عندما بكى الكفن ! – النسخة المطولة
قد يبدو عنوان هذا المقال غريباً بعض الشيء ولعله يذكرنا بعناوين بعض الأشرطة الإسلامية الدعوية التي انتشرت في بلادنا بشكل كبير حتى أواخر التسعينيات الميلادية قبل أن يدخل الإنترنت حياتنا ويغيرها للأبد. وأنا إذ استخدم هذا العنوان لا أتعمد السخرية، بل أقوم بتلخيص وقائع حادثة بعينها شهدتها شخصياً خلال موسم حج هذا العام ١٤٣٢.
تشاركت في غرفة المخيم مع مجموعة الشابات (تتراوح أعمارهن ما بين الرابعة عشرة وحتى الثلاثين)، والغالبية منهن كانت في الحقيقة دون العشرين، وقد علمت لاحقاً بأن حملتنا، كبقية حملات الداخل، لديها داعيات متخصصات للنساء، ولديهن برنامج دعوي خاص للشابات تحديداً. وما سأسرده هنا هو وقائع إحدى الدروس الدينية الموجهة لهذه الفئة. وقبل أن أخوض في ذلك سأضيف بأن جميع الفتيات الموجودات يدرسن في مدارس وجامعات خاصة، وعدد منهن يدرسن أيضاً في مدارس عالمية، وينتمين إلى عائلات معروفة من جدة والرياض.
كان الليل قد انتصف تقريباً، حين اجتمع شمل الداعيات في غرفتنا بإعتبار أنها ليلة الثاني عشر من ذو الحجة، الليلة الأخيرة للمتعجلات. شخصياً كنت أعرف أن ورائي يوماً حافلاً غداً من رمي الجمرات للمرة الأخيرة ثم التوجه لمكة للطواف والسعي ومن ثم العودة لجدة، وبالتالي كنت أرغب بصدق في أن أنام لبضع ساعات قبل الفجر، لكن هذا لم يحصل لأن أحداً لم يهتم بأن يسأل إن كانت هناك من ترغب بسماع الدرس أو النوم، فطلب العلم " الإجباري" أولى.
بدأت الداعية الأولى الحديث، والتي بدا أنها متطوعة وليست هنا بصفة رسمية، وسأكتشف لاحقاً بأن عملها يتركز في الأعمال الاجتماعية والخيرية وليس لها علاقة بالدعوة. فبدأت بدعاء شامل لله تعالى بأن "يحرق" البلاكبيري اللعين الذي تسبب في ضياع البنات وهتك الأعراض، ثم انتقل الحديث للصلاة والحجاب وكيف أن الأم محاسبة على المعاصي التي ترتكبها ابنتها وهي (إلى حد ما دون أن تقول ذلك صراحة) تستحق ذلك لأنها تعرف كيف توبخ ابنتها على تقصيرها في الدراسة لكنها لا تفعل الشيء نفسه مع فرائض الله. هنا تدخلت واحدة من أصغر فتيات المجموعة (١٦ سنة) وهي تدرس في مدرسة عالمية وتحلم بعضوية مجلس الشورى (عفواً يا أبله..أتوقع هذا الكلام غير صحيح مين راوي الحديث اللي ذكرتيه؟) وهنا جاءها رد صارخ سيتكرر مع غيرها وأمام الجميع : (لا تجادلي!)، وفي الحقيقة أنني تعجبت هنا من أمرين: عدم بكاء البنات من هذا الأسلوب القاسي فأنا حقيقة لو كنت مكانهن لبكيت! والثاني أنهن كن مهذبات جداً في تعاملهن مع هن أكبر منهن سناً حتى في حال عدم اقتناعهن، صحيح أنهن كن يطرحن الكثير من الأسئلة لكنهن كن يفعلن ذلك ببراءة شديدة، كنت أستمتع بمتابعتهن وهن يطرحن الأسئلة التي ما كنت أجرؤ وأنا في عمرهن على طرحها!
انتقلنا من الحديث للحجاب (وهو الحد الأدنى الذي تطالب به المتكلمة) للحديث عن تغطية الوجه، وأن هذا هو الدين الصحيح، رغم اعتراف المتحدثة بأن من قال به مذهب واحد من ثلاثة مذاهب، هنا تجرأت وهممت بالاستشهاد بكتاب الامام الغزالي، إلا أن رداً نارياً وصلني: " الغزالي على عيننا ورأسنا..بس نحنا لنا بشيوخنا!" فأجبتها بهدوء: " ولكن في الإسلام لا يوجد شيء اسمه عالم خاص ببلد ما..الإسلام عالمي والمرء يطلب الدين من أي قطر" ثم أغلقت فمي في انتظار ما ستسفر عنه هذه الليلة.
بعدها استرسلت بطلتنا في الحديث عن مضار كشف الوجه وأن الشاب الذي يرى شفة المرأة المصبوغة بالأحمر يقول في نفسه "يا ليتني أقبلك!" وهنا ثارت طالبة أخرى في الثامنة عشرة، لن أنسى أبداً تعابير وجهها البريء والمليء بالغضب وخيبة الأمل والفزع، وقالت بشجاعة " أنا الفتاة الوحيدة المتحجبة من بين كل صديقاتي..حين أخرج معهن للمطعم تضع كل واحدة منهن الطرحة على كتفها وحدي من تغطي رأسها..وأنت تريدين إقناعي بأن الشاب سيأتي ويبحث عمن كشفت وجهها ويتمنى تقبيلها في حين أمامه كل تلك المغريات من نساء لا ترتدي بعضهن لا الطرحة ولا العباءة أصلاً!". وهنا كان هناك رد ناري آخربانتظارها..لتجرأها طبعاً على طرح هذا الرأي! ووعدت نفسي بأنني سأتكلم معها بعد أن ينفض الجمع، فهذه الفتاة لا يجب أن تفهم بأن كشف الوجه يستوي مع كشف الرأس خاصة وأنها في مجتمع يشجعها على فعل الثاني وهي بتدينها الفطري تقاوم بشجاعة. (وقد فعلت)
لكن برنامجنا الوعظي لم ينته عند هذا الحد، فبعد أن غادر الكبار وظل في الغرفة فقط واحدة أو اثنتين من الأمهات والشابات و مع الداعية المخصصة لهن فوجئت بأن الدرس، الذي قدم في حوالي الساعة الثانية فجراً، هو عن تكفين الميت! الحقيقة صعقت..فبالأمس كان هناك درس جميل عن الجنه وبماذا تحلم كل فتاة بأن يكون لها فيها، كنت أظن أن هذه الدروس منعت من المدارس أصلاً، فإذا بنا نفاجأ بها هنا..في الحج! ومع شريحة عمرية غير مناسبة بالمرة.
لكن كان هذا هو الواقع، وهكذا تم اخراج الكفن الجاهز من العلبة مع نصيحة من الداعية (ومغسلة الموتى) بأن نشتري أكفاننا بأنفسنا لأنه بعضنا طويلات وممتلاءات وبالتالي الأكفان المتوفرة في السوق ربما لا تكون مناسبة. كما تعرفنا على الكافور وبقية الأدوات المستخدمة في هذه العملية، لكن المصيبة الأعظم حدثت عندما سألتنا إن كانت هناك من ستتطوع لكي تكفن ويكون لها أجر تعليمنا وتجربة استشعار الموت! وهنا قفزت طالبة في الثامنة عشرة أيضاً لتقول:" أبلة الله يخليكي كفنيني". وبالرغم من أن إحدى قريبات الفتاة اعترضت وذكرتها بأن أمها قد نبهت عليها مراراً بأن لا تفعل ذلك، إلا أن رضا الأم لم يبدو مهماً لأحد هنا بالرغم من أن درس الأمس كان عن بر الأم!
وهكذا تفرجنا على شرح بالصوت والصورة لعملية التكفين، وبعد أن تم الإنتهاء من العملية وتمت تغطية وجه زميلتنا وربط رأسها، بدأت أسمع أصوات النحيب والبكاء من قبل الحاضرات، وهو أمر شجعته أستاذتنا لأنه دليل على "حياة القلب!" وترافق ذلك مع ذكر العديد من القصص عن النهايات السيئة التي شهدتها الداعية أثناء عملها كمغسلة للموتى، ثم حين بدأ الكفن في الاهتزاز عرفنا بأن الفتاة " الميتة – الحية" قد أخذت تبكي أيضاً، هذا المنظر الأخير كان القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لي.. فقمت بصمت وغادرت المجلس. علمت لاحقاً بأن بعض رفيقات الحجرة طالبن بفك الكفن عن زميلتهن الآن فالمعلومة وصلت، وكان الجواب لا..فهي تريدها أن تمكث مدة أطول لعلها تستشعر الموت! وتتمة القصة تقول بأن أم الفتاة عرفت وحصل لغط وجدل وقتها..وأعجبت فتيات وأمهات بالفكرة في حين عارضتها أخريات.
وعندما استفهمت من إحدى السيدات التي سبق وأن حضرت دروساً مع ذات الحملة وذات الداعية عن سبب تكرار هذا الدرس المخيف؟ قالت بأن الغرض هو الحجاب! فقد لوحظ بأن الكثير من الفتيات يتأثرن كثيراً بمشهد الموت وبهذا الدرس أكثر من غيره فيخرجن من الحج عاقدات العزم على أن لا ينزعن حجابهن أبداً..لا في البلد طبعاً ولا خارجها. وبما أن الغاية تبرر الوسيلة..فهذا يبرر إرعابنا وإقلاقنا بهذا الدرس!
إذا كانت هناك من يعتقدن بأن التأثر يكون دائماً إيجابياً وفي الاتجاه الذي يريده هؤلاء فهن واهمات. هذه الدروس التي ذاع صيتها أيام طفولتنا ومراهقتنا (فنحن أطفال جيل الصحوة) كان لها تأثير سلبي على الكثير من بنات جيلي. بعضهن تحولن لليبرالية والعلمنة بشكل متطرف، والبعض الآخر لم تتطرف وظلت تؤمن بالشريعة منهج حياة ولكنها عاهدت نفسها على أن لا تحضر محاضرة دينية ما حييت ولا تدخل مسجداً لصلاة التراويح (لأنها لا تتحمل دعاء القنوات والبكاء المصاحب له)، ولا تريد أن تتعرف على أي إنسان يرفع شعاراً دينياً يذكرها بطفولتها المرعبة! فدرجة تأثر الناس مختلفة، فكلنا تعرضنا للدرس نفسه وكل واحدة منا كانت لها ردة فعل مختلفة. وهذا الدرس الديني هو من أسوأ دروس تلك المرحلة، إذا أضفنا إليه طبعاً أفلام الفيديو، فلم نكن نستخدم الفيديو الوحيد في المدرسة في التفرج على برامج علمية أو وثائقية، وإنما للتفرج على تعذيب إخوتنا في البوسنة على يد الصرب، وعندما كنا نشاهد شاشات سوداء مكتوب عليها (ممنوع من العرض)، كان يقال بأنها مشاهد إغتصاب! لم نكن في تلك السن نعرف ماذا يعني إغتصاب على الوجه الدقيق! لكن زميلة لي في مدرسة أخرى ذكرت لي بأن المعلمة كانت تفرط في وصف المغتصاب وكيف تسيل الدماء من …. بعد ذلك! (عذراً على الجرأة في الوصف ولكن هناك كلام يجب أن يقال!).
وعودة إلى حج هذا العام، في الحقيقة لا بد من فتح ملف الداعيات في الحج، فما شهدته ليس استثناء، فقد روت لي إحدى صديقاتي ما حصل معها حين حجت قبل سنوات (أيضاً المزيد عن حكايات الميتات العاصيات)، فهل تحتاج الحاجات بمختلف أعمارهن إلى داعية من الأساس؟ رأيي الشخصي نعم ولا.
لا فلأنني قد حججت قبل خمسة عشرة سنة ولم يكن هناك وقتها داعية في حملتنا، ومكننا ذلك بأن نركز أكثر على الدعاء والصلاة وقراءة القرآن. في حين أنه في حجتي الأخيرة كنت لا أجد أحياناً مكاناً أصلي فيه الفريضة بهدوء لأن هناك درس ديني بالداخل، كما أن الدروس الدينية التي شهدتها لم يكن لها وقت بداية أو نهاية محددين. قد تمتد من بعد صلاة العصر وحتى العشاء مع فاصل قصير لصلاة المغرب، شخصياً تقدمت في السن ولا يستوعب عقلي اليوم ولا يتحمل جسدي أن أظل مقعمزة
(على قول إخوتنا الليبين) أكثر من ساعة في محاضرة.
أما نعم فلأننا نحتاج إلى وجود عالمة بالشريعة تجيب على أسئلتنا بخصوص مناسك الحج ومحظورات الإحرام وغيرها، لأن العلم الشرعي كما لاحظت عند بعض النساء قليل خاصة من غير السعوديات وهذه أمور دقيقة تحتاج إلى أجوبة محددة من أجل آداء النسك على أحسن وجه. وقد يكون من المفيد عمل درس ديني يحكي قصة الحج ويذكرنا بأبينا إيراهيم عليه السلام وزوجته وابنه وإيمانهم العظيم (وقد كان هناك درس بالفعل حول ذلك)، وأكثر من ذلك أعتقد أن لا الحال ولا المقام مناسبين.
الغريب أن محرمي الذي كان في قسم الرجال في المخيم لم يتعرض لما تعرضنا له، لا لجهة كثافة المحاضرات ولا مواضيعها، بل كانت لديهم أوقات للأناشيد! فهل المرأة وحدها من يجب إرعابها لتؤمن؟
عندما خرجت من الغرفة وعندما عدتُ واجهت نفس السؤال: لماذا خرجتِ..هل خفتِ؟ وكان جوابي: بالتأكيد يتأثر الإنسان بذكر الموت..لكنني لم أخرج لأنني كنت خائفة بل لأنني كنت غاضبة جداً..وكانت تلك حركة الاحتاج الوحيدة التي أستطيع أن أعبر بها عن غضبي دون أن أخرب حجتي أو أتسبب بالمشكلات لأحد.
أما سبب غضبي فلأنني أحسست بأن السنوات تمضي ولا يتغير في أسلوبنا الوعظي والديني شيء، وهو الأسلوب نفسه الذي تسبب في نفور عدد لا يستهان به من أبناء جيلي من دينهم، لاسيما من المثقفين والمتعلمين، أربعة عشرة سنة مرت على تخرجي من المدرسة الثانوية، وخلال هذه الفترة عرفنا الإنترنت والهواتف المحمولة العادية وأجهزة التصفح الجديدة والقواريء الإلكترونية ومعالجات الحواسيب السريعة وتغيرت خرائط بعض دول العالم وتم اكتشاف الشفرة الوراثية للإنسان وصارت لدينا ثورة معلوماتية جعلت الكون قرية واحدة، حتى كادت معالم الحياة الأولى التي عشناها بالأمس فقط تبدو وكأنها قادمة من زمن سحيق. ومع ذلك يظل خطابنا الدعوي العقيم على حاله، لاسيما الموجه للناشئة، والذي يعتقد بأن التخويف من الموت والنار أجدى من التبشير بالرحمة والجنة، وأن التركيز على الحجاب والنقاب أهم من التركيز عن الإيمان الصادق قولاً وفعلاً بحيث يتحلى المسلم بحسن الخلق ولا يقرب الحرام بأي شكل. لازال الدين يقدم في إطار "الحلال والحرام" بدلاً من الفهم الجوهري لمعنى أن تؤمن يقيناً، وتسلم حياتك كلها لله، وتتبع شريعته في كل أمر.
الخطاب الدعوي السعودي لم يتغير عبر السنين..الترهيب بالموت أبداً بدلاً من محاولة زراعة حب الحياة في نفوس الشباب، تلك الحياة التي تدور في فلك الله تعالى وتعمر هذه الأرض في آن واحد، فلم يخلقنا الله لنموت، بل لنعبده ونعمر الأرض وفق شريعته. فلماذا لم يكن هناك خطاب مناسب للعصر الذي يتسم بميل الشباب لحضور المحاضرات والفعاليات التي تركز على تطوير الشخصية وتحقيق الأحلام وتقديم النماذج الإيجابية مع ربط كل ذلك بالدين وبأهداف الإنسان في هذه الحياة؟ لماذا تسعد الداعيات منذ أيام المدرسة ببكاءنا أكثر من ساعدتهن بفرحتنا؟
كانت هناك محاضرة سابقة لهذه المحاضرة للدكتور عمرو خالد، والتي كانت للجميع نساء ورجالاً، ويالها من محاضرة جميلة ونافعة. فابتداء لا أعتقد أنها زادت عن الساعة، وكانت تدور حول كيفية الاستفادة من الحج للمرحلة القادمة سواء على الصعيد الشخصي (غفر الله لك فلا تعود للمعاصي وقد دعاك وغفر لك)، أو على صعيد الأمة (ما هو العمل الخيري أو التطوعي الذي ستقوم به للمساهمة في رفع أمتك؟ مركزاً هنا على المساهمة بالنفس والمجهود الشخصي أكثر من المساهمة بالمال وموضحاً بأنه حتى لربات البيوت دور والأمر ليس حكراً على الوجهاء أو المتنفذين أو المتعلمين أو المثقفين). وهذا ليس بمستغرب فالرجل – أحبه البعض أو خالفه- يعيش في هذا العصر، ويلتقي بالشباب ويدرك مشكلات الأمة. ويعلم بأنه في الوضع الحالي فإن فقه الأولويات يجب أن يتبع.
سيقول الكثيرون بأن نية هؤلاء الناس طيبة وهم يريدون الخير للشباب، وربما أخطأوا الأسلوب لكن تظل قلوبهم في المكان الصحيح، وأنا لا أنفي ذلك عنهم، بل وأعترف بأن هذه الداعية قد قالت لي شخصياً كلاماً لا يزال يرن في أذني وأنا أشكرها عليه وعلى خفة دمها وطيبتها، ولكننا أمام مرحلة حاسمة من تاريخنا، والتيارات والثورات تعصف بالأمة يمنة ويسرة، والطريق إلى جهنم كما يقال مفروش بالنوايا الحسنة، والدفاع عن الإسلام والحرص على أن لا يتم تنفير أبنائه منه أولوية كبرى لا يمكن التفريط فيها.
فديننا ليس دين الإرهاب ولا دين الموت وكراهية الحياة، بل هو دين التوحيد والرحمة والتآخي وإعمار الأرض ونشر الخير بين الناس. دين يعطيك صدقة علي تبسمك في وجه أخيك وإدخالك بهجة صغيرة على قلبه. لقد انتهى زمن كان يعد فيه الشباب ليكونوا صناع الموت..بل نريدهم أن يكن للحياة صناعاً..يرتقون بأمتهم وينهضون بأوطانهم.
مرام عبد الرحمن مكاوي's Blog
- مرام عبد الرحمن مكاوي's profile
- 36 followers

