الروح Quotes

Rate this book
Clear rating
الروح الروح by Ibn Qayyim al-Jawziyya
3,623 ratings, 4.15 average rating, 388 reviews
الروح Quotes Showing 1-30 of 36
“المسألة الثانية وهى أن ارواح الموتى هل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لا ؟

وهي أيضاً مسألة شريفة كبيرة القدر وجوابُها : أن الأرواح قسمان : أرواح معذبة ، وأرواح منعَّمة ؛ فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي ، والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا ، فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها ، وروح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) النساء/69 وهذه المعية ثابتة في الدنيا ، وفي دار البرزخ ، وفي دار الجزاء ، و " المرء مع من أحب " في هذه الدور الثلاثة”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة العشرون: وهي: هل النفس والروح شيء واحد أو شيئان متغايران؟

الجــواب: أن النفس في القرآن تُطلق على الذات بجملتها ، كقوله تعالى: ﴿فسلموا على أنفسكم) ، وقوله: ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾، وقوله: ﴿يوم تأت كل نفس تجادل عن نفسها﴾، وقوله: ﴿كل نفس بما كسبت رهينة﴾. وتطلق النفس على الروح وحدها ، كقوله تعالى: ﴿يا أيتها النفس المطمئنة﴾، وقوله: ﴿أخرجوا أنفسكم﴾. أما (الروح) فلا تُطلق على البدن، لا بانفراده ولا مع النفس. فالفرق بين النفس والروح فرقٌ بالصفات لا فرقٌ بالذات.”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة الحادية والعشرون: وهي: هل النفس واحدة أم ثلاث؟

لأن الله يقول: ﴿يا أيتها النفس المطمئنة﴾ ويقول: ﴿ولا أقسم بالنفس اللوامة﴾، ويقول: ﴿إن النفس لأمّارة بالسوء﴾، فهي مطمئنة ، ولوامة ، وأمارة.

الجــواب: أنها نفس واحدة ، ولكن لها صفات ، فتسمى باعتبار كل صفة باسم، فتسمى (مطمئنة) باعتبار طمأنينتها لربها بعبوديته ومحبته ، وتُسمى (لوامة) لأنها تلوم صاحبها على التفريط ، وتُسمى (أمّارة) لأنها تأمره بالسوء ، وهذا من طبيعتها إلا ما وفقها الله وثبتها وأعانها.”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة السادسة عشرة: وهي: هل تنتفع أرواح الموتى بشيء من سعي الأحياء ، أم لا؟

الجــواب: أنها تنتفع من سعي الأحياء بأمرين مجمع عليهما بين أهل السنة.

أحدهما: ما تسبب إليه الميت في حياته.

الثاني: دعاء المسلمين له ، واستغفارهم له ، والصدقة والحج.

أما بقية العبادات البدنية: كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر فقد اختلفوا في وصول ثوابها إليه. وقد
اختار ابن القيم رحمه الله وصول ثواب ذلك كله للميت. وقال: "الذي أوصل ثواب الحج والصدقة والعتق
هو بعينه الذي يوصل ثواب الصيام والصلاة والقراءة والاعتكاف ، وهو إسلام المهدى إليه ، وتبرع
المهدي وإحسانه" (ص 334).

ثم قال رحمه الله: ( وبالجملة فأفضل ما يُهدى إلى الميت: العتق ، والصدقة، والاستغفار له، والدعاء
له، والحج عنه) " ص 345 ".”
ابن قيم الجوزية, الروح
“ذكر من حديث سفيان حدثنا دواد بن شابور عن ابى قزعة قال
مررنا فى بعض المياه التى بيننا وبين البصرة
فسمعنا نهيق حمار فقلنا لهم
ما هذا النهيق
قالوا هذا رجل كان عندنا كانت امه
تكلمه بالشئ فيقول لها
انهقى نهيقك
فلما مات سمع هذا النهيق من قبره كل ليلة”
ابن قيم الجوزية, الروح
“لمسألة التاسعة عشرة: وهي: حقيقة النفس.

الجــواب: أن هذه من المسائل التي تكلم فيها الناس من سائر الطوائف ، واضطربت فيها أقوالهم ، وكثر فيها خطؤهم ، وهدى الله أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل سنته لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

فالصواب أن يقال: بأن الروح جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهي - أي الروح – جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ، ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد ، وسريان الدهن في الزيتون ، والنار في الفحم. فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكاً لهذه الأعضاء ، وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية. وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها ، وخرجت عن قبول تلك الآثار، فارق الروح البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح.”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة الثامنة عشرة: وهي: تقدم خلق الأرواح على الأجساد أو تأخر خلقها عنها؟

الجــواب: قد اختلف العلماء في هذا:

1- فقال قوم: الأرواح مخلوقة قبل الأجساد.

2- وقال آخرون: بل الأجساد مخلوقة قبل الأرواح.

والصواب هو القول الثاني: وهو أن الأجساد خُلقت أولاً ، ثم الأرواح ، ودليل هذا أن الله خلق آدم عليه
السلام من تراب (ثم) نفخ فيه الروح. قال ابن القيم رحمه الله : "والقرآن والحديث والآثار تدل على أن
الله سبحانه نفخ فيه من روحه بعد خلق جسده" (ص410).”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة الرابعة عشرة: وهي: هل عذاب القبر دائم أو منقطع؟

الجــواب: أن عذاب القبر نوعان:

1- نوع دائم: يدل عليه قوله تعالى: ﴿النار يعرضون عليها غدواً وعشياً﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم
في الذي يعذب: "فهو يُفعل به ذلك إلى يوم القيامة" رواه البخاري. وقوله r في قصة الجريدتين اللتين
وضعهما على قبري من يعذبان: "لعله يُخفف عنهما ما لم ييبسا" فجعل التخفيف مقيداً بمدة
رطوبتها فقط. فالأصل أن عذابهما دائم.

إلا أنه قد رويت بعض الأحاديث تفيد أن العذاب يخفف عنهم ما بين النفختين، فإذا قاموا من قبورهم
قالوا: ﴿يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا﴾.

2- نوع يبقى إلى مدة ثم ينقطع ، وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم، فيعذب بحسب
جرمه ثم يخفف عنه.”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة العاشرة: ما هي الأسباب المنجية من عذاب القبر؟

وقد جاء فيما ينجى من عذاب القبر حديث فيه الشفاء رواه أبو موسى المدينى وبين علته في كتابه في الترغيب والترهيب وجعله شرحا له رواه من حديث الفرج بن فضالة حدثنا هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال خرج علينا رسول الله ونحن في صفة بالمدينة فقام علينا فقال إنى رأيت البارحة عجبا رأيت رجلا من أمتى أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته الشياطين فجاء ذكر الله فطير الشياطين عنه ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتى يلهث عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فاسقاه وأرواه ورأيت رجلا من أمتى ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقة طرد ومنع فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتى من بين يديه ظلمة ومن خلفه وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة وهو متحير فيه فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور ورأيت رجلا من أمتى يتقى وهج النار وشررها فجاءته صدقته فصارت سترا بينه وبين النار وظلا على رأسه ورأيت رجلا من أمتى يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت يا معشر المؤمنين انه كان وصولا لرحمه فكلموه المؤمنون وصافحوه وصافحهم ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة ورأيت رجلا من أمتى جاثيا على ركبتيه وبينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز و جل ورأيت رجلا من أمتى قد ذهبت صحيفته من قبل شماله فجاءه خوفه من الله عز و جل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه فوضعها في يمينه ورايت رجلا من أمتى خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه ورأيت رجلا من أمتى قائما على شفير جهنم فجاءه رجاؤه من الله عز و جل فاستنقذه من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتى قد هوى في النار فجاءته دمعته التي قد بكى من خشية الله عز و جل فاستنقذته من ذلك ورأيت رجلا من أمتى قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز و جل فسكن روعه ومضى ورأيت رجلا من أمتى يزحف على الصراط يحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته فأقامته على قدميه وأنقذته ورأيت رجلا من أمتى انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة قال الحافظ أبو موسى هذا حديث حسن جدا رواه عن سعيد بن المسيب وعمر بن ذر وعلى ابن زيد بن جدعان”
ابن قيم الجوزية, الروح
“عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ ، تَلَقَّاهَا أَهْلُ الرَّحْمَةِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، كَمَا تَلْقُونَ الْبَشِيرَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُونَ : أَنْظِرُوا صَاحِبَكُمْ يَسْتَرِيحُ ، فَإِنَّهُ فِي كَرِبٍ شَدِيدٍ ، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ : مَا فَعَلَ فُلانٌ ، وَفُلانَةٌ هَلْ تَزَوَّجَتْ ؟ فَإِذَا سَأَلُوهُ عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ ، فَيَقُولُ : أَيْهَاتَ ، قَدْ مَاتَ ذَاكَ قَبْلِي ، فَيَقُولُونَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ ، بِئْسَتِ الأُمُّ ، وَبِئْسَتِ الْمُرَبِّيَةُ " .”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة التاسعة :وهي :ما الأسباب التي يعذب بها أصحاب القبور؟

الجـواب : مجمل ومفصل

الجواب المجمل : أنه يعذبون على جهلهم بالله وإضاعتهم لأمره وارتكابهم لمعاصيه.

والجواب المفصل : أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد أخبر عن أناس بأنهم يعذبون في القبر ، منهم على سبيل
المثال:

1- النمام.

2- الذي لا يستبرئ من بوله.

3- الكذاب .

4- الزناة.

5- آكل الربا.

وغيرهم كثير … أعاذنا الله وإياكم من عذاب القبر.”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة الثالثة عشرة: وهي أن الأطفال هل يمتحنون في قبورهم؟

الجــواب: أنهم لا يمتحنون ، لأن السؤال يكون لمن عقل الرسول والمرسل ، فيسأل: هل آمن
بالرسول وأطاعه ، أم لا؟ فأما الطفل الذي لا تمييز له فكيف يسأل هذا السؤال؟‍‍

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه و سلم .. صلى على جنازة صبي فسُمع من دعائه: "اللهم قه
عذاب القبر" رواه مالك ، فليس المراد بعذاب القبر فيه عقوبة الطفل على ترك طاعة أو فعل معصية
قطعاً؟ فإن الله لا يعذب أحداً بلا ذنب عمله ، بل عذاب القبر قد يراد به الألم الذي يحصل للميت
بسبب غيره ، وإن لم يكن عقوبة على عمل عمله.


ومنه قوله صلى الله عليه و سلم : "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه". أي يتألم بذلك ويتوجع منه لا
أنه يعاقب بذنب الحي
﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾.

وهذا كقوله صلى الله عليه و سلم : "السفر قطعة من العذاب" ، فالعذاب أعم من العقوبة. ولا ريب
أن في القبر من الآلام
والهموم والحسرات ما قد يسري أثره إلى الطفل فيتألم به، فيشرع للمصلي عليه أن يسأل الله
تعالى أن يقيه ذلك العذاب ، والله أعلم”
ابن قيم الجوزية, الروح
“المسألة الثانية عشرة : وهي أن سؤال منكر ونكير هل هو مختص بهذه الأمة أو يكون لها ولغيرها؟

الجــواب: والله أعلم ـ أن كل أمة من الأمم تسأل عن نبيها ، وأنهم معذبون في قبورهم بعد السؤال
لهم وإقامة الحجة عليهم ، كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة.”
ابن قيم الجوزية, الروح
“تسيل على حد الظباة نفوسنا ... وَلَيْسَت على غير الظباة تسيل.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“المسألة الحادية عشرة :وهي : أن السؤال في القبر هل هو عام في حق المسلمين والمنافقين
والكفار ، أو يختص بالمسلم والمنافق؟

الجـواب : أن السؤال يكون للجميع ، فقد جاء في حديث البراء رضي الله عنه " فإذا كان كافراً جاءه
ملك الموت فجلس عند رأسه .. فذكر الحديث وفيه ـ ويأتيه ملكان شديدا الانتهار ، فيجلسانه
وينتهرانه ، فيقولان : من ربك؟ …الحديث" وقد أخبر الله تعالى في كتابه أنه يسأل الكفار يوم القيامة
، قال سبحانه ﴿ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين﴾وقال ﴿فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا
يعملون﴾ فإذا سئلوا يوم القيامة فكيف لا يسألون في قبورهم؟”
ابن قيم الجوزية, الروح
“الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة وَهِي قَول السَّائِل مَا الْحِكْمَة فَيكون عَذَاب الْقَبْر لم يذكر
فِي الْقُرْآن مَعَ شدَّة الْحَاجة إِلَى مَعْرفَته وَالْإِيمَان بِهِ ليحذر ويتقى فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن مُجمل ومفصل
أما الْمُجْمل فَهُوَ أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنزل على رَسُوله وحيين وَأوجب على عباده الْإِيمَان بهما وَالْعَمَل بِمَا فيهمَا وهما الْكتاب وَالْحكمَة وَقَالَ تَعَالَى {وَأنزل الله عَلَيْك الْكتاب وَالْحكمَة} وَقَالَ تَعَالَى هُوَ الذى بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم ويعلهم الْكتاب وَالْحكمَة وَقَالَ تَعَالَى واذكرن مَا يُتْلَى فِي بُيُوتكُمْ من آيَات الله وَالْحكمَة
وَالْكتاب هُوَ الْقُرْآن وَالْحكمَة هى السّنة بانفاق السّلف وَمَا أخبر بِهِ الرَّسُول عَن الله فَهُوَ فِي وجوب تَصْدِيقه وَالْإِيمَان بِهِ كَمَا أخبر بِهِ الرب تَعَالَى على لِسَان رَسُوله هَذَا أصل مُتَّفق عَلَيْهِ بَين أهل الْإِسْلَام لَا يُنكره إِلَّا من لَيْسَ مِنْهُم وَقد قَالَ النَّبِي إنى أُوتيت الْكتاب وَمثله مَعَه
وَأما الْجَواب الْمفصل فَهُوَ أَن نعيم البرزخ وعذابه مَذْكُور فِي الْقُرْآن فِي غير مَوضِع فَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطو أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون بِمَا كُنْتُم تَقولُونَ على الله غير الْحق وكنتم عَن اياته تستكبرون وَهَذَا خطاب لَهُم عِنْد الْمَوْت وَقد أخْبرت الْمَلَائِكَة وهم الصادقون أَنهم حِينَئِذٍ يجزون عَذَاب الْهون وَلَو تَأَخّر عَنْهُم ذَلِك إِلَى انْقِضَاء الدُّنْيَا لما صَحَّ أَن يُقَال لَهُم الْيَوْم تُجْزونَ
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى فوقاه الله سيئات مَا مكروا وحاق بآل فِرْعَوْن سوء الْعَذَاب النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا وَيَوْم الْقِيَامَة تقوم السَّاعَة أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب فَذكر عَذَاب الدَّاريْنِ ذكرا صَرِيحًا لَا يحْتَمل غَيره
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى فذرهم حَتَّى يلاقوا يومهم الذى فِيهِ يصعقون يَوْم لَا يغنى عَنْهُم كيدهم شَيْئا وَلَا هم ينْصرُونَ وَإِن للَّذين ظلمُوا عذَابا دون وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ وَهَذَا يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ عَذَابهمْ بِالْقَتْلِ وَغَيره فِي الدُّنْيَا وَأَن يُرَاد بِهِ عَذَابهمْ فِي البرزخ وَهُوَ أظهر لِأَن كثيرا مِنْهُم مَاتَ وَلم يعذب فِي الدُّنْيَا وَقد يُقَال وَهُوَ أظهر أَن من مَاتَ مِنْهُم عذب فِي البرزخ وَمن بقى مِنْهُم عذب فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَغَيره فَهُوَ وَعِيد بعذابهم فِي الدُّنْيَا وَفِي البرزخ
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر لَعَلَّهُم يرجعُونَ}”
ابن قيم الجوزية, الروح
“ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻫﻞ ﺗﻤﻮﺕ ﺃﻡ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﻠﺒﺪﻥ ﻭﺣﺪﻩ؟
اﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪﻡ ﻣﺤﺾ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺑﻌﺪ ﻗﺘﻠﻬﻢ ﻭﻣﻮﺗﻬﻢ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ ﻳﺮﺯﻗﻮﻥ ﻓﺮﺣﻴﻦ ﻣﺴﺘﺒﺸﺮﻳﻦ ﻭﻫﺬﻩ ﺻﻔﺔ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺣﻖ ﻭﺃﻭﻟﻰ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺻﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻻ ﺗﺄﻛﻞ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺃﻧﻪ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﻤﻮﺳﻰ ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺭﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﻭﺣﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺘﻪ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﺄﻥ ﺃﻣﻮﺕ ﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻏﻴﺒﻮﺍ ﻋﻨﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻧﺪﺭﻛﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩﻭﻥ ﻭﻻ ﺗﺮﺍﻫﻢ ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻘﺮﺭ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻓﺈﺫﺍ ﻧﻔﺦ!ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻧﻔﺨﺔ ﺍﻟﺼﻌﻖ ﺻﻌﻖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺄﻣﺎ ﺻﻌﻖ ﻏﻴﺮ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻓﻤﻮﺕ ﻭﺃﻣﺎ ﺻﻌﻖ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻓﺎﻷﻇﻬﺮ ﺃﻧﻪ ﻏﺸﻴﺔ ﻓﺈﺫﺍ ﻧﻔﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻧﻔﺨﺔ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﻓﻤﻦ ﻣﺎﺕ ﺣﻰ ﻭﻣﻦ ﻏﺸﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻓﺎﻕ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ ﻓﺄﻛﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻳﻔﻴﻖ ﻓﻨﺒﻴﻨﺎ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻗﺒﺮﻩ ﻗﺒﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﺈﻧﻪ ﺣﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﺗﺮﺩﺩ ﻫﻞ ﺑﻌﺚ ﻗﺒﻠﻪ ﻣﻦ ﻏﺸﻴﺘﻪ ﺃﻭ ﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﺨﺔ ﺍﻟﺼﻌﻖ ﻣﻔﻴﻘﺎ ﻷﻧﻪ ﺣﻮﺳﺐ ﺑﺼﻌﻘﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻄﻮﺭ ﻭﻫﺬﻩ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻤﻮﺳﻰ ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻓﻀﻠﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺠﺰﺋﻲ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ ﺃﻣﺮﺍ ﻛﻠﻴﺎ ﺍﻧﺘﻬﻰ”
ابن قيم الجوزية, الروح
“عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : لَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَجَدَتْ عَلَيْهِ أُمُّ بِشْرٍ وَجْدًا شَدِيدًا ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لا يَزَالُ الْهَالِكُ يَهْلِكُ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ ، فَهَلْ يَتَعَارَفُ الْمَوْتَى ؟ فَأُرْسِلُ إِلَى بِشْرٍ بِالسَّلامِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا أُمَّ بِشْرٍ ، إِنَّهُمْ لَيَتَعَارَفُونَ كَمَا تَتَعَارَفُ الطَّيْرُ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ " ، وَكَانَ لا يَهْلِكُ هَالِكٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ إِلا جَاءَتْهُ أُمُّ بِشْرٍ ، فَقَالَتْ : يَا فُلانُ ، عَلَيْكَ السَّلامُ ، فَيَقُولُ : وَعَلَيْكِ ، فَتَقُولُ : اقْرَأْ عَلَى بِشْرٍ السَّلامَ .”
ابن قيم الجوزية, الروح
“ومن الفروق بين الناصح والمؤنب: أن الناصح لايعاديك إذا لم تقبل نصيحته, وقال: قد وقع أجري على الله, قبلت أو لم تقبل, ويدعو لك بظهر الغيب, ولايذكر عيوبك ولايبثها في الناس, والمؤنب بضد ذلك.”
ابن قيم الجوزية, الروح
“هَذَا الرجل فَإِن كَانَ هَذَا”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“حَدَّثَنى أَبُو بكر التيمى حَدثنَا عبد الله بن صَالح حَدَّثَنى اللَّيْث بن سعد حَدَّثَنى حميد الطَّوِيل عَن مطرف بن عبد الله الحرشى قَالَ خرجنَا إِلَى الرّبيع فِي زَمَانه فَقُلْنَا ندخل يَوْم الْجُمُعَة لشهودها وطريقنا على الْمقْبرَة قَالَ فَدَخَلْنَا فَرَأَيْت جَنَازَة فِي الْمقْبرَة فَقلت لَو اغتنمت شُهُود هَذِه الْجِنَازَة فشهدتها قَالَ فاعتزلت نَاحيَة قَرِيبا من قبر فركعت رَكْعَتَيْنِ خففتهما لم أَرض اتقانهما ونعست فَرَأَيْت صَاحب الْقَبْر يكلمنى وَقَالَ ركعت رَكْعَتَيْنِ لم ترض اتقانهما قلت قد كَانَ ذَلِك قَالَ تَعْمَلُونَ وَلَا تعلمُونَ وَلَا نستطيع أَن نعمل لِأَن أكون ركعت مثل ركعتيك أحب إِلَى من الدُّنْيَا بحذافيرها فَقلت من هَا هُنَا فَقَالَ كلهم مُسلم وَكلهمْ قد أصَاب خيرا فَقلت من هَا هُنَا أفضل فَأَشَارَ إِلَى قبر فَقلت فِي نفسى اللَّهُمَّ رَبنَا اخرجه إِلَى فأكلمه قَالَ فَخرج من قَبره فَتى شَاب فَقلت أَنْت أفضل من هَا هُنَا قَالَ قد قَالُوا ذَلِك قلت فبأى شَيْء نلْت ذَلِك فوَاللَّه مَا أرى لَك ذَلِك السن فَأَقُول نلْت ذَلِك بطول الْحَج وَالْعمْرَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله وَالْعَمَل قَالَ قد ابْتليت بالمصائب فرزقت الصَّبْر عَلَيْهَا فبذلك فضلتهم.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“حَدثنِي مُحَمَّد حَدثنِي يحيى بن بسطَام حَدَّثَنى عُثْمَان بن سَوْدَة الطفاوى قَالَ وَكَانَت أمه من العابدات وَكَانَ يُقَال لَهَا راهبة قَالَ لما احتضرت رفعت رَأسهَا إِلَى السَّمَاء فَقَالَت يَا ذخرى وذخيرتى وَمن عَلَيْهِ اعتمادى فِي حياتى وَبعد موتى لَا تخذلنى عِنْد الْمَوْت وَلَا توحشنى فِي قبرى قَالَ فَمَاتَتْ فَكنت آتيها فِي كل جُمُعَة فأدعو لَهَا وَأَسْتَغْفِر لَهَا وَلأَهل الْقُبُور فرأيتها ذَات يَوْم فِي منامى فَقلت لَهَا يَا أمه كَيفَ أَنْت قَالَت أى بنى ان للْمَوْت لكربة شَدِيدَة وإنى بِحَمْد الله لفي برزخ مَحْمُود نفترش فِيهِ الريحان ونتوسد فِيهِ السندس والاستبرق إِلَى يَوْم النشور فَقلت لَهَا أَلَك حَاجَة قَالَت نعم قلت وَمَا هى قَالَت لَا تدع مَا كنت تصنع من زيارتنا وَالدُّعَاء لنا فإنى لأبشر بمجيئك يَوْم الْجُمُعَة إِذا أَقبلت من أهلك يُقَال لي يَا راهبة هَذَا ابْنك قد أقبل فَأسر وَيسر بذلك من حولى من الْأَمْوَات.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“حدثني) صاحبنا أبو عبد اللّه محمد بن الرزيز الحراني أنه خرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان، قال: فلما كان قبل غروب الشمس توسطت القبور، فإذا بقبر منها وهو جمرة نار مثل كوز الزجاج، والميت في وسطه، فجعلت أمسح عيني وأقول: أ نائم أنا أم يقظان؟ ثم التفت إلى سور المدينة وقلت: واللّه ما أنا بنائم، ثم ذهبت إلى أهلي وأنا مدهوش ، فأتوني بطعام فلم أستطع أن آكل، ثم دخلت البلد، فسألت عن صاحب القبر، فإذا به مكاس قد توفي ذلك اليوم.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح‬
“لقد أخبر بعض الصادقين أنه حفر ثلاثة أقبر، فلما فرغ منها، اضطجع ليستريح، فرأى فيما يرى النائم ملكين نزلا، فوقفا على أحد الأقبر، فقال أحدهما لصاحبه: اكتب فرسخا في فرسخ، ثم وقف على الثاني فقال: اكتب ميلا في ميل، ثم وقف على الثالث، فقال اكتب فترا في فتر، ثم انتبه فجي ء برجل غريب لا يؤبه له فدفن في القبر الأول، ثم جيء برجل آخر فدفن في الثاني، ثم جيء بامرأة مترفة من وجوه البلد حولها ناس كثير فدفنت في القبر الضيق الذي سمعه يقول: فترا في فتر، والفتر ما بين الإبهام والسبابة.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح‬
“فإن قيل: فعند النفخ في الصور هل تبقى الأرواح حية كما هي أو تموت ثم تحيا؟ قيل: قد قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ﴾[39:68] فقد استثنى اللّه سبحانه بعض من في السموات ومن في الأرض من هذا الصعق . فقيل: هم الشهداء، هذا قول أبي هريرة وابن عباس وابن جبير. و قيل: هم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وهذا قول مقاتل وغيره. و قيل: هم الذين في الجنة من الحور العين وغيرهم، ومن في الناس من أهل العذاب وخزنتها، قاله أبو إسحاق بن شاقلا من أصحابنا. و قد نص الإمام أحمد على أن: الحور العين والدان لا يمتن عند النفخ في الصور، وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ﴾[”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح‬
“فتنعم الْأَرْوَاح بِالْجنَّةِ فِي البرزخ شَيْء وتنعمها مَعَ الْأَبدَان يَوْم الْقِيَامَة بهَا شَيْء آخر فغذاه الرّوح من الْجنَّة فِي البرزخ دون غذائها مَعَ بدنهَا يَوْم الْبَعْث”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة الْأَسْبَاب المنجية من عَذَاب الْقَبْر جوابها أَيْضا من وَجْهَيْن. مُجمل ومفصل. أما الْمُجْمل فَهُوَ تجنب تِلْكَ الْأَسْبَاب الَّتِي تقتضى عَذَاب الْقَبْر وَمن انفعها ان يجلس الرجل عِنْدَمَا يُرِيد النّوم لله سَاعَة يُحَاسب نَفسه فِيهَا على مَا خسره وَربحه فِي يَوْمه ثمَّ يجدد لَهُ تَوْبَة نصُوحًا بَينه وَبَين الله فينام على تِلْكَ التَّوْبَة ويعزم على أَن لَا يعاود الذَّنب إِذا اسْتَيْقَظَ وَيفْعل هَذَا كل لَيْلَة فَإِن مَاتَ من ليلته مَاتَ على تَوْبَة وَإِن اسْتَيْقَظَ اسْتَيْقَظَ مُسْتَقْبلا للْعَمَل مَسْرُورا بِتَأْخِير أَجله حَتَّى يسْتَقْبل ربه ويستدرك مَا فَاتَهُ وَلَيْسَ للْعَبد انفع من هَذِه النومة وَلَا سِيمَا إِذا عقب ذَلِك بِذكر الله وَاسْتِعْمَال السّنَن الَّتِي وَردت عَن رَسُول الله عِنْد النّوم حَتَّى يغله النّوم فَمن أَرَادَ الله بِهِ خيرا وَفقه لذَلِك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“وَقد أرانا الله سُبْحَانَهُ بِلُطْفِهِ وَرَحمته وهدايته من ذَلِك أنموذجا فِي الدُّنْيَا من حَال النَّائِم فَإِن مَا ينعم بِهِ أَو يعذب فِي نَومه يجرى عل ى روحه أصلا وَالْبدن تبع لَهُ وَقد يقوى حَتَّى يُؤثر فِي الْبدن تاثيرا مشاهدا فَيرى النَّائِم فِي نَومه أَنه ضرب فَيُصْبِح وَأثر الضَّرْب فِي جِسْمه وَيرى أَنه قد أكل أَو شرب فيستيقظ وَهُوَ يجد أثر الطَّعَام وَالشرَاب فِي فِيهِ وَيذْهب عَنهُ الْجُوع والظمأ. وأعجب من ذَلِك أَنَّك ترى النَّائِم يقوم فِي نَومه وَيضْرب ويبطش ويدافع كَأَنَّهُ يقظان وَهُوَ نَائِم لَا شُعُور لَهُ بشىء من ذَلِك وَذَلِكَ أَن الحكم لما جرى على الرّوح استعانت بِالْبدنِ من خَارجه وَلَو دخلت فِيهِ لاستيقظ وأحس فَإِذا كَانَت الرّوح تتألم وتتنعم ويصل ذَلِك إِلَى بدنهَا بطرِيق الاستتباع فَهَكَذَا فِي البرزخ بل أعظم فَإِن تجرد الرّوح هُنَالك أكمل وَأقوى وهى مُتَعَلقَة ببدنها لم تَنْقَطِع عَنهُ كل الِانْقِطَاع فَإِذا كَانَ يَوْم حشر الأجساد وَقيام النَّاس من قُبُورهم صَار الحكم وَالنَّعِيم وَالْعَذَاب على الْأَرْوَاح والأجساد ظَاهرا باديا أصلا.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“وَإِذا كَانَ النَّائِم روحه فِي جسده وَهُوَ حَيّ وحياته غير حَيَاة المستيقظ فَإِن النّوم شَقِيق الْمَوْت فَهَكَذَا الْمَيِّت إِذا أُعِيدَت روحه إِلَى جسده كَانَت لَهُ حَال متوسطة بَين الْحَيّ وَبَين الْمَيِّت الَّذِي لم ترد روحه إِلَى بدنه كَحال النَّائِم المتوسطة بَين الْحَيّ وَالْمَيِّت فَتَأمل هَذَا يزيح عَنْك إشكالات كَثِيرَة.”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬
“أَن الْأَرْوَاح قِسْمَانِ أَرْوَاح معذبة وأرواح منعمة فالمعذبة فِي شغل بِمَا هى فِيهِ من الْعَذَاب عَن التزاور والتلاقي والأرواح المنعمة الْمُرْسلَة غير المحبوسة تتلاقي وتتزاور وتتذاكر مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَمَا يكون من أهل الدُّنْيَا فَتكون كل روح مَعَ رفيقها الَّذِي هُوَ على مثل عَملهَا”
ابن قيم الجوزية, ‫كتاب الروح لإبن القيم‬

« previous 1