أسمع خصف نعالهم في الجنة

​​


الراحلون في الجنة ونحن نطأ الجحيم. أشعر بأجنحتهم وهي ترفرف على غصون فاكهة مما يشتهون وأرى الدم ينز من أقدامنا ونحن ندوس الشوك. ها قد بلغنا زمن النبوءة التي تروي حكاية بشر يتمرغون بفبور الموتى ويحسدون رقدتهم.


كم من ثور أبيض قد طبخوا لحمه ونحن ننتظر سقوط ثورنا الأسود! هل سيطول انتظارنا أم أننا نستعد لدخول القدر؟ 


تتخاطفنا الاقلام والأصوات بين كتاب ومفكرين وساخطين وواثقين، كل يقرأ ورده ويصف لنا لوحة المستقبل التي يراها ولا يقين يسكننا ولا كلام يبلغ قلوبنا. فقدنا الثقة في الأحاديث، تشوهت في أعيننا الخطوط ولا زلنا نتخبط في شبهات الفعل.


بدأت أفهم مشاعر أهل زمن الطوائف في الأندلس، عرفت كيف تيقنوا الزوال واختلفوا فقط في تصور كيفية الفناء. بعضهم حمله البحر للعدوة القصوى، آخرون وقعوا في العبودية وكثيرون تفنن فيهم الموت. لم تعد لنا عدوة قصوى، لا أظن أن هناك من يستهويه أسرنا ولم يبق لنا إلا الرحيل .. ما أبشع انتظار الرحيل!


 ليثرثر أهل الكلام، ما أطول حبل الكلام! لينسج الحكاؤون أوهام البطولة وليتغن المنشدون بأمجادهم. ليتحلق اهل الكأس في ناديهم وأهل العشق في أماسيهم، وسأكتفي بتدوين لحظات الحشرجة الأخيرة لأمة كان ديوانها الكلام والاستغراق في المبالغة.

لمن سبقونا إلى الجنة ارق التحايا: أعدوا لنا الكثير من الأغصان ولا تكثروا علينا اللوم والسؤال حين نبلغكم.


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 14, 2016 05:59
No comments have been added yet.