“ومن الحوادث الغريبة فى أيامه أيضا ,عثمان باشا الحلبى والى مصر ,أن فى يوم الأربعاء رابع وعشرين الحجة اخر سنة سبع وأربعين ومائة ألف ,أشيع فى الناس بمصر بأن القيامة قائمة يوم سادس وعشرين الحجة ,وفشا هذا الكلام فى الناس قاطبة حتى فى القرى والأرياف ,وودع الناس بعضهم بعضا ,ويقول الانسان لرفيقه:بقى من عمرنا يومان وخرج الكثير من الناس والمخاليع الى الغيطان والمتنزهات ,ويقول لبعض البعض :دعونا نعمل خطا ونودع الدنيا قبل أن تقوم القيامة ,وطلع أهل الجيزة رجالا ونساء وصاروا يغتسلون فى البحر ,ومن الناس من علاه الحزن وداخله الوهم ,ومنهم من صار يتوب من ذنوبه ويدعو ويبتهل ويصلى ,واعتقدوا ذلك (قيام القيامة بعد يومين)ووقع صدقه فى نفوسهم ,ومن قال لهم خلاف ذلك أو قال :هذا كذب ,لا يلتفتون لقوله ,ويقولون هذا صحيح وقاله فلان اليهودى وفلان القبطى ,وهما يعرفان فى الجفور والزايرجات ,ولا يكذبان فى شئ يقولانه ,وقد أخبر فلان منهم على خروج الريح الذى خرج فى يوم كذا ,وفلان ذهب الى الأمير وأخبره بذلك وقال له :احبسنى الى يوم الجمعة وان لم تقم القيامة اقتلنى ونحو ذلك من وساوسهم ,وكثر فيهم الهرج والمرج الى يوم الجمعة المذكور ,فلم يقع شئ ,ومضى يوم الجمعة وأصبح يوم السبت ,فانتقلوا يقولون :فلان العالم قال :ان سيدى أحمد البدوى والدسوقى والشافعى تشفعوا فى ذلك وقبل الله شفاعتهم ,فيقول الاخر :اللهم انفعنا بهم ,فاننا يا أخى لم نشبع من الدنيا ,وشارعون نعمل حظا ,ونحو ذلك من الهذيانات .

وكم ذا بمصر من المضحكات ....ولكنه ضحك كالبكا”