ريادي

[الأديب]

يمكن النظر لرواية (بر الزنج) للكاتب عمرو عبد العزيز باعتبارها عملًا متوهجًا بالنسبة للذين يشاركون الكاتب الأفكار ، فيجدون متنفسًا للتعبير عن أفكارهم في هذا الشكل الأدبي (الرواية) الذي يبدو في أغلب إنتاجه مفخخًا لهؤلاء الديناميين المؤمنين حتى النخاع بالصحوة الإسلامية، الذين لن يرحبوا غالبًا بعمل روائي لا يتوفر له عباءة وافرة من (الغائية ) والانسجام مع المبادئ.
كان موفقًا جدًا في اختيار القماشة التي صنع منها عمله ، مادة تاريخية غائبة عن الجمهور تمامًا تمكن من أن يزخرف عليها زخرفة تليق بالوجع ، فكان مقتصدًا في اللغة ، فلم يشتغل عليها ، وكان مقتصدًا في وصف الأجواء والأنفس إلى حد واضح، وراهن على السردية وعلى تمكنه من العرض البصري وعلى نبل القضايا ، وعلى إسراع واضح في العرض تتناسب مع شخصيته، وكذلك مع تصوره لجمهوره صاحب الحمية الذي لا يمتلك القدر المناسب من الدعة و(الانفصال) كالمحنكين في قراءة الروايات الذين يفضلون المزيد من التفصيل والإيقاع الأبطأ ، وقدرًا أقل من بوح الشخصيات بآرائها وما تؤمن به.
وفي المجمل؛ فإن العمل يمكن أن يوصف بالريادية من ناحية موضوعه الذي جلبه الكاتب من غياهب النسيان، وإنه ليستحق عليه الشكر الذي يلق برائد مد مطمارًا وأخذ يعمل بيديه العاريتين في الوحشة كي يصنع حالة من العمران ، وهو بموهبته وإصراره بالفعل يصنع حالة عمرانية مثيرة للتأمل في الأدب الملتزم بقضايا الأمة.