواية".
وعن ردة فعله إذا طُلب منه تحويله للتجسيد سينمائيًا بعد نشره، يقول "عبيه": "سأوافق بالطبع، لقد سعيت لتحويله بالفعل لفيلم سينمائي لكني لم أوفق وقلت ربما يكون حظه أفضل ككتاب مطبوع"، لافتًا إلى أنه يمكن أن يجري عليه بعض الإضافات أو التعديلات إذا تحمس مخرج أو شركة إنتاج للفيلم؛ مفسرًا: "لأن بطبيعة الحال السيناريو يخضع للعديد من التفسيرات الفنية ووجهات النظر وقت تنفيذه على الشاشة".
وهو ما تتفق السيناريست والناقدة الفنية ماجدة خير الله على تطبيقه نحو أحدث مؤلفاتها، حيث إنها لا ترى مانعًا في ذلك، بعدما وثقت الفكرة والقصة بنشرها في الكتاب، وبسؤالها عن مشاركة كاتب اَخر في السيناريو عند تحويله للشاشة، توضح إنها لا تميل إلى ذلك، لأنها ترى أن الكتابة "مسألة ذاتية جدًا".
تفسر: "تروي حدوتة وموضوع يخص إحساسك وأفكارك، لا يجوز أن يشاركك أحد فيه، حتى لو أكثر منك حرفية لأنه هيكتب ما يخصه من مشاعره وأفكاره وهو بالطبع ما سيكون مختلفًا، لا أفضل ذلك، لكن ربما تتغير الأوضاع وقتذاك إذا كان السيناريست لديه أفكار جديدة لنفس الموضوع أو لدينا تشابه في الأفكار"، لافتة إلى إنها تكره "ورش الكتابة"؛ والتي أدت إلى ظهور العديد من الأعمال الفنية غير الجيدة في السنوات الأخيرة.
وعن ظهور موجة كتب جديدة لهذا النوع خلال معرض الكتاب 2020، تقول "خير الله": "نشر السيناريوهات في الكتب سيؤدي إلى اتجاه مختلف، أتمنى أنها تكون خطوة إيجابية، وهو ما قد يساعد شركات الإنتاج في الوصول لعمل فني جاهز واضح المعالم بشخصياته وأحداثه".
"حذاء ساتان أحمر" الصادرة حديثًا عن دار "ديير" للنشر والتوزيع، تقع أحداثها عقب ثورة 25 يناير، في أجواء تجمع بين الماضي والحاضر، وهو يعد أول كتاب سيناريو للناقدة الفنية "خير الله"، التي كتبت سيناريو العديد من الأعمال السينمائية والدرامية الناجحة، منها: مسلسل "ساعة عصاري"، و"وجه القمر"، وفيلمي "العجوز والبلطجي، و"العفاريت".
استغرق تحضيره حوالي سنة، وتصف "ماجدة" كيف راودتها الفكرة: "أثناء إعطائي لورشة كان الشباب المبتديء يطلبون قراءة سيناريوهات للتعلم منها، بعيدًا عن تدخل رؤية المخرج فيها وكتابة وصف التكنيك الخاص بكل مشهد، وما كان متوفر وقتذاك على المواقع الإلكترونية، التي كانت تهتم بنشر سيناريوهات الأفلام والمسلسلات مثل موقع "زائد18"، سيناريوهات الأعمال المعروضة فقط".
لا ترضي تلك السيناريوهات ذائقة المبتدئين أو الشباب غير الواعي بالتقنيات السينمائية؛ تصف: "وهو ما كان يسبب بعض الربكة للقاريء وعدم فهم الحدوتة كاملة؛ لعدم استطاعته فهم المصطلحات السينمائية المتخصصة، وهو ما جعلني أفكر اَنذاك أن هذا النوع من الفنون غير متوفر بالفعل".
تتابع: "وتذكرت ما أثاره الكاتب إحسان عبد القدوس قديمًا؛ حينما تساءل عن ندرة وجود نصوص السينما "السيناريو" في كتب، على غرار نشر نصوص مسرحية في الكتب ولا يفقد القراء متعة مشاهدتها أثناء قراءتها بين دفتي كتاب، ونشر "عبد القدوس" سيناريو فيلمه مكتوبًا في كتاب معنون بـ "بعيدًا عن الأرض"، ومن ثمً حوله إلى فيلم سينمائي، ولكنه لم يحقق نجاحًا ملحوظًا بأي وسيط فني منهما اَنذاك".
قررت "ماجدة" كتابة "حذاء ساتان أحمر" لمخاطبة هذه الشريحة من القراء التي تبحث عن مثل تلك النوعية من السيناريوهات، مؤكدة أنها لم تواجه صعوبات في النشر؛ تقول: "في البداية قررت أكتبها كتجربة لنفسي، حتى عَرض صاحب دار النشر طباعة عمل روائي لي ولكني أوضحت له وقتذاك إنني أكتب السيناريو وليس الرواية، ومن ثمً تحمس لنشرها في كتاب جديد؛ كنوع مختلف وغير المنتشر مثل أغلب الروايات التقليدية المطبوعة أو كتب المجموعات القصصية".
الجمهور المستهدف
يتفق الناقد محمود عبد الشكور مع "خير الله" في نوعية الجمهور المستهدف لكتب السيناريو لدراما لم تُعرض من قبل، يقول لـ "القاهرة": "تمنح كتب السيناريو فرصًا للتعلم والمناقشة للمبتدئين؛ المتسائلين عن عناصر السيناريو والحوار وكيفية كتابته، ويواجهون صعوبة دومًا في الوصول له إلا إذا وجدوا فرصًا للحصول عليه بواسطة أحد السينمائيين".
يوضح "عبد الشكور" أن كتب السيناريو ليست ظاهرة جديدة، وموجودة في كل بلدان العالم، الفارق بالطبع إنها سيناريوهات لأعمال عُرضت سينمائيًا قبل مرورها على مرحلة النشر الورقي، لكن توجه كُتاب السيناريست إلى نشر أعمالهم في الكتب قبل العرض يدل على وجود "أزمة في توفر فرص تنفيذ تلك الأعمال".
يضيف: "هي أحد المنافذ التي تساعدهم على نشر أعمالهم؛ خاصة لو في أسباب كثيرة تحول دون تنفيذهم سينمائيًا، سواء كانت فيما يخص الرقابة أو أي أسباب أخرى تخص نوعية الموضوعات المطروحة داخلها"، مستشهدًا بكتاب "فيلمين في كتاب" للكاتب السيناريست شريف عبد الهادي الصادر حديثًا عن دار "الهالة" للنشر والتوزيع، مشيرًا أنه يحتوى على قصتين جريئتين؛ خاصة الأولى التي تدور أحداثها داخل كهف وتتناول علاقة الإنسان بربه والأديان الأخرى.
يرى "عبد الشكور" أن الأفضل تحويل السيناريو لفيلم سينمائي حتى بعد نشره في الكتب ولكن يُستحسن قبله، مؤكدًا أنه لا يؤثر على مكانة الرواية التقليدية في المشهد الثقافي: " لا نستطيع وصفه بـ جنس أدبي مستقل، ولا يوجد مقارنة بين كتب سيناريو الأفلام والروايات التقليدية، ولا يؤثر ظهور الأولى على مكانة الثانية إطلاقًا، لأنهما نوعان مختلفان؛ فالرواية عمل أدبي كامل مستقل، إنما السيناريو عبارة عن خطة عمل أو مشروع قيد التنفيذ. يخضع لعدة تغييرات من أجل ذلك، ولا يكتمل إلا بتجسيده على الشاشة".
وفي السياق ذاته، يؤكد الناقد الأدبي إيهاب الملاح لـ "القاهرة" على الفرق الكبير بينهما: "لدينا أشكال ودوائر كثيرة من الكتابة، كل كتابة تجذب جمهورها ولها أبجديتها الخاصة، ويجب أن تحترم كلاهما الأخرى".
تعريف النصوص السينمائية في الكتب
وعن المسميات المتداولة للنصوص السينمائية في الكتب ما بين "السيناريو" و"الرواية السينمائية"، يقول "الملاح" إنه لديه بعض التحفظات على المصطلح الثاني ولا يرفضه أو يهاجمه، الذي ظهر منذ صدور رواية "فيرتيجو" لأحمد مراد عندما طُبعت تحت هذا التصنيف: "لأن الرواية شيء اَخر؛ وهو عالم متخيل له خصائصه النوعية وجمالياته المعروفة في تراث الرواية العالمية والأدب العربي، وهي شكل مرن يتقبل اللعب في تقنياته السردية ويستفيد من فنون كثيرة ومنها السينما؛ باستخدام بعض تقنياتها مثل القص واللزق والكولاج والفلاش باك، إنما في النهاية هي نصوص لها قوانينها الذاتية".
يتابع: "لكن الكتابة التي لها غرض أساسي منها أن تنفذ عَبر وسيط اَخر؛ سواء كان السينما أو الدراما، سيتم تحويل أو تجسيد هذه الكتابة من خلال تقنيات أخرى إلى عمل فني اَخر مستقل له قوانينه وشروطه، وهو الفرق الذي كان يعيه نجيب محفوظ جيدًا، كان يكتب رواية ويأتي سيناريست اَخر لتحويلها، يقر "محفوظ" وقتها أنه مسئولية صناعه ومسئوليته ما هو مكتوب في الرواية فقط".
يضيف: "وبالتالي "حديث الصباح والمساء" الناس تشعر ببعض الصعوبة عند قراءتها من الرواية، خاصة بعض القراء غير المدربين على القراءة بصفة مستمرة وليس لديهم ذائقة عالية، يشعر إنها غير ممتعة، لكن عندما يشاهدون الحكاية مجسدة في مسلسل بواسطة محسن زايد الذي كتبها، وجدوا أنه خلق نصًا اَخر بفهمه لروح القصة والرواية جيدًا وبالتالي خلق هذا العالم الذي مازال حتى الاَن يحظى بإعجاب الكثيرين".
يرى "الملاح" أن هناك بعض الأعمال الفنية الناجحة تغري بالفضول لقراءة السيناريو الخاص بها؛ نتيجة جودتها العالية ونجاحها الكبير الذي تحققه، مثل الأعمال الدرامية للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة؛ حيث طالب الكثير من الجمهور بطباعة تلك السيناريوهات نظرًا أن هناك "جمل منقوشة في أذهان الناس من جمالها ودقتها ودلالتها" مثل مسلسلي: "ليالي الحلمية"، و"أرابيسك".
يتابع: "سلسلة "اَفاق سينمائية" في قصور الثقافة من أواخر التسعينيات، بادرت بنشر مجموعة سيناريوهات محكمة ومتقنة لأسماء كبيرة في الدراما، والتي شملت عدة سيناريوهات رائعة منها: سيناريو مسلسل "عرق البلح" لرضوان الكاشف وعمل اَخر نادر لمحفوظ عبد الرحمن مسلسل "ليلة سقوط غرناطة" وظروفه الإنتاجية لم تسمح بانتشاره بدرجة كافية ولم أراه من قبل لكن عندما قرأت السيناريو المنشور له، كان متعة على الرغم من عدم مشاهدتي للمسلسل، لما قرأت السيناريو الذي يقع في ثلاث عشر حلقة، كان شيئًا مذهلاً من المتعة الجمالية الخالصة لدرجة كنت أتمنى رؤية قدرتهم في ترجمة براعة السيناريو إلى الشاشة".
لكن طباعة سيناريو فيلم أو دراما قبل عرضها على الشاشة، يعود لرغبه واختيار مؤلفه فقط،
وبسؤاله عن رأيه في تلك التجربة، يقول: "لم يقع تحت عيني نموذجًا منتميًا لهذا النوع وجعلني أشعر بالحماسة أو أقرأه باعتبار إنني أقرأ سيناريو قد يتجسد ذات يوم على الشاشة واستعيد خبرة جمالية لطيفة"، لافتًا إلى أن "في النهاية، ما يجعلنا نقول هذا العمل كُتب له النجاح؛ الناس والوقت والزمن؛ الأعمال ذات القيمة تبقى بغض النظر عن كافة الاَراء".
منافسة الناشرين للمنتجين
ومن هذا المنطق ذاته، توضح الكاتبة هالة البشبيشي، مديرة "الهالة" للنشر والتوزيع، سبب رفضها نشر العديد من السيناريوهات التي عُرضت عليها بعد فترة وجيزة من طباعتها لكتاب "فيلمين في كتاب" منذ شهر أغسطس الماضي لعام 2019، سواء كانت لكُتاب سيناريو محترفين عُرضت أعمالهم على الشاشة بالفعل أو هواة ومبتدئين لم تُحول كتاباتهم سينمائيًا أو دراميًا من قبل، على الرغم من اهتمامات سياسة نشر الدار بطباعة كتب الفن التشكيلي والمسرح والسينما والسيناريو ودراسات فنية بجانب النوعيات الأدبية الأخرى.
تفسر "البشبيشي" لـ "القاهرة": "معظمهم لم يجتازوا مرحلة القبول؛ نظرًا لأن بناء السيناريو كان معتمدًا على الحوار فقط، بدون سرد تقريبًا"، فيما توضح سبب رفضها لنشر السيناريو بعد تجسيده سينمائيًا بغض النظر عن قوته أو نجاحه: "أنا أحب العكس، وهذا النوع لا يجذبني ولا أعتقد أن له جمهور، فالأفضل تنشر نص السيناريو في الكتاب أو رواية قوية ثم تتحول لسيناريو، لأن القاريء بعد قراءته يكون مدركًا لتفاصيلها ومن ثمً يشاهدها برؤية مختلفة في السينما".
أمًا أكثر ما حمسها لخوض تجربة نشر سيناريو الفيلم قبل عرضه من خلال "فيلمين في كتاب"، على الرغم من حداثة النوع على السوق الثقافي؛ فهو مشروع "عبد الهادي" الأدبي والذي يطلق عليه "السينما المقروءة" وتمكنه في هذه النوعية من السرد والكتابة؛ حيث صُدر له كتابان سابقان ينتميان لهذا النوع؛ وهما: "كوابيس سعيدة"، و"تيستروجين" عن دار نهضة مصر، بالإضافة إلى منح القاريء متعة المشاهدة السينمائية بدون تغريمه سعر تذكرة السينما المرتفعة مقارنة بتسعيرة الكتاب.
تصف "البشبيشي":"كتابته توحي لك بإحساس السينما، وأنا بستمتع بقراءتها وبدخل في أحداثها، وبحس إني شايفاها، والفرق بينها وبين العرض سينمائيًا إن القاريء هو الذي يصنع الأجواء، فيتخيل صوت البطل وشكله والأجواء المحيطة به، وبها مزج بين القراءة والرؤية"،
مشيرة إلى أنها لاحظت ردود أفعال إيجابية وصدى قويًا من قِبل القراء منذ نشره وحتى الاَن.
Published on February 05, 2020 05:08
No comments have been added yet.


