هذه مراجعتي للرواية الشهيرة "القوقعة" لبطلها الكاتب/ مصطفى خليفة ..
حين سمعت عن الرواية لم أكن متيّماً بالقراءة كما أنا الآن .. ولم يكن الأمر بحاجة إلى وقفة مطوّلة أمام تلك العبارات العابرة التي لا تعدو كونها قشوراً حول الرواية .. وهذا طبيعيّ من إنسان لم يعاصر ذاك الألم ولم يفكّر في لحظة آنذاك أن يلج في تفاصيله .. كان الاسم بالنسبة لي مجرّد وصف لحالة المعتقل "النصرانيّ" في سجون الطاغية .. لكن، ما إن ولجت في أحداث الرواية حتّى تغيّرت الملامح .. وزفرت الروح .. وانقطع الهواء عن الرئتين .. اشتعل الرأس شيباً قبل المشيب .. لعله كان مشيباً معنوياً لكنّ روح الشيوخ كانت هي الحاضرة "لقد هرمت قبل أن أصير هرماً !" .. كان الإحساس مؤلماً .. ثم ما لبث الجسد حتى تخدّر فكأنما هي قشعريرة سرت في أوصالي أفقدتني القدرة عن النطق أو الحديث فبتّ واجماً صعقاً من هول المشهد أو قولوا المشاهد ! كنت قد قرأت "يسمعون حسيسها" للدكتور الرائع أيمن العتوم .. نعم كان الجرح غائراً لم يلتئم بعد .. وكان المعذب –أنا- لا يزال مسجى على الأرض يقاوم هول الكارثة التي حلّت بأولئك المعلقين بالأصفاد .. كانت الروايتان تحملان أعظم مخزون من الألم الذي ذقته في حياتي .. لم تكن القوقعة تحمل صوراً أفظع من العذاب .. ولعلّ ذائقة الدكتور أيمن وقدرته الإبداعية كانت الحاضرة في تصوير المشهد وتقريبه أكثر وأكثر للذهن .. لكنّ القوقعة كانت الأكثر تأثيراً ولعل ذلك نابع من أمرين : الأول هو أن الكاتب هو بطل الحكاية .. والثاني هو اكتشاف الحقيقة المرّة التي كانت وراء تسمية الكاتب لحكايته بهذا الاسم "القوقعة" .. فرّت من عيني دمعة لم أقدر على حبسها أمام أمر كنت أجهله .. لقد كانت القوقعة سجناً إضافياً فرضه السجناء على هذا الأسير النصراني حين أعلنوا عن حالة المقاطعة الشاملة له على اعتبار أنه زنديق ملحد مارق يجب أن ينبذ ويقتل ! أيكون المرء مسجوناً في قفصين ! ألا يكفيه واحد حتى يذوق فيه صنوف العذاب ! أيّ روح تلك التي تخلع فمها لتعلن حالة الصمت الرهيب إلا عن الألم لمدة عشر سنوات عجاف ! وأي روح تلك التي تدعي حمل الإسلام وتفعل كل ذلك ! أهو تفريغ لسحنة العذاب التي حشت جلودهم في روح بريئة ليس لها من الأمر شيء ! لست اليوم أقف مدافعاً عن الإسلام .. فهو لم يكن في يوم من الأيام موضع تهمة ولن يكون .. لكني أقف اليوم لأعلن لكل العالم أن الإسلام بريء من أفعال بعض من المراهقين في السياسة والدين .. وهو لن يسقط بأفعال بعض من الصبية المارقين ! أقف اليوم لأقدّم اعتذاري لكل من آذاه مسلم من أهل ذمتنا .. لأنه الإسلام الذي علّمنا أن نردّ الحق لأصحابه وإن كانوا على غير ديننا "ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" ..
حين سمعت عن الرواية لم أكن متيّماً بالقراءة كما أنا الآن .. ولم يكن الأمر بحاجة إلى وقفة مطوّلة أمام تلك العبارات العابرة التي لا تعدو كونها قشوراً حول الرواية .. وهذا طبيعيّ من إنسان لم يعاصر ذاك الألم ولم يفكّر في لحظة آنذاك أن يلج في تفاصيله .. كان الاسم بالنسبة لي مجرّد وصف لحالة المعتقل "النصرانيّ" في سجون الطاغية .. لكن، ما إن ولجت في أحداث الرواية حتّى تغيّرت الملامح .. وزفرت الروح .. وانقطع الهواء عن الرئتين .. اشتعل الرأس شيباً قبل المشيب .. لعله كان مشيباً معنوياً لكنّ روح الشيوخ كانت هي الحاضرة "لقد هرمت قبل أن أصير هرماً !" .. كان الإحساس مؤلماً .. ثم ما لبث الجسد حتى تخدّر فكأنما هي قشعريرة سرت في أوصالي أفقدتني القدرة عن النطق أو الحديث فبتّ واجماً صعقاً من هول المشهد أو قولوا المشاهد !
كنت قد قرأت "يسمعون حسيسها" للدكتور الرائع أيمن العتوم .. نعم كان الجرح غائراً لم يلتئم بعد .. وكان المعذب –أنا- لا يزال مسجى على الأرض يقاوم هول الكارثة التي حلّت بأولئك المعلقين بالأصفاد .. كانت الروايتان تحملان أعظم مخزون من الألم الذي ذقته في حياتي ..
لم تكن القوقعة تحمل صوراً أفظع من العذاب .. ولعلّ ذائقة الدكتور أيمن وقدرته الإبداعية كانت الحاضرة في تصوير المشهد وتقريبه أكثر وأكثر للذهن .. لكنّ القوقعة كانت الأكثر تأثيراً ولعل ذلك نابع من أمرين : الأول هو أن الكاتب هو بطل الحكاية .. والثاني هو اكتشاف الحقيقة المرّة التي كانت وراء تسمية الكاتب لحكايته بهذا الاسم "القوقعة" .. فرّت من عيني دمعة لم أقدر على حبسها أمام أمر كنت أجهله .. لقد كانت القوقعة سجناً إضافياً فرضه السجناء على هذا الأسير النصراني حين أعلنوا عن حالة المقاطعة الشاملة له على اعتبار أنه زنديق ملحد مارق يجب أن ينبذ ويقتل !
أيكون المرء مسجوناً في قفصين ! ألا يكفيه واحد حتى يذوق فيه صنوف العذاب ! أيّ روح تلك التي تخلع فمها لتعلن حالة الصمت الرهيب إلا عن الألم لمدة عشر سنوات عجاف ! وأي روح تلك التي تدعي حمل الإسلام وتفعل كل ذلك ! أهو تفريغ لسحنة العذاب التي حشت جلودهم في روح بريئة ليس لها من الأمر شيء !
لست اليوم أقف مدافعاً عن الإسلام .. فهو لم يكن في يوم من الأيام موضع تهمة ولن يكون .. لكني أقف اليوم لأعلن لكل العالم أن الإسلام بريء من أفعال بعض من المراهقين في السياسة والدين .. وهو لن يسقط بأفعال بعض من الصبية المارقين ! أقف اليوم لأقدّم اعتذاري لكل من آذاه مسلم من أهل ذمتنا .. لأنه الإسلام الذي علّمنا أن نردّ الحق لأصحابه وإن كانوا على غير ديننا "ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" ..
السّلام عليكم .. وسلامٌ على من اتبع الهدى ..