"إعتذار "عن المشاركة في الثورة
ولدي العزيز اعتذر لك اليوم على مشاركتي فيما كان يسمى حين فعلناه "ثورة 25 يناير"، وما صدر مني في تلك الأيام من تمرد واسقاط للرئيس السابق محمد حسني مبارك، وكذلك إسقاط الدولة البوليسية في مصر، والقضاء على أمن الدولة، والبلطجة اللا نهائية لجهاز الشرطة المصري الذي أدمن تعذيب وإهانة مواطنيه، كذلك اعتذر على استمرار تمسكي بالأمل طيبة 7 شهور تلت سقوط النظام المباركي العتيد، بعد أن سلمنا السلطة للمجلس العسكري، الذي أثبت ولائه التام للتاريخ على حساب المستقبل، والذي واصل - بحكم انتمائه للنظام السابق - ممارسات النظام وسجن وحاكم ما يزيد عن اثنا عشر ألف مدني مستخدما المحاكمات العسكرية، متفوقاً على مبارك نفسه، وأعاق محاكمة قتلة الشهداء، هؤلاء الذين زادوا عن والدك غفلة وضحوا بأرواحهم من أجل الوطن فاذا بهم ضحوا بها ليسلموا السلطة للاورطة العسكرية.
لا أعرف يا صغيري ماذا يعلمونكم في المدارس اليوم ، وماذا كتبوا لكم في كتب التاريخ، أما زالوا يعتبروننا بلطجية خارجون عن القانون، مثيرو شغب ممولون من الخارج لتدمير مصر، وبأن الجيش هو الذي حمى الثورة، أو ربما علموكم أن الجيش هو من قام بالثورة، ولكن لماذا تعتب على والدك، ومصر على مر التاريخ لم تنجح فيها ثورة، منذ تلك الثورة التي قام بها العمال في مصر الفرعونية وانتهت باجتياح الهكسوس لمصر، أم ثورة القاهرة الاولى والثانية والتي ضرب فيها الأزهر بمدافع الفرنسيين، ام ثورة عرابي التي انتهت باحتلال الانجليز، ام ثورة 19 - انجح ثورات مصر على الرغم من فشلها - التي وضعت سعد زغلول على رأس الوزارة، واتت بدستور 23 قبل ان يذهب كل هذا ادراج الرياح، ام الانقلاب العسكري في 52 الذي اصطلح على أن يسمى ثورة يوليو والذي اتى بالعسكر ليحكموا مصر 60 عاما، قبل أن نسقطهم لنأتي بعسكر اخرينن والناريخ يكتبه المنتصرون كيفما يحبون.
هذا كل ما فعلناه ياولدي اسقطنا ثورة يوليو، وبدلنا عسكرا بعسكر، على الرغم من اني خرجت يوم 25 يناير لا لنفسي، لاني أعلم ان الثورات لا تظهر نتائجها قبل 10 سنوات وأنا يالودي ساعتها على مشارف ال40، لكني خرجت من أجلك من أجل أن تحيا حراً رافعاً رأسك، فخورا بمصريتك، تحترم داخل أرض بلادك وخارجها، ولكني فشلت، فسامحني وان كنت لا استحق حتى التحية على شرف المحاولة، لاني تهاونت يوم تركت الميدان يوم 11 فبراير، وتهاونت أكثر عندما انشغلت بصراعات جانبية تاركاً اياهم يمرحون في سدة الحكم دون تحديد جدول زمني لتسليم السلطة، وصرنا مجرد كلاب تنتظر منحة السيد في قطعة من العظم يلقيها يوما بعد يوم، عفو عن فلان، انتخابات تشريعية، دوائر مبهمة، نظام خزعبلي، ننشغل بكل هذا وننسى تسليم السلطة، حتى بقوا في السلطة.
كانت حماقة من والدك الذي ظن يوما ان حمل راسه على يده وذهب يقدمها فداء للوطن، ان في هذا مصلحة للوطن، وكما علمتك ياولدي الحماقة داء لم يكتشف أحد علاجه حتى الأن، والطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة للحمقىن اعذرني وسامحني، وتأكد انك تعيش ظروف والدك كما عاشها، مهان معذب مقيد الحرية على أرض بلاده، فلا تيأس وعش كما أنت لا تثر ولا تفكر حتى في الثورة، فما خلقت لنا وما خلقنا لها.
وان قابلت يوما ابناً لشهيد فارجو منك أن تعتذر له بالنيابة عني، وقل له أبي لم يكن رجلا حتى يأتي بحق والدك، وأن من ثاروا ثم حوصروا بين ضغوط شعبية وعجلة انتاج متوقفة منذ سبعينيات قرنا مضى، واستفتاء على مواد دستورية اعتبره العسكر قبولا بهم على كرسي السلطة وهراء ومحض خراء لم يكونوا يملكون الا برائتهم وحبهم لهذا الوطن الذي ما كان يوماً وطنهم ولا وطنك، انه وطنا للظالمين يحكمون فيه بعض العبيد، وما كنت ولا كان أحدا ممن زاملني في الميدان يوما لنظلم أو لنستعبد.
أطلت عليك ياولدي، ولكنك تعرف أن أباك كان يحبك، وما كان يملك أفضل مما فعل، أحبني ان استطعت ولا تحقد على والد لم يترك لك الا بعضاً من الشرف والكرامة وعزة النفس، الذين لم يملك غيرهم، استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
أسامة
لا أعرف يا صغيري ماذا يعلمونكم في المدارس اليوم ، وماذا كتبوا لكم في كتب التاريخ، أما زالوا يعتبروننا بلطجية خارجون عن القانون، مثيرو شغب ممولون من الخارج لتدمير مصر، وبأن الجيش هو الذي حمى الثورة، أو ربما علموكم أن الجيش هو من قام بالثورة، ولكن لماذا تعتب على والدك، ومصر على مر التاريخ لم تنجح فيها ثورة، منذ تلك الثورة التي قام بها العمال في مصر الفرعونية وانتهت باجتياح الهكسوس لمصر، أم ثورة القاهرة الاولى والثانية والتي ضرب فيها الأزهر بمدافع الفرنسيين، ام ثورة عرابي التي انتهت باحتلال الانجليز، ام ثورة 19 - انجح ثورات مصر على الرغم من فشلها - التي وضعت سعد زغلول على رأس الوزارة، واتت بدستور 23 قبل ان يذهب كل هذا ادراج الرياح، ام الانقلاب العسكري في 52 الذي اصطلح على أن يسمى ثورة يوليو والذي اتى بالعسكر ليحكموا مصر 60 عاما، قبل أن نسقطهم لنأتي بعسكر اخرينن والناريخ يكتبه المنتصرون كيفما يحبون.
هذا كل ما فعلناه ياولدي اسقطنا ثورة يوليو، وبدلنا عسكرا بعسكر، على الرغم من اني خرجت يوم 25 يناير لا لنفسي، لاني أعلم ان الثورات لا تظهر نتائجها قبل 10 سنوات وأنا يالودي ساعتها على مشارف ال40، لكني خرجت من أجلك من أجل أن تحيا حراً رافعاً رأسك، فخورا بمصريتك، تحترم داخل أرض بلادك وخارجها، ولكني فشلت، فسامحني وان كنت لا استحق حتى التحية على شرف المحاولة، لاني تهاونت يوم تركت الميدان يوم 11 فبراير، وتهاونت أكثر عندما انشغلت بصراعات جانبية تاركاً اياهم يمرحون في سدة الحكم دون تحديد جدول زمني لتسليم السلطة، وصرنا مجرد كلاب تنتظر منحة السيد في قطعة من العظم يلقيها يوما بعد يوم، عفو عن فلان، انتخابات تشريعية، دوائر مبهمة، نظام خزعبلي، ننشغل بكل هذا وننسى تسليم السلطة، حتى بقوا في السلطة.
كانت حماقة من والدك الذي ظن يوما ان حمل راسه على يده وذهب يقدمها فداء للوطن، ان في هذا مصلحة للوطن، وكما علمتك ياولدي الحماقة داء لم يكتشف أحد علاجه حتى الأن، والطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة للحمقىن اعذرني وسامحني، وتأكد انك تعيش ظروف والدك كما عاشها، مهان معذب مقيد الحرية على أرض بلاده، فلا تيأس وعش كما أنت لا تثر ولا تفكر حتى في الثورة، فما خلقت لنا وما خلقنا لها.
وان قابلت يوما ابناً لشهيد فارجو منك أن تعتذر له بالنيابة عني، وقل له أبي لم يكن رجلا حتى يأتي بحق والدك، وأن من ثاروا ثم حوصروا بين ضغوط شعبية وعجلة انتاج متوقفة منذ سبعينيات قرنا مضى، واستفتاء على مواد دستورية اعتبره العسكر قبولا بهم على كرسي السلطة وهراء ومحض خراء لم يكونوا يملكون الا برائتهم وحبهم لهذا الوطن الذي ما كان يوماً وطنهم ولا وطنك، انه وطنا للظالمين يحكمون فيه بعض العبيد، وما كنت ولا كان أحدا ممن زاملني في الميدان يوما لنظلم أو لنستعبد.
أطلت عليك ياولدي، ولكنك تعرف أن أباك كان يحبك، وما كان يملك أفضل مما فعل، أحبني ان استطعت ولا تحقد على والد لم يترك لك الا بعضاً من الشرف والكرامة وعزة النفس، الذين لم يملك غيرهم، استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.

Published on September 03, 2011 05:42
No comments have been added yet.