Kindle Notes & Highlights
ـ لم أكن راضيًا على إبقاء عثمان لمعاوية في الولاية، فكيف أثبته عليها؟ وليس له إلا السمع والطاعة لبيعة المسلمين لخليفته. لن أُبقِي عليه يومًا واحدًا في الشام. أما الشيخان فهما كبيران عندي لكن أمرائي لا بد أن يكونوا ممن يحتملون ويتحملون شظفًا وزُهدًا، وليس صاحباي من هؤلاء. والله لن أُدهِن أبدًا في ديني، ولن أهادن أبدًا في حق الله والمؤمنين .
كانت ابتسامة المغيرة مُعلَّقة على شفتيه شفقة على هذا الرجل، كان يريد أن يقول له: لو ستكون أمير المؤمنين وحدهم، فوالله لن تحكم ألفًا من البشر، ولكنك أمير الناس، طالحهم وصالحهم، مؤمنهم وفاسقهم، يا إمام، لا حكم إلا بالسياسة والحِيلة، وما تعظني به ما هو إلا نقاء تقي، لن يهنأ بحكمه ساعة، ليس هذا ما تقتضيه الإمارة وقد تتطلبه استقامة فارس، لكن الأمراء ليسوا فرسانًا، ولا الفرسان يمكن أن يصيروا أمراء، وإمامة الصلاة للأتقى، وإمامة الحكم للأدهى، لقد قدمت لك سيفًا لتقتل به أعداءك فغرسته في أحشاء خلافتك .
ـ الآن وقد ولى الأنصار عليًّا، ونازعه معاوية الأمر محتجًّا بدم عثمان، أقول لكم، واعلموا أنكم سترون ما سأقول لاحقًا حقًّا، لن يتركها له معاوية، فهو يُجيد صناعة الحلفاء، ولن يطيقها علي فهو يُجيد صناعة الأعداء، معاوية يبحث عن المصلحة وعلي يبحث عن الحق، معاوية يسعى إلى الحكم وعلي يسعى إلى العدل، وإن دخلت أنا تداخلت، وإن انحزت أثقلت، وإن أشرت شاطرت، وإن حزت فزت .
أصابعه وخاطب معاوية : ـ هذه دعايتك يا معاوية بين رجالك ورعاياك، لكنك لم تختبرها ولم تختبرهم حين يسمعون غير ما تقول، فأنت تواجه هنا على أرضك ظل ابن أبي طالب الخافت بين ظهرانيك، إنه رجل كما تعرف وأعرف ليس لديه ما لدينا، وهو ممن يحب ألا يكون ما لدينا لديه، فهو يرسل لك رسولًا، لكنه لا يبعث عندك عيونًا، ولا يشتري بينك رجالًا، ولا يبث فيهم دعاية، ولا يثبط في عزائمهم، ولا يلعب في عقولهم، ولا يشتري ولاءهم، ولا يفرق بينهم. ولو كنت معه لأشرت عليه أن يقول لهم إنك لم تقل ما قلت عن الثأر لعثمان، ولا دعوت لما دعوت، إلا عندما خلعك عن الشام، وخفت أن يقاسمك ثروتك، أو يصادر أراضيك ودُورك وعقاراتك وقصورك، وأن
...more