“من حديث الكاهن كبير المفتشين إلى المسيح على لسان ايفان كرامازوف
حين نقلك الروح الرهيب (إبليس) إلي سطح الهيكل وقال لك: "إذا أردت أن تتأكد أنك ابن الله فألق بنفسك في الفضاء، لأنه كتب أن الملائكة ستتلقفه وتسنده فلا يقع ولا يتحطم، وعندئذ تعلم أنك ابن الله وتبرهن على قوة إيمانك بأبيك"، ولكنك رفضت هذا العرض ولم تلق بنفسك في الفضاء. صحيح أنك تصرفت في تلك اللحظة تصرفاً فيه ما في تصرف اله من عظمة وجلال، ولكن هل تتصور أن البشر، وهم جنس ضعيف متمرد، يملكون من القوة الروحية ما يملكه اله؟ لقد فهمت في تلك اللحظة أن حركة بسيطة هي أن تهم بإلقاء نفسك في الفضاء كانت ستعني تجريب الرب، فلو قمت بها لكنت بطلب المعجزة تبرهن على قلًَة إيمانك، فإذا حُرِمت من الإيمان تهشمت أسوأ تهشم على الأرض التي جئت لتخلصها وتنقذها، وتهلل الروح المحتال جذلاً وطرباً.
ولكنني أعود فأسألك: هل أمثالك كثيرون في هذا العالم؟ هل تعتقد ولو للحظة واحدة أن البشر يمكن أن يقاوموا هذا النوع من الإغراء؟ هل في طبيعة البشر أن يتنازلوا عن المعجزة وأن يعتمدوا على حكم القلب وحده في الساعات العصيبة من الحياة، أمام المشكلات الخطيرة الأليمة التي تعرض للنفس؟ لقد كنت تعلم أن موقفك البطولي سينتقل في الكتب المقدسة إلى آخر العصور، كنت تأمل أن يقتدي البشر بك فيقبلوا أن يظلوا وحيدين مع الله لا يطلبون معجزة من المعجزات. ولكنك لم تقدِّر أن الإنسان متى رفض المعجزة أسرع يرفض الرب، لأنه يبحث عن الآيات وليس عن الرب، وأنه لكونه لا يستطيع أن يحيا بغير معجزات، سيخلق بنفسه معجزات، وسيتبع أباطيل السحرة وخزعبلاتهم، ولو كان متمرداً وكافراً وملحداً. إنك لم تنزل عن الصليب حين دعاك الجمهور إلى ذلك صائحاً من باب الاستهزاء: "انزل عن الصليب فنصدق أنك أنت" إنك لم تنزل، لأنك مرة أخرى لم تشأ أن تستعبد البشر بالمعجزة، وإنما أردت أن يجيئوا إليك بدافع الإيمان لا بتأثير العجائب وكنت تريد أن يهبوا لك محبتهم أحراراً لا أن ينصاعوا لك عبيداً أذهلتهم قوتك. هنا أيضاً أسرفت في تقدير البشر ووضعتهم في منزلة أعلى من منزلتهم، ذلك أن البشر عبيد رغم أنهم مفطورون على التمرد.”
―
حين نقلك الروح الرهيب (إبليس) إلي سطح الهيكل وقال لك: "إذا أردت أن تتأكد أنك ابن الله فألق بنفسك في الفضاء، لأنه كتب أن الملائكة ستتلقفه وتسنده فلا يقع ولا يتحطم، وعندئذ تعلم أنك ابن الله وتبرهن على قوة إيمانك بأبيك"، ولكنك رفضت هذا العرض ولم تلق بنفسك في الفضاء. صحيح أنك تصرفت في تلك اللحظة تصرفاً فيه ما في تصرف اله من عظمة وجلال، ولكن هل تتصور أن البشر، وهم جنس ضعيف متمرد، يملكون من القوة الروحية ما يملكه اله؟ لقد فهمت في تلك اللحظة أن حركة بسيطة هي أن تهم بإلقاء نفسك في الفضاء كانت ستعني تجريب الرب، فلو قمت بها لكنت بطلب المعجزة تبرهن على قلًَة إيمانك، فإذا حُرِمت من الإيمان تهشمت أسوأ تهشم على الأرض التي جئت لتخلصها وتنقذها، وتهلل الروح المحتال جذلاً وطرباً.
ولكنني أعود فأسألك: هل أمثالك كثيرون في هذا العالم؟ هل تعتقد ولو للحظة واحدة أن البشر يمكن أن يقاوموا هذا النوع من الإغراء؟ هل في طبيعة البشر أن يتنازلوا عن المعجزة وأن يعتمدوا على حكم القلب وحده في الساعات العصيبة من الحياة، أمام المشكلات الخطيرة الأليمة التي تعرض للنفس؟ لقد كنت تعلم أن موقفك البطولي سينتقل في الكتب المقدسة إلى آخر العصور، كنت تأمل أن يقتدي البشر بك فيقبلوا أن يظلوا وحيدين مع الله لا يطلبون معجزة من المعجزات. ولكنك لم تقدِّر أن الإنسان متى رفض المعجزة أسرع يرفض الرب، لأنه يبحث عن الآيات وليس عن الرب، وأنه لكونه لا يستطيع أن يحيا بغير معجزات، سيخلق بنفسه معجزات، وسيتبع أباطيل السحرة وخزعبلاتهم، ولو كان متمرداً وكافراً وملحداً. إنك لم تنزل عن الصليب حين دعاك الجمهور إلى ذلك صائحاً من باب الاستهزاء: "انزل عن الصليب فنصدق أنك أنت" إنك لم تنزل، لأنك مرة أخرى لم تشأ أن تستعبد البشر بالمعجزة، وإنما أردت أن يجيئوا إليك بدافع الإيمان لا بتأثير العجائب وكنت تريد أن يهبوا لك محبتهم أحراراً لا أن ينصاعوا لك عبيداً أذهلتهم قوتك. هنا أيضاً أسرفت في تقدير البشر ووضعتهم في منزلة أعلى من منزلتهم، ذلك أن البشر عبيد رغم أنهم مفطورون على التمرد.”
―
“العزلة التي يعيش فيها البشر, و تتجلى في جميع الميادين و لا سيما في عصرنا هذا. ان عصر العزلة هذا لم ينته , حتى انه لم يصل الى ذروته. ان كل انسان في هذا العصر يجهد في سبيل ان يتذوق الحياة كاملة مبتعدا عن اقرانه , ساعيا الى السعادة الفردية. و لكن هيهات ان تودي هذة الجهود الى تذوق الحياة كاملة, فهي لا تقود الا الى فناء النفس فناء كاملا, و لا تقود الا الى نوع من الانتحار الروحي بعزلة خانقة. لقد انحل المجتمع في عصرنا الى افراد يعيش كل منهم في جحره كوحش, و يهرب بعضهم من بعض, و لا يفكرون الا في ان يخفوا ثرواتهم عن بعض. و هم يصلون من ذلك الى ان يكرة بعضهم بعضا و الى ان يصبحوا جديرين بالكره هم ايضا. ان الانسان يكدس الخيرات فوق الخيرات في العزلة و تسره القوة التي يحسب انه يملكها بذلك, قائلا لنفسة ان ايامه قد اصبحت بذلك مؤمنة مضمونه , انه لا يرى لحماقته, انه كلما اوغل في التكديس كان يغوص في عجز قاتل. ذلك انه يتعود انه لا يعتمد الا على نفسه, و يفقد ايمانه بالتعاون, و ينسى في عزلته القوانين التي تحكم الانسانية حقا , و ينتهي الى ان يرتعد كل يوم خوفا على ماله الذي اصبح حرمانه يحرمه من كل شئ. لقد غاب عن البشر تماما ان الامن الحقيقي لا يتحقق في الحياة بالعزلة و انا باتحاد الجهود و تناسق الاعمال الفردية.”
―
―
عيسى’s 2025 Year in Books
Take a look at عيسى’s Year in Books, including some fun facts about their reading.
More friends…
Favorite Genres
Polls voted on by عيسى
Lists liked by عيسى









