More on this book
Kindle Notes & Highlights
استحسنت أن أجمعها في كتاب؛ لا لأنها بدائع أو روائع؛ ولا لأن الناس ألحُّوا عليَّ في جمعها، فنزلت على حكمهم، وائتمرت بأمرهم؛ ولا لأنها ستفتح في الأدب فتحًا جديدًا لا عهد للناس به؛ ولكن لأنها قِطَعٌ من نفسي أحرص عليها حرصي على الحياة،
وفي ظني أن الذين يبحثون في ترقية الفنون عامة من موسيقى ونقش وتصوير وأدب مخطئون كل الخطأ؛ لأنهم يحاولون أن يصلحوا النتائج من غير أن يصلحوا المقدمات؛ فليس الفنان في الأمة إلا صدى لذوقها العام، فإذا صح الذوق صح الفن وإلا فلا.
ذلك أن الاتهام يحمل على ارتكاب الجريمة من ناحيتين: من ناحية الإيعاز، فمن اتهمته فقد أوعزت إليه واقترحت عليه العمل، وأظهرت له الجريمة ماثلة أمام عينه حينًا بعد حين، ومن ناحية أن أكبر ما كان يمنعه من الشر خوفه أن يتهم بالشر، فإذا اتهمته فقد كان ما يخشاه، وأقدم على ما كان يتحاماه؛ هذا إلى ما يوحيه الاتهام الدائم من شعور باطني يسيره نحو العمل وفق الاتهام؛
ليس الإنسان جسمًا بعضه القلب، لكنه قلب غلافه الجسم.
فأستاذية الجامعة — كما أتصورها — نوع من الرهبنة؛ فكما ينقطع الراهب للعبادة في دير ينقطع الأستاذ للعلم وخدمته، أو بعبارة أخرى إن الراهب يعبد الله عن طريق الصوم والصلاة، وهذا يعبده عن طريق العلم أيضًا. فإذا شغل الراهب بالمال وطرق تحصيله وحب الشهرة والرياسة والجاه فهو راهب فسد، كذلك العالم إذا شغلته العلاوات والدرجات وحب الشهرة والجاه فهو عالم فسد؛
وإذا كان الرأي العام بين الطلبة يحتقر الكاذب ويحتقر المستهتر ويحتقر الهازل فما أعظم الإصلاح الذي يرجى من وراء ذلك!
هذا هو الراديو — فيه علم إن شئت، وفن إن أردت، وناطق إن أصغيت، وساكت إن أعرضت، ومتحدث بكل لسان، وواصلك بكل مكان.
وهل نتاج الكاتب إلا قطعة من نفسه؟ يفرح فيرقص قلبه، وينقبض فيسيل قلمه بالدمع،
تنفـك تسمع ما حييـ ـتَ بهالكٍ حتى تَكُونَهْ والمرء قد يرجـو الحيا ةَ مُؤَملًا والموتُ دُونَـهْ
لا تعجبنْ من هالك كيف ثَوى بل فاعْجَبَنْ من سالِمٍ كيف نجا
ولذة الشراء هي السبب في أنك تشتري لزوجتك وبناتك الثوب الجميل، أو الحذاء الظريف، فتعرضه عليهن فلا يعجبهن، ثم يخرجن ويشترين ما هو أقل منه جمالًا وظرفًا ويعدْن راضيات؛
أليس عجيبًا في هذه الحياة أن ألذ شيء في الملكية هو خيالها.
إن غَضِبَ غضب لغضبته مائة ألف سيف لا يسألونه فيمَ غضب؛
وأتت الكهرباء بالسحر الحلال، تضغط على زر فتبعث ما شئت من أنوار، وتضغط على زر فتبعث ما شئت من حرارة، وتضغط على زر فتبعث ما شئت من حركة؛
لقد تساءلت المدنية: كيف نعيش؟ فحسنت كيف نعيش، ولكن لم تتساءل لِمَ نعيش، وكيف يجب أن نعيش، وما الغاية التي لأجلها نعيش، فلم تتقدم في هذا الباب شيئًا. إن العلم كان وسيلة صحيحة لتحسين كيف نعيش، ولكن العلم لا يكفى للإجابة عن بقية الأسئلة، فلم يكن وسيلة صحيحة لها.
وما الفضيلة في الحقيقة إلا الرذائل معدلة أو منقحة.
وجزء من ألف من الشعرة له ظل حقيقي، وإن لم تره عيوننا، ولولا ذلك لما كان لألف ألف شعرة ظل، ولما كان لثوبك الذي تلبسه ظل.
فالفكرة لا تنعدم، والرأي لا ينعدم؛ فإذا دعوت إلى فكرة، أو جهرت برأي، فقد أخرجت إلى الوجود خلقًا جديدًا
وعلى الجملة فإن قال علماء الكيمياء: إن المادة لا تنعدم، فكل ما في الوجود يقرر أن «لا شيء ينعدم».
ومرحى لمن كان مبدؤه «الخير للخير، ولا شيء ينعدم».