سيرة علي بن عبد الله جد الخلفاء العباسيين

اقرأ أولا: ماذاتعرف عن أجداد الخلفاء العباسيين؟
وُلِد في الليلة التي قُتل فيها علي بن أبي طالب، فسُمِّي باسمه وكُنِّي بكنيته؛ فصار أبا الحسن علي بن عبد الله بن عباسوصفه المؤرِّخون بأنه أجمل قرشي على وجه الأرض في وقته، وكان طويلًا مفرط الطول، وكان كثير العبادة حتى لُقِّب بالسَّجَّادوكان سيدًا شريفًا، وكان مُعَظَّما جدًّا إلى الحدِّ الذي كان إذا قدم مكة حاجًّا أو معتمرًا عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام، وهجرت مواضع حلقها، ولزمت مجلس علي بن عبد الله إعظامًا وإجلالًا وتبجيلًا؛ فإن قعد قعدوا، وإن نهض نهضوا، وإن مشى مشوا جميعًا حوله، وكان لا يرى لقرشي في المسجد الحرام مجلس ذِكْر يجتمع إليه فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرموكان عبد الملك بن مروان يُكرم علي بن عبد الله بن عباس ويُقَدِّمه ويُهدي إليه الهدايا، بل كان يُجلسه على سرير الحكم معه، وهي منزلة عُليا؛ إلَّا أنه لما عرف أن كُنيته أبا الحسن، فهو كعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في اسمه وكنيته، طلب منه أن يُغَيِّر اسمه أو كنيته، فرفض أن يغير اسمه؛ ولكن غَيَّر كنيته إلى أبي محمد، ويُصَرِّح ابن خلكان بأن هذا لبُغْض عبد الملك بن مروان لعلي بن أبي طالب؛ حتى إنه لم يحتمل سماع الاسم والكنية معًاولا شَكَّ أن مثل هذا الموقف ساهم في إضافة مزيد من تراكم الثارات في نفوس آل البيت تجاه الأمويين، وأن عليًّا -فيما نظن- أقدم على تغيير كنيته كارهًا مضطرًا.
لكن العلاقة بين علي وعبد الملك بن مروان كانت طيبة؛ بل كان لعلي عند عبد الملك قدْرٌ كبير، حتى إن بعض مَنْ يخشون عبد الملك كان يُجيرهم علي بن عبد الله، كما في حالة عبد الله بن يزيد القسري ويحيى بن معتوق الهمدانيلكن العلاقات ساءت بين علي بن عبد الله بن عباس والوليد بن عبد الملك؛ إذ وردت روايات تُفيد بأن الوليد ضرب علي بن عبد الله بن عباس حين تزوج أم أبيهاوأقدم مصادر هذه الرواية هو المبرد في الكامل، وأوردها بلا إسناد، والجزء المؤكد منها هو تطليق عبد الملك لأم أبيها ثم زواجها من علي بن عبد اللهلكن سوء العلاقات بين علي بن عبد الله بن عباس والوليد يبدو ثابتًا؛ وذلك لأسباب غير هذه الرواية، ومن أقوى ما يُؤَيِّده أن علي بن عبد الله ترك دمشق وسكن الحميمة، وهي قرية لا هي بعيدة عن دمشق ولا هي قريبة منها، وقد ورد أن الوليد أخرج عليًّا من دمشق إلى الحميمة عام 95هـوكان هشام بن عبد الملك يُكرمه ويُقدِّمه ويصله بالأموال كذلك، على الرغم من أنه كان يُواجهه ويُصارحه بأن أحفاده سَيَقْضون على مُلْك الأمويين، وسيملكون ما تحت أيديهم من البلاد كما قدمنا لبعض هذا في مقالنا عن "حديث النبوءة".
ومما كان يزيد من هذه المخاوف أن عليًّا له أكثر من ثلاثين ولدًا؛ منهم أكثر من عشرين ولدًا ذكرًا غير الإناثصحَّت مخاوف هشام بن عبد الملك لكن ليس من علي بن عبد الله بن العباس، بل من ولده محمد بن علي الذي سيؤسس الدعوة العباسية التي ستلد الدولة العباسية التي ستزيل دولة الأمويين.
نشر في ساسة بوست

ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 312، وابن عساكر: تاريخ دمشق 43/ 38. ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 313، والمبرد: الكامل 2/ 162، وابن عساكر: تاريخ دمشق 43/ 38، 39، والذهبي: سير أعلام النبلاء 5/ 252، 284. ابن كثير: البداية والنهاية 9/ 351. أبو نعيم الأصبهاني: حلية الأولياء 3/ 207. المبرد: الكامل 2/ 163، والطبري: تاريخ الطبري 4/ 165، وابن الأثير: الكامل 4/ 55، وابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 275، وابن كثير: البداية والنهاية 9/ 351. ووضع محمد بن طاهر البرزنجي هذه الرواية في قسم الضعيف والمسكوت عنه في تاريخ الطبري 9/ 569. ابن الأثير: الكامل 4/ 109، وابن خلدون: تاريخ ابن خلدون 3/ 34. الذهبي: تاريخ الإسلام 6/ 144. وفي بعض المصادر أن اسمها "لبابة"، ولكن غالب مصادر التراجم على أن اسمها "أم أبيها". المبرد: الكامل 2/ 161. ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 312، وابن قتيبة: المعارف ص207، وورد هذا -أيضًا- في كتب المحدثين مما يجعلها ثابتة، انظر: ابن عساكر: تاريخ دمشق 70/ 203، والمزي: تهذيب الكمال 35/ 326، 327، وابن حجر: تهذيب التهذيب 12/ 407. ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 223، 224. ابن عساكر: تاريخ دمشق 69/ 261، 262. ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 224. ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 278، وابن العماد: شذرات الذهب 1/ 143. الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/ 253. ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 312، 313. ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/ 313، وابن عساكر: تاريخ دمشق 43/ 38، والذهبي: سير أعلام النبلاء 5/ 253.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 02, 2016 00:20
No comments have been added yet.