(?)
Quotes are added by the Goodreads community and are not verified by Goodreads. (Learn more)
Amin Maalouf

“بتّ لا أطيق المدينة، فالناس فيها يمشون بمحاذاة الجدران، بهالاتٍ رمادية حول العيون ونظرات كالحة. وأتخيل أن الوضع كان مماثلًا إبان الحرب العالمية الثانية، عندما كانت الليالي قارسة وفحم التدفئة شحيحًا.
أما اليوم، فلا حرب ولا صقيع، بل إعياء وسأم، الإحساس بالهزيمة دون اندفاع المحارب، وفي الأحشاء شتاء لن تقوى أي نار على التخفيف من برده.
لم أعد أتعرف على الوجوه والشوارع، وأنتفض أحيانا إذا أصغي إلى أفكاري، فالخوف يولّد الكوابيس.
كان خوفي مزدوجًا؛ فكوني حضريًا، كنت أرمق بريبة كل وجه غير مألوف، وكل تجمع، ولو استطعت لحولت، بإيماءةٍ من يدي، إلى رماد، كل المارة الذين يخيفني ظلّهم .. وفي إحدى الأمسيات الشتوية، لمحت قرب زاوية الشارع الذي أقطن فيه، مجموعة من الشبان قد أضرموا على الرصيف شعلة من الفرح كان شررها يرسل زفيرًا. في السابق، كان المشهد يُفرحني، وربما ألقيت على مسامعهم دعابة وديّة. أما اليوم، فقد غيّرت وجهة سيري لتحاشيهم، وقبل أن أدخل إلى المبنى الذي أسكن فيه، حدجتهم من بعيد بنظرة تقطر حقدًا.
وإذ دخلت شقتي، وبعد أن أوصدت ثلاث مرات الباب المُصفّح، استسلمت لرعبٍ آخر، رعب من نفسي، مما فعلته المدينة المظلمة بي، رعب وخجل من النظرة التي صرت أرى من خلالها أمثالي والعالم.
كان يجب أن أبتعد، وبسرعة .. أن أسترجع، في الرحيل، صفائي وسكينتي. وعندما أصبح بمأمن من البشر، ربما أتعلم من جديد، أن أحبهم.”

Amin Maalouf, The First Century After Beatrice
Read more quotes from Amin Maalouf


Share this quote:
Share on Twitter

Friends Who Liked This Quote

To see what your friends thought of this quote, please sign up!

42 likes
All Members Who Liked This Quote



This Quote Is From

The First Century After Beatrice The First Century After Beatrice by Amin Maalouf
3,080 ratings, average rating, 320 reviews

Browse By Tag