More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
والشاب الذي ينشد الثقافة يجب أن يجعل معظم فراغه وقفًا على دراسة الكتب، ولا نقول قراءتها؛ لأن الدراسة هنا يجب أن تكون عادة المثقف، أي يجب عليه أن يقرأ بالقلم، يعلق هنا، ويشرح هناك على الهوامش، ولا يبالي أن يبلى الكتاب، وهو حين يفعل ذلك إنما يشارك المؤلف في التأليف،
وعلى القارئ — أو بالأحرى الدارس — أن يُعْنَى بمكتبته، فيقتني أفخر الخزائن والرفوف، ويجلد الكتب؛ وذلك كي لا ينفر من بذاءتها، ويجب أن يجد في مكتبته كل إغراء لجذبه إليها، سواء من ناحية اعتدال الهواء فيها أو من ناحية اختيار الأثاث.
القارئ الذي يرغب في ترقية ذهنه بالكتب العصرية، يجب أن يمتحن نفسه ويقيس مقدار الانتفاع والارتفاع مما يقرأ، فيجب أن يسأل نفسه:
الميكانيات والكيمياء،
الانثربولوجية واليوجنية.
البيولوجية
السيكلوجية
المثقف الدراسة الجدية، هي النظام الديمقراطي والنظام الفاشي والنظام الاشتراكي.
وعلى القارئ أيضًا أن يدرس نحو عشر ثورات عالمية، كثورة الإنجليز على الملك تشارلس الأول، وثورة الفرنسيين على البوربون، والثورة الأمريكية، وثورات روسيا وتركيا والصين والهند؛ فإن الرقي البشري احتاج مرات كثيرة إلى الثورة.
ترقية عيشة الإنسان والمجتمع الإنساني كله؛ ولذلك يجب أن يكون هذا المجتمع أساس النقد والتجديد في الفلسفة،
ليكن لنا كفاح ثقافي
فلكُلٍّ منا حافزه الذي يبعثه على الدرس، وقد يزداد هذا الحافز قوة حتى يحمل القارئ أو الدارس على الجهاد، وعندئذٍ يفتح هذا الجهاد أبوابًا للدرس مدى الحياة،
وأول ما أقول وأنبِّه عنه أني لا أكاد أجد شيئًا من ثقافتي يعود الفضل فيه إلى المدارس التي تعلَّمت فيها،
فقد تعلمت في هذه المدارس مواد،
وأخذت معارف لم تكن كبيرة القيمة، ولكني لم أتعلم فيها سلوكًا، ولم أتِّخذ منها أسلوبًا لتربيتي، وقد نسيت معظم ما تعلَّمته في المدرسة من قواعد النحو، وأسماء في الجغرافيا والتاريخ، وعمليات في الجبر والهندسة إلخ … نسيت كل هذا أو معظمه عن ظهر قلب، متعمدًا، راجيًا...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
دستؤفسكي وجوركي وتولستوي
داروين ونظرية التطور؛
وأما جوتيه فهو الشخصية المُثلى التي أذكرها كلما ذكرت الرقي الشخصي والتوسُّع الذهني، بل هو الضمير الواخز الذي يبعثني على النهوض كلما ركدت أو يئست.
العبرة في الحياة — كما في الحرب — بالخطة التي تتبع،
وكذلك الشأن في الثقافة؛ فإن في مكتبة المتحف البريطاني أكثر من أربعة ملايين مجلد ليس من المعقول أن أحدًا يطمع في قراءتها أو قراءة نصفها أو عشرها؛ لأن العمر البشري في حدوده الحاضرة يفنى قبل أن ننتهي من قراءتها، وبدهي أننا لسنا في حاجة إلى قراءة هذه الكتب، فإن كثيرًا منها بل أكثر ما فيها لا تزيد قيمته على الغبار الذي يعلوها.
فيجب لذلك أن تتبع خطة حتى تنتظم جهودنا في التثقيف الذاتي، وحتى نأخذ بالأهم قبل المهم، فضلًا عن ترك السخيف والعقيم، ويجب لذلك ألا نتسع فنقرأ جزافًا، فليس في الدنيا أثمن في الحياة البشرية من الذهن البشري؛ ولذلك يجب أن تكون أكبر عنايتنا في الحياة به، نربيه ونثقفه وننميه، ويجب ...
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.
ونحن أيضًا في حاجة إلى خطة يجب أن نتبعها في دراستنا كي نصل إلى الظفر المنشود، والظفر المنشود هنا هو أن ننمو بالثقافة، ونمتلك بأذهاننا أوسع وأكبر ما يمكننا من المعارف التي تربي بصيرتنا في الحياة، فإذا لم تحمل إلينا السعادة فلا أقل من أن تحمل إلينا الفهم، بل إن الفهم عند الرجل المثقف هو السعادة، بل أهم من السعادة.
وهم في الغالب لم يختاروا هذه المادة التي تخصصوا فيها وإنما حُمِلُوا على التخصص قبل أن يقضوا من حياتهم فترة التسكع والاختيار، ونجد أمثال هؤلاء في المتخصص مثلا في الكيمياء، لا يدري شيئًا من الاقتصاديات أو الأديان، وهذا لأنه قد بدأ يتخصص منذ صباه تقريبًا في المدرسة، فلم تتح له الفرصة كي يرعى في المروج الخصبة للثقافة ويختار منها ما يحب، فتثقيفه في الكيمياء لم يكن «ذاتيًّا»، وهذا الكتاب قد خصصناه للتثقيف الذاتي، أي لأولئك الذين يبغون تربية أنفسهم، وكل منهم معلم وتلميذ، وكلاهما حرٌّ في اختياره، وأولئك الذين اخترعوا القنبلة الذرية كانوا بلا شك متخصصين، وكانوا لتخصصهم هذا يجهلون الأدب والدين والفلسفة؛
...more
فغاية الثقافة، بل غايتها السامية، هي الحياة، أي الوصول إلى أسلوب سامٍ نعيش به،