More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
ولا يخطرنَّ لكم ببال أَنَّ في مستطاعكم توجيه الحبّ. بل إنّ الحبّ، إذا وجدكم مستحقّين، هو الذي يوجِّهكم.
Muhammad Fahmi liked this
كثيرًا ما تقولون: إنّي أَودُّ أَن أُعطي، ولكنّ المستحقّين فقط. ما هكذا تقول الأشجار في بساتينكم، ولا القطعان في مراعيكم. بل إنّها تعطي لتحيا. إذ إنَّ في إمساكها هلاكها.
فالبئر التي منها يرشح فرحكم هي عين البئر التي طالما فاضت بدموعكم.
عندما تأْخذكم سورة الفرحِ تطلَّعوا إلى أعماقِ قلوبكم تجدوا أنّ الذي سبَّب لكم الفرح الآن هو عين الذي جَاءَكم منه الحزن في ما مضى. وعندما تطغى عليكم موجة من الحزن، فتّشوا قلوبكم كذلك. وستدركون أَنّكم تبكون في الواقع ذلك الذي كان مصدرَ بهجةٍ لكم سابقًا. يقول بعضكم: «إنّ الفرح أَعظم من الحزن». ويقول البعض الآخر: «كلّا. بل الحزن هو الأعظم». أَمّا أَنا فأَقول لكم إنّ الاثنين لا ينفصلان. فهما يأْتيان معًا. وعندما يجلس أَحدهما إلى مائدتكم، فلا تنسوا أَنّ الآخر ينام في سريركم.
إنّ الإِغراق في طلب الرفاهية ليقتل أَنبل نزعات النفس، ثمّ يمشي في جنازتها ضاحكًا شامتًا.
إنّما تذنبون إلى الغير، وبالتالي إلى أَنفسكم، عندما تنطلق أَرواحكم هائمة مع الريح دونما حارس أَو رفيق.
والذي يفكّر في جَلْدِ المذنِب دعهُ أَوّلًا يتفحّص روح المذنَب إليه. وإذا شاءَ أَحدكم أَن يعاقب آخر باسم الصلاح، وأَن يهوي بالفأْس على الشجرة الطالحة، فليتفقّد جذورها. فهو لو فعل ذلك لوجد من غير شكّ أَنّ جذور الشجرة الصالحة والطالحة، والمثمرة وغير المثمرة، تلتفّ بعضها على بعض في صمت قلب الأرض.
إن يكن ما تبتغون التخلّص منه شرعةً جائرة، فاذكروا أَنّكم أَنتم الذين كتبتموها بأَيديكم على جباهكم.
إنّ نفوسكم لساحات وغًى حيث تصطرع عقولكم وآراؤكم ضدّ أَهوائكم وشهواتكم.
تمنّيت لو تنظرون إلى عقلكم وهواكم نظركم إلى ضيفين عزيزين في بيتكم. فمن الأكيد أنّكم لن تكرموا الواحد فوق إكرامكم للآخر؛ لأنّكم إذا اهتممتم بالواحد دون الآخر خسرتم محبّة الاثنين معًا وثقتهما. عندما تقيلون بين التلال، في الظلال الناعمة التي يطرحها الحَوْر الأَبيض، متمتّعين بسكينة الحقول والمروج البعيدة وطمأنينتها – عندئذٍ لتقل قلوبكم في صمتها: «إن الله لَيَستريح في العقل». وعندما تهبّ العاصفة، وتهزّ الريح العاتية جذور الأشجار في الغاب، ويعلن البرق والرعد عظمة السماء – عندئذ لتقل قلوبكم بخشوع ورهبة: «إن الله ليَتَحرك في الهوى». وما دمتم نَفَسًا في فضاء الله، وورقة في غابته، فحريّ بكم أَنتم كذلك
...more
إنّ قلوبكم لتَعرف في سكينتها أَسرار الأَيّام والليالي. ولكنّ آذانكم تتعطّش إلى سماع ما تعرفه قلوبكم. فأنتم تصرّون على أن تعرفوا بالكلام ذاك الذي عرفتموه دائمًا بالفكر.
إنّكم تريدون أَن تلمسوا بأَصابعكم أَجساد أَحلامكم العارية. وجدير بكم أن تُصِرُّوا. فالينابيع الخفيّة في نفوسكم لا بدّ لها من أَن تتفجّر وتنساب مهمهمةً نحو البحر؛ والكنوز التي في أَغواركم السحيقة تأْبى إلّا أن تنكشف لأَبصاركم. ولكن حذار أَن تزِنوا كنوزكم الخفيّة في موازين. وحذار أَن تحاولوا سبر أغوار معرفتكم بعصًا أَو بِحَبْل. لأَنّ الذات بحر لا يُحَدّ ولا يقاس. لا تقولوا: «لقد وجدتُ الحقيقة». بل قولوا بالأَحرى: «لقد وجدت حقيقة». ولا تقولوا: «لقد اهتديت إلى طريق النفس». وقولوا بالأَحرى: «لقد رأَيت النفس تمشي في طريقي». لأَنّ النفس تمشي في جميع الطرق. والنفس لا تمشي على خطّ من الخطوط، ولا هي
...more
إنّ صديقك هو حاجتك وقد انقضت.
عندما يفصح صديقك عمّا في فكره، فأَنت لا تخشى أَن تقول له «كلّا»، ولا أَنت تمسك عنه كلمة «نعم». وعندما يكون صامتًا، فقلبك لا ينفكّ يصغي إلى قلبه. لأنّه حينما كانت الصداقة، فجميع الأفكار والرغبات والآمال تولد وتُقتسَم بفرح يأتي الصديقين دونما سابق إعلان. وإذا افترقتَ عن صديقك فلا تحزن، لأَنّ ما أَحببته فيه فوق كلّ شيءٍ آخر ينجلي لك أَكثر فأَكثر في بعده عنك. مثلما ينجلي الجبل من السهل لمن شاء أَن يتسلّقه. ليكن خيرُ ما عندك لصديقك. وإذا كان لا بدّ له من أَن يعرفك وأَنت في حالة الجزر، فليعرفك كذلك وأَنت في حالة المدّ. وهل الصديق للتسلية فتسعى إليه في ساعة الضجر لقتل الوقت؟ بل اذهب إليه دائمًا لتحيا
...more
هنالك الذين يسعون منكم في طلب المتكلّمين لأنّهم يخشون أن يبقوا مع أنفسهم وحيدين. لأنّ سكينة الوحدة تكشف لأبصارهم ذواتهم العارية. ولذلك يلوذون بالهرب.
أنتم تصلّون في الشدّة وعند الحاجة. ويا ليتكم كنتم تصلّون وأنتم في قمّة الفرح وفي منتهى الرخاء.
الندم يُظلم الفكر ولا يؤدّبه.
حتّى أجسادكم تدرك ميراثها وحقوقها الشرعية فلا تنخدع. وأجسادكم هي قيثارة نفوسكم، ولكم أن تستخرجوا منها موسيقى عذبةً أو أصواتًا مشوّشة.
وكيف تحدّثون عنه إلّا إذا كان هو بذاته ناسجًا للحديث؟
أَليس الدين كلّ ما نعمله وما نفكّر به،
مَنْذَا يستطيع الفصل ما بين إيمانه وأَعماله، أَو ما بين معتقده ومهنته؟
والذي يتقيّـد في سلوكه بما يفرضه عليه أَدب السلوك إنّما يسجن طائره الغرّيد في قفص.
ثقوا بأَحلامكم، لأَنّ فيها تختبئُ أَبواب الأَبديّة.
نحن بذور نبات عنيد، ولا تتسلّمنا الريح وتذرونا إلّا من بعد أَن يتمّ نضجنا وتمتلئ قلوبنا.
تتغيّر حاجات الإِنسان. ولكنّ حبّه لا يتغيّر، ولا رغبته في أَن يقضي الحبُّ حاجاته.
قيل لكم إنّكم كالسلسلة، وإنّكم ضعفاء كأَضعف حلقة فيكم. ذلك نصف الحقيقة. أَمّا نصفها الثاني فهو أَنّكم أَقوياء كأَقوى حلقة فيكم. والذي يقيسكم بأَصغر عمل من أَعمالكم كالذي يقيس البحر بما في زبده من وهن. والذي يدينكم بسقطاتكم كالذي يدين الفصول بتقلّباتها. أجل. أنتم كالمحيط. ولئن اكتظّت شواطئكم بالسفن المشحونة، العالقة بالرمال، والتي ترتقب المدّ لينتشلها، فليس لكم أَن تعجّلوا ساعات مدّكم. وأَنتم كالفصول كذلك، ولئن أَنكرتم في شقائكم الربيع، إلّا أَنّ الربيع الهاجع فيكم لَيبسم في نعاسه لكم ولا يحسب إنكاركم له إهانة. لا تظنّوا أَنني أَقول ما أَقوله فيكم كيما يقول واحدكم للآخر: «إنّه يمدحنا. وإنّه لم
...more
لقد جاءكم حكماء ليعطوكم من حكمتهم. أَمّا أَنا فقد جئت لآخذ من حكمتكم. وها أنا قد وجدت عندكم ما هو أَعظم من الحكمة: لقد وجدت فيكم روحًا كأنّه اللهب، وهو أَبدًا يمتدّ وينمو في ذاته ومن ذاته، في حين أَنتم، غير آبهين بامتداده، تندبون أَيّامكم الذاوية.
وكيف لأَيّ إنسان أَن يكون قريبًا إلّا إذا كان بعيدًا؟
اذكروا أنّ ما يبدو لكم كما لو كان أَضعف ما فيكم وأَشدّه حيرة لَهُو في الواقع أَقوى ما فيكم وأَصلبه عودًا.
أَليس أَنَّ حلمًا لا يَذكر أَحدٌ منكم أَنَّه حَلِمه هو الذي بنى مدينتكم وكوَّن كلّ ما فيها؟
فالحجاب الذي على عيونكم سترفعه في النهاية اليد التي حاكته، والطين الذي يسطم اليوم آذانكم ستخرقه اليد التي جبلته؛ وعندئذٍ تبصرون، وعندئذٍ تسمعون، وإذا ذاك لن تحزنوا لأنّكم كنتم عميانًا، ولن تأْسفوا لأنّكم كنتم صُمًّا. لأنّكم في اليوم الذي فيه تبصرون وتسمعون ستنكشف لكم الغايات الخفيّة في كلّ شيء، وستباركون الظُّلمة كما تباركون النور.