الإطفائية والشبهات

أسوأ نظريات الإدارة (نظرية الإطفائي)، وهي نظرية منتشرة جدًّا في واقعنا المعاصر، ومن أسباب تخلفنا عدم البحث عن سبب المشكلة ومصدرها، ولكن الاكتفاء بحلها حلًّا سريعًا بأي صورة، فإذا سكنت انتهى الأمر، ولم تمتد الأذهان والأيادي لوقف أسباب حدوثها وإصلاحها، فإذا ما انفجرت غيرها لنفس الأسباب بحثنا عن الحل السريع، وهكذا.
.
بل إن (الإطفائي) في الحقيقة يكون تركيزه وقت الحادث إطفاء الحريق وإنقاذ الأرواح، لكن لابد أن يتبع عمله تحقيقات للبحث عن سبب الحريق والإجراءات اللازم اتخاذها كي لا يتكرر، ولكن هذا لا يعني أن دور الإطفائي سينتهي في المستقبل؛ لأن الحرائق لن تنتهي مطلقًا، ولكن في نفس الوقت لا ينبغي أن يظل الفكر الإطفائي مسيطرًا؛ لأنه يجعلك دومًا في حالة من الدفاعية والعشوائية في الحركة هنا وهناك.
.
التعامل مع ما يطرح من شبهات وأقوال حول السنة- أو الإسلام بشكل عام- يحتاج هو أيضًا نوعًا من الإدارة، إن العمل دومًا على رد شبهة شبهة وقول قول سينتهي بنا إلى مجلدات من الردود والشروح، ولن تنهي كل شيء، وستخسر الكثير من الوقت الذي كان من الممكن أن تقدم فيه ما هو أفضل، وما هو معتمد على خطة ورؤية مرتبة ونافعة أكثر لواقعك وللأجيال التالية، وهذا من عيوب مواقع التواصل الاجتماعي في هذا العصر؛ فأكثر الشباب يتم استنزافه يوميًّا في مناقشة أمور تنتقى بعناية لتثار في الإعلام، أكثرها بعيد تمامًا عما تحتاجه الأمة من هؤلاء الشباب، ولكن على الجانب الآخر يقف المبالغون في التورع عن العمل الإطفائي والمعقدون من كثرة السقوط في حفرة ما يراد لك لا ما تريده أنت، فيرفضون الرد والتفاعل مع أي تفصيلة تثار.. والصواب وسط بينهما، لن يختفي دور الإطفائي، ولكن في نفس الوقت ينبغي ألا نستنزفه فنفقد فعاليته الحقيقية تمامًا.

لذلك فقد حاولت أن أبحث لا في متن ما يثار فقط، ولكن في مواطن القصور الذي قد تؤدي لإثارته.
...
من افتتاحية كتاب (أزمة البخاري) ..
أزمة البخاري
4 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 30, 2016 03:33
No comments have been added yet.