لست تدري ما الذي قد حلّ بي من مقلتيكْ..

هذا التوشيح الجميل هو بعض الأبيات من قصيدة كتبها الشيخ عز الدين حسن بن عبد الصمد بن محمد الحارثي العاملي. وهو فقيه وأديب وعالم ورع وزاهد. وهو من أعلام وأعيان الشيعة الإمامية في القرن العاشر الهجري. وقيل في إجازته للعلم أنه كان "ممّن انقطع بكلّيته إلى طلب المعالي، ووصل يقظة الأيّام بإحياء الليالي، حتّى أحرز السبق في مجاري ميدانه، وحصل بفضله السبق على سائر أترابه وأقرانه، وصرف برهة من زمانه في تحصيل هذا العلم، وحصل منه على أكمل نصيب وأوفر سهم". له العديد من القصائد في مدح النبي وآل البيت والغزل الصوفي، ومنها هذه الأبيات الصوفية الغزلية المختارة في توشيح يؤديه الشيخ طه الفشني "ما شممت الورد إلا زادني شوقا إليك" والكلام الأساسي بيقول (لأن الشيخ وبطانته في التسجيل ده بيزود أبيات من هنا وهناك وبيغير ويتصرف في ترتيب الأبيات نفسها):
ما شممتُ الورد إلاّ زادني شوقاً إليكْ
وإذا ما ماس (معناها اختال وتبختر) غصنٌ خلته يحنو إليكْ.
إن يكن جسمي تناءى فالحشى باقٍ لديكْ
لست تدري ما الذي قد حلّ بي من مقلتيكْ.
رُشق القلب بسهمٍ قوسه من حاجبيكْ
كل حسنٍ في البرايا فهو منسوب اليكْ.
إن ذاتي وصفاتي ياحبيي في يديكْ
إن رب العرش و الأملاك قد صلى عليكْ.
التوشيح لحنه الشيخ زكريا أحمد، واتقال قبل الشيخ طه مرة بصوت شيخ تاني قديم اسمه إبراهيم الفران، واتقال تاني بعد الشيخ طه بصوت وديع الصافي. لكن خلينا في صوت وأداء الشيخ طه الفشني هنا. بما إن مفيش آلات موسيقية جنبه فهو حر نوعا ما في الأداء، لأ مش هو حر بس ده هو اللي بيظبط صوت البطانة بتاعته في التسليم والتسلم منها، يعني هو اللي بيحدد هتقول عالي من الجواب إمتى وواطي من القرار إمتى.. صوت الشيخ طه الفشني بيساوي ديوانين كاملين يعني السلم الموسيقي كاملا مضروب في اتنين، ونفسه الطويل جدا كان بيخليه يقدر يقعد يغني في قصايد لمدة أربع ساعات متواصلة.. ومع ذلك بطانته من مطرح ما يسلمها بتستلم منه ولا تخذله أبدا، وكأن كل واحد منهم هو الشيخ طه الفشني نفسه من حيث القدرة، ناهيك عن التجانس والإنسيابية الرهيبة بينهم من غير ما "مايسترو" أو إيقاع إرشادي يقول هنبتدي منين وننتهي فين، يعني محدش بيعدلهم بلغة الموسيقيين. لكن كلهم، مع ذلك، مع بعض تماما وبسهولة ويسر. هو بيبتدي يقول لوحده في البداية "ما شممت الورد إلا زادني شوقا إليك"، بيقول أول مرة زي بطانته وزي لحن الأغنية بتاع الشيخ زكريا وبعدين يرجع يعيده ويقفله قفلة مختلفة شوية صغيرة، حرف موسيقي واحد كده مثلا.. يبقى أكيد عايز تعمل حاجة يا عم الشيخ من القفلة دي؟ ييجي في الآخر خالص ونفهم لما بينقل على موشح تاني خالص، وأتاري القفلة التانية اللي فوق دي كانت فاتحة لهنا عشان ينقل ويختم بيها وهو بيقول:
مَولاي كتبت رحمةَ الناسِ عليك فَضلًا وكَرَمًا
فَالمَرجِعُ والمآل والكُلّ إليك عُربٌ وعَجَم
مالي عَمَلٌ يَصلُحُ لِلعَرضِ عَليك بل صار عَدَم
فارحم ذُلّي ووقفَتي بين يَديك إن ذَلّ قَدَم.
متعة تامة وصفاء وسمو روحي خالص تحسه وإنت بتسمع ومتعايش بوجدانك في هذه الدقائق مع صوت الشيخ طه الفشني وبطانته، وكلمات قصيدة "ما شممت الورد إلا زادني شوقاً إليك".
https://www.youtube.com/watch?v=c6Sa8...
3 likes ·   •  5 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 17, 2018 07:07
Comments Showing 1-5 of 5 (5 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Abu Hasan (new)

Abu Hasan محمد عبيد فعلا موشح ممتع جدا من الشيخين الفشني والفران
كما أني أحب سماعه بالأداء الحر
مثلا هنا:
https://youtu.be/l0GC4kI_PdM
عند الدقيقة ١٤ و٣٠ ثانية


message 2: by [deleted user] (new)

الله الله
عظيم أداء الشيخ حسن وارتجالاته من منطقة أداء مختلفة.. وبيفكرني بأصوات وإبداعات حمزة شكور وصبري مدلّل وغيرهم من نفس المنطقة


message 3: by Abu Hasan (new)

Abu Hasan محمد عبيد صحيح
لكن الشيخ حسن يتميز عنهما بجرأته على الارتجال ومفاجأتك بانتقالات وتصرفات نغمية ومقامية لا تتوقعها
وهذا ما يشدني لسماعه وتتبع تسجيلاته


message 4: by [deleted user] (new)

متفق معاك طبعا :)


message 5: by الواثقه (new)

الواثقه بالله ما معنى ماشممت الورد الا زادني شوقا اليك
وما قصد الشاعر منها
اريد توضيح مفصل فضلا بوركتم


back to top