David Grossman > Quotes > Quote > أحمد liked it

David Grossman
“مغسلة الكلمات "

ليس من اللائق أولا أن نقول اليوم " مناطق محتلة " فهناك بدائل كثيرة لذلك، أوسعها انتشارا كما هو معروف "المناطق" ورغم أن وزير الخارجية شمعون بيرس بدأ مؤخرا بوصفها "تريتوريز" ربما لأن كل من يرغب بالتهرب يبعد شهادته، وهي تبدو بالأجنبية أنقى بكثير، ألا أن هذه الكلمة بالذات تثير أصداء حرب بيولوجية من أجل البقاء، غريزية إما الحياة وإما الموت. وتفضّل الأغلبية كما قلنا "مناطق". كما لو أن المقصود هنا مشكلة جغرافية مجردة لإبعاد الشعور السائد الذي يوحي بأن هذه المناطق تابعة لنا، ولكن قد يتبين العكس. إنها مناطق ضمت بطريقة أو باخرى وليس بالضبط ظاهريا ولا حقيقة أيضا. أو إننا قد نكون مسئولين عما يدور هناك ولكن من جهة أخرى ليست تلك هي قضيتنا.
منذ سنوات لم يعد قائما "ضم القدس الشرقية" وإنما "توحيد المدينة". وإضافة مستوطنات إلى أماكن عربية يسمى "تكثيف" وليس هناك حرية رأي عربية بل "تحريض". ولا وجود مفكرين عرب بل "مثقفين" ولا وجود لمزارعين عرب وإنما هناك "قرويون". ولا علم نفس عربي بل "عقلية". ولا توجد شوارع في مدن الضفة، بل "أزقة" (تعتبر وكرا للإجرام). ولا شغيلة عرب بل "عمال". قوات جيش الدفاع لا تبعد المتظاهرين وإنما "تطردهم"، وهم لا يتظاهرون أبدا بل "يشاغبون" أو أن هناك "جماهير محرضة" . لا مظاهرات بل "أعمال شغب" والجامعات تشهد "تشويشا في الدراسة" _(ماذا هل تأخر وصول الدفاتر والطباشير) ؟_
ويصل التشاؤم إلى مستويات ساخرة في التقارير التي تتحدث عن أحداث عنيفة تنتهي بالموت. والناطق بلسان جيش الدفاع يملك صيغة خاصة في إعلان ذلك. وهكذا تكون البداية : " أطلقت دورية تابعة لجيش الدفاع هوجمت هذا الصباح قرب مخيم بلاطه نداءات تحذيرية وأطلقت النار في الهواء " وحسب النغمة المتشائمة يمكنك أن تتكهن بحدوث أمر سيء للغاية . وعند وقوع الضحايا لا يقولون قتل جيش الدفاع مواطنون عربا بل "رموا بالرصاص". وأحيانا ما تكون الصيغة رعوية تماما. " .. في حادثة لقى خلالها عربيان موتهما ..." _مدهش للغاية : خرج صيقان للتحدث في المساء فماذا لقيا؟ موتهما؟_
وقد أجاد مراسل راديو الجيش في المناطق، عندما أنهى قبل شهر تقريره بالكلمات التالية : " ... وقد أطلقت النار على الشخصين حسب الأصول المتبعة".”
David Grossman, The Yellow Wind

No comments have been added yet.