“أنت أيها الإنسان عبارة عن مجموعة طبقات ... الجسد طبقة، والفكر طبقة، والرغبات طبقة، والمشاعر طبقة، ومخاوف الحياة طبقة، والروح طبقة. وأهم طبقة هي الروح، لكنك تسمح لكل هذه الطبقات الأخرى أن تغطيها، مع أن الروح هي أهم هذه الطبقات ... لو كانت الروح سليمة، فهي التي ستسمح للطبقات الأخرى أن تعمل بكفاءة.
لو صفت الروح وصفا القلب لحدث العجائب ... الموقف الواحد البسيط في لحظة صفاء القلب يحدث أثرًا لا تحدثه آلاف المواقف والأحداث الأخرى العادية ... صفا قلب زكريا في لحظة دعاء صادقة؛ فاستجاب الله له فأنجب يحيى بعد سنين طويلة بلا إنجاب.
صفا قلب امرأة تمارس الرذيلة في لحظة، فسقت كلبًا عطشان شربة ماء واحدة؛ فغفر الله لها كل ذنوبها، ولو ألف امرأة أخرى مثلها فعلت ذلك فربما لم يغفر الله لهن، لكنها كانت لحظة صفاء القلب.
صفا قلب مريم أم عيسى في صلاتها وهي في المحراب وحدها؛ فكانت تأتيها فاكهة الصيف في فصل الشتاء، وفاكهة الشتاء في فصل الصيف.
صفا قلب رجل من أصحاب النبي محمد اسمه أسيد بن حضير في لحظات يوم الجمعة وهو يقرأ سورة الكهف؛ فتنزلت الملائكة تحيط به، وملايين المسلمين يقرؤون سورة الكهف كل جمعة بلا أثر.
صفا قلب نيوتن في لحظة؛ فاكتشف قانون الجاذبية، والملايين قبله لم يلتفتوا لهذا القانون.
صفا قلب بيتهوفن رغم أنه أصم فأبدع؛ لأنه كان يؤلف الموسيقى بقلبه وليس بأذنيه.
صفا قلب رجل قال لا إله إلا الله مرة واحدة بصدق؛ فغلبت الكلمة كل سيئاته، ونحن نقولها ملايين المرات كل يوم بلا أي أثر.
صفاء الروح سيجعلك تنطلق في ملكوت السماء لترى ما لا يراه غيرك ... صفاء الروح يعني إجابة دعوة، أو تذوق معنى، أو فهم كلمة، أو تدفق فكرة.
شاب هندي: هل هذا الصفاء القلبي مرحلة لا يصل إليها إلا أصحاب القدرات العالية فقط؟
د/ميرزا: لا ... هذه صفة يصل إليها كل إنسان يريد ذلك ... بل يصل إليها حتى الحيوان ... لذلك تجد الفهد قبل الهجوم على الفريسة يمكث بهدوء رهيب، ليس فقط من أجل مراقبة الفريسة، ولكن ليركز ويأخذ طاقة خرافية للهجوم.
ثم إنها ظاهرة طبيعية واضحة في الكون، فأنت لو وضعت ورقة أمام الشمس لن تحترق، لكن لو وضعت أمام الورقة عدسة مكبرة سيتركز الضوء على الورقة فتحترق ... وكذلك العقل لو ركز في فكرة واحدة سيخترقها بقوة. لن تقدر على استقبال الأفكار والمعلومات حتى يكون عقلك جاهزًا، وذلك لن يتم إلا بتركيز كبير. والعدسة المكبرة هذه هي الصلاة عند المسلمين، وهي العزلة عند المسيحين، وهي اليوجا عند البوذيين، وهي المشي عند الرياضيين، وهي الموسيقى عند الرومانسيين، ويجمعها كلها التأمل والتفكر ... وكل من لديه قدرات عالية أو خارقة سببها الأساسي هو صفاء الروح والقلب والعقل.
شاب هندي: فما الذي يحول دون صفاء الروح؟
د/ميرزا: السبب هو أن الناس عقولها مضطربة ومجهدة ... التشويش المستمر الذي يحدث للعقل فلا يستقر على فكرة واحدة، بل يقفز من فكرة إلى فكرة، ومن خاطر إلى خاطر، حتى يصاب بالإجهاد الشديد. إن تشويشات العقل تشبه أمواجًا متلاطمة ... الأفكار يضرب بعضها بعضًا حتى يصير العقل مثل شبكة اتصالات بها آلاف التليفونات في آن واحد. وتشويش العقل يوثر على الروح والقلب وكل الجسد.
شاب هندي: وكيف أمنع هذا التشويش لتصفو روحي؟
د/ ميرزا: لابد أن تربي عقلك وكل جسدك ليكون روحانيًّا ... الأفكار في عقلك مثل نهر جار ... لابد وأن تتحكم فيما يدخل إلى عقلك. مدخلات العقل هي الأساس ... ماذا تشاهد؟ ماذا تسمع؟ ماذا تأكل؟ امش قدر ما تستطيع ... استمع إلى الموسيقى الجميلة بدلًا من الصاخبة ... لا تشاهد فيلم عنف أو إثارة ... اختر نوعية الأكل إياك والخمور ... إياك والسمنة ... صل واستمتع بصلاتك، وليس لأداء الواجب ... اختر نوعية الأصدقاء التي لا تفسد عقلك أو قلبك ... باختصار تحكم في الأفكار التي تشوش على عقلك ... لابد أن تكون كل المدخلات لعقلك نظيفة لتصل لصفاء عقلك، ويجب أن يصبح كل ذلك هو طريقة حياتك (Lifestyle).”