قصائد لألفريد لورد تينيسون

1


ماريانا


 


“ماريانا في مبنى محوط بالماء”


(شكسبير- العين بالعين)


بأحلك مستنقع، كانت بورات الزهور


متيبسة بكثافة كلها


عنئذ سقطت المسامير الصدئة من عقدها


والتي كانت تمسك شجرة الكمثرى إلى الحائط الجملون(*)


بدت الحظائر المكسورة، حزينة وغريبة..


تاركين فقط خشخشة المزاليج..


راقدة بالعشب، تحذر سقف العشة القديمة


أعلى المبنى الوحيد المحوط بالماء..


فقط قالت “حياتي موحشة، ولم يأتِ بعد”


ثم قالت “أنا منهكة، منهكة،


أود لو كنت ميتة!”


 


في المساء، سقطت دموعها مع الندى


التي سقطت منها قد جفت قبل قطرات الندى


لم يعد بمقدورها النظر إلى السماء الجميلة


حتى في الضحى، أو العشية..


بعد خفق الوطاويط


غمرت عتمة ثقيلة السماء


لفتها كما ستارة محكمة


رمقت عرضا نحو الدور المظلمة..


قالت “الليل موحش، ولم يأتِ بعد”


ثم قالت “أنا منهكة، منهكة،


أود لو كنت ميتة!”


 


عند منتصف الليل


استيقظت عندما سمعت طائر الغراب الليلي


ظل الديك يصدح لساعة قبل الضوء


من أجمة العتمة أتى صوت الثور ضعيفا إليها:


بدون أمل في التغيير، بنومها بدت أنها تمشي متروكة


إلى أن أيقظت الريح الباردة عين الضحى الرمادية،


حول المبني المحوط بالماء..


قالت “اليوم موحش،


ولم يأت بعد”


ثم قالت “أنا منهكة، منهكة،


أود لو كنت ميتة!”


 


عند نصب حجري يبعد عن الحائط


عين قنطرة، بمياه داكنة نائمة


والعديد من فتحاتها، مدورة، وصغيرة


بينما زحفت عناقيد الطحالب الماشية


بصعوبة بفعل طرقة شجرة الحور بعيدا


رغم كل الأشجار الخضراء والفضية بلحائها


لفراسخ، لم تبرز أي شجرة


من مستنقع الضياع، الرمادي المحيط


فقط قالت “حياتي موحشة،


ولم يأت بعد”


ثم قالت “أنا منهكة، منهكة،


أود لو كنت ميتة!”


 


وقتما كان القمر منخفضا


والرياح الزاعقة بالأعلى ماضية


عبر الستارة البيضاء جيئة وذهابا


رأت تمايل الظل الزوبعي


لكن عندما أمسى القمر منخفضا جدا


وقبعت الرياح المتوحشة لداخل زنزانتها


وقع ظل شجرة الحور


على سريرها، وأمام جبينها.


فقط قالت “الليل موحش،


ولم يأت بعد”


ثم قالت “أنا منهكة، منهكة،


أود لو كنت ميتة!”


 


وطوال اليوم بداخل منزلها الحالم


كانت الأبواب تصر على مفصلاتها


الذبابة الزرقاء تغني في التربيعة


والفأر خلف الصندرة المتهالكة صرخ


أو من فجوة قد طل


تلألأت أوجه قديمة عبر الأبواب


لحقتها خطوات قديمة بالأرضيات الأعلى


ودعتها أصوات قديمة من الخارج.


فقط قالت “حياتي موحشة،


ولم يأت بعد”


ثم قالت “أنا منهكة، منهكة،


أود لو كنت ميتة!”


 


زقزقة العصفور فوق السطح


دقة الساعة البطيئة، الصوت


الذي تصنعه الريح الخفيضة


بمعزل عن شجرة الحور


كل هذا أربك إحساسها


ولكن أغلب الأمر نفرت من الساعة


وقتما رقد شعاع الشمس المقذي الثخين


فجأة بالغرف، وكان اليوم


ينحدر نحو عشه الغربي


قالت بعدها “أنا حزينة جدا، إنه لن يأتِ”


قالت وهي تنتحب “أنا منهكة، منهكة،


يا إلهي، كما لو أني ميتة!”


(*):الجملون: طراز البناء الهرمي.


 


 


 


 


2: هجوم الفرقة الخفيفة(**):


I


نصف فرسخ، نصف فرسخ


نصف فرسخ إلى الأمام


جميعها  في وادي الموت


بطريق الستمائة جندي


“إلى الأمام، يا فرقتي


عبئوا البنادق” قالها


وهو يقود الستمائة


عبر وادي الموت..


II


“إلى الأمام،  يا فرقتي..


هل يوجد بينكم رجلا فزعا؟


دون علم أي جندي فقد


أخطأ أحدهم


لم يكونوا مؤهلين للرد


للسؤال لماذا


لم يكن أمامهم سوى فعل ذلك والموت بعدها


فقد كان يقود الستمائة


عبر وادي الموت


III


طلقة مدفع إلى يمينهم


طلقة مدفع إلى شمالهم


طلقة مدفع بمواجهتهم


وابل من الطلقات، الراعدة


تعصف بالقذائف، والفوارغ معا


بجرأة، تابعوا جيدا


إلى فكي الموت


إلى فم الجحيم


وهو يقود الستمائة


IV


 


ومضت كل السيوف العارية


ومضت وقتما بدت في الهواء


تشق بالضاربين هناك


تشحذ همة جيشا،


بينما العالم يستعجب


منشغلا بدخان البطارية(***)


مباشرة عبر الخط الذين عبروه


القوقاز والروس


ترنحوا من شق السيوف


تمزقوا، وشطروا


ثم قاموا للعودة،


ولكن ليس كل الستمائمة


V


طلقة مدفع إلى يمينهم


طلقة مدفع إلى شمالهم


طلقة مدفع بمواجهتهم


وابل من الطلقات، الراعدة


تعصف بالقذائف، والفوارغ معا


بينما وقع البطل، بالحصان..


لقد قاتلوا جيدا


آتين من فكي الموت


عائدين من فم الجحيم


هذا ما بقى منهم


ما بقى من الستمائة


VI


 


متى يمكن لمجدهم أن يخبو؟


أه يالا لها من تهمة ما قد فعلوه


كل من بالعالم استعجبوا


الشرف، كان تهمة ما فعلوا!


الشرف للفرقة الخفيفة.


الستمائة النبلاء..


 


 


 


(**): كان هجوم الفرقة الخفيفة عملاً عسكريًا فاشلًا شارك فيه سلاح الفرسان البريطاني بقيادة اللورد كارديجان ضد القوات الروسية خلال معركة بالاكلافا في 25 أكتوبر 1854 في حرب القرم.


(***): جرس إنذار يعمل بالبطارية.


 


 


 


3: تسألني بلا مبالاة لما أنا مريض..


 


تسألني بلا مبالاة لما أنا مريض


بمنطقتي حيث أتواجد


بداخل الغمامة الأرواح تضطرب


وتذبل بالبحور الأرجوانية


 


إنها أرض الرجال الحر حتى،


تلائم اختيار الوعي الحر


الأرض، حيث تهزأ بالأصدقاء والأعداء


ويمكن للرجل أن يتحدث عما سيفعله..


 


أرض من حكومة ثابتة


أرض للعدل، والسمعة الجيدة


حيث يمكن للحرية التوسع


من سابقة، لسابقة


 


حيث قلما أن يتجمع شغب


لكن بعد درجات إلى الامتلاء المنشود


قوى بعض الاعتقاد قد انتشرت


وكان لها الوقت، والفضاء لتعمل وتتمدد


 


يجب على عصبة النقابات اضطهاد الآراء


والاقتناع بوقت، عندما يصبح اعتقاد وحيد


جريمة أهلية، وأصوات الحرية الفردية مقيدة..


القوة يجب أن تمضي من بلد إلى بلد


تحت اسم بريطانيا العظمى –حتى يمكن


لكل قناة بولاية أن تختنق بالرمل الذهبي-


 


ورغم ذلك رائحة أتتني من مدخل المرفأ


ريح برية! أرغب في سماء أدفأ..


وسوف أرى قبل موتي


النخيل والمعابد في الجنوب..


 


 


 


 


 


[image error]

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 17, 2019 16:31
No comments have been added yet.


litfreak1234.wordpress

إسلام عشري
مدونة خاصة بالأدب
Follow إسلام عشري's blog with rss.