More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
كنت قد وصلت إلى نقطة أرصد فيها بدقة كل مرحلة من مراحل حالتي المتدهورة.
مع غياب الأمل يجب أن نصارع حتى ننجو ولو بشق الأنفس، وهذا ما نفعله.
وأتى على ذكر بعض العقاقير المضادة للاكتئاب، ولكن أيًّا من ذلك لم يَعلق بذاكرتي، ولم يكن يعني لي شيئًا. وتكمن أهمية هذه اللامبالاة النسبية من ناحيتي في كونها تبرهن بقوة على عدم قدرة الطرف السليم على فهم جوهر المرض.
ويبدو أن اضطراب دورة الساعة البيولوجية ـ أي الإيقاعات الأيضية والغُددية ذات الأهمية الكبرى في حياتنا اليومية ـ هو المسؤول عن العديد من حالات الاكتئاب، إن لم يكن معظمها؛ وهو السبب وراء تكرار الأرق الرهيب، وعلى الأرجح، السبب في أن النمط اليومي لمشاعر الكرب يظهر عبر فترات من التوتر والراحة يمكن التنبؤ بها إلى حدٍّ كبير.
أن هؤلاء الذين لم يُجرِّبوا الألم الذي يسببه الاكتئاب الحاد لا يمكنهم بأي حال أن يتصوروه،
سواءً عبر الشفاء الذي يتحقق بمرور الزمن
ولذلك يكفي أن نقول إن قلة قليلة من الناس هم من يُفلتون من براثن المرض ولا يكونون من ضحاياه، ولو في شكله الأكثر اعتدالًا على الأقل.
«هارت كرين» و«فينسنت فان جوخ» و«فيرجينيا ولف» و«أرشيلي جوركي» و«سيزار بافيز» و«رومان جاري» و«فاشيل ليندسي» و«سيلفيا بلاث» و«هنري دو مونترلان» و«مارك روثكو» و«جون بيريمان» و«جاك لندن» و«إرنست همنجواي» و«وليام إنجي» و«ديان أربوس» و«تاديوش بوروفسكي» و«بول سيلان» و«آن سيكستون» و«سيرجي إيسينين» و«فلاديمير ماياكوفسكي»، والقائمة تطول. وكان الشاعر الروسي «ماياكوفسكي» قد وجَّه انتقادات لاذعة لأحد معاصريه العظام وهو «إيسينين»
الاكتئاب قد يتخذ وجوهًا غريبة لكلٍّ منها خصوصيتها .
لم يزعجني ذلك بشدة في أول الأمر؛ فالتغير كان طفيفًا، ولكني لاحظت أن الأشياء من حولي قد بدأت تكتسب طابعًا مغايرًا في أوقات بعينها:
هذا الجنون يتم تحفيزه كيميائيًّا بين الناقلات العصبية للدماغ، وربما كنتيجة للضغوط التي تتعرض لها جميع أجهزة الجسم، والتي لعلةٍ مجهولة تتسبب في استنفاد مادتين كيميائيتين: هما «نورأبينفرين» و«سيروتونين»، وكذلك في زيادة مستويات هرمون يُسمى «كورتيزول». وفي ظل هذا الاضطراب في أنسجة الدماغ، وفي ظل الإشباع والحرمان المتبادلين، لا غرو أن ينتاب العقل شعور بأنه مهموم ومصاب، وأن تسجل عمليات التفكير المشوَّشة معاناة عضو تعتريه نوبة تشنج. وأحيانًا، ولكن ليس غالبًا، قد تراود هذا العقل المضطرب أفكارٌ عنيفة إزاء الآخرين. ولكن نظرًا لأن عقولهم تنصرف بآلامها نحو الداخل، فإن الأشخاص المصابين بالاكتئاب عادة ما
...more
ظللتُ على مدى سنوات أحتفط بمفكرة ـ لم تكن دفتر يومياتٍ بالمعنى الحرفي للكلمة، وكانت تدويناتها مكتوبة بطريقة عشوائية ولا يجمعها نَسق ـ ولم أكن أرضى أبدًا أن يطلع على مضمونها أيُّ أحد سواي. وكنت أخفيها جيدًا في منزلي بعيدًا عن الأعين. ولكن هذا لا يعني أنني كنت أضمِّنها أي أمور فضائحية؛ فالملاحظات التي كنت أدوِّنها كانت أقل بذاءة أو شرًّا أو كشفًا للذات مما قد توحي به رغبتي في الحفاظ على سريتها. ومع ذلك، كنت أحتفظ بهذا الدفتر الصغير لا لشيء إلا للاستفادة منه مهنيًّا
ولا يتعلق الأمر هنا بعتبة الألم المألوفة ولكن بظاهرة موازية، وهي عدم قدرة النفس على احتمال الألم مدة زمنية تتجاوز الحدود المتوقعة. فهناك منطقة في تجربة الألم
يمنح فيها غالبًا اليقين بزوال حدة الألم قدرة فائقة على التحمل. ونحن نتعلم كيف نتعايش مع درجات متفاوتة من الألم يوميًّا أو على مدى فترات زمنية أطول، وإنْ كنا لحسن الحظ لا نعاني ألمًا في أغلب الأوقات.
الزمن والعزلة هما المُداويَيْن الحقيقيَّيْن .