More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
والحق إذا عرض في أدب كان أجمل وأجدى على رُوَّاده، وإذا عرض في سفه حمل الُمعَاند أن يصر على عناده وحمل الخجول أن يكتم آراءه في نفسه حتى لا يُنْهَشَ عِرْضُه ولا تُبتذَل كرامته، فقل التأليف وضعف الإنتاج.
قديمًا قالوا: «دِرةُ عمر أهيب من سيف الحَجاج»؛ ذلك لأن عصا عمر كان معها يد عمر ومعها نفس عمر؛ وهي تشع جلالًا وعظمة، وتخضع أمام أشعتها نفوس الجبارة، ويُحس كل من وقعت عليه هذه الأشعة أنها صادرة من مستودع قوى دونه المصباح الكهربائي، البالغ ما وصل إليه العلم من القوة. وأما سيف الحجاج فمعه نفس الحجاج، وهي تشع من غير شك قوة، ولكنها قوة على الجسم لا على الروح، قوة تُخاف وترهب، ولكن لا تحترم ولا تحب؛ أشعة عمر كانت تطاع سرًّا وعلنًا، وأشعة الحجاج تطاع علنًا لا سرًّا؛ لذلك كفت عمر عصاه، ولم يغن الحجاجَ سيفه.
لا تجالسن من لا يرى مجالستك رفعة، ولا تحدثن من لا يرى حديثك متعة، ولا تسألن من لا تأمن منعه، ولا تأمرن من لا تأمن طوعه.
أفتدرين أن أشنع سُبة يسب بها الإنسان: أنه لا قلب له؟ وهل المرء إلا قلبه؟
القلب لا يكذب أبدًا واللسان لا يصدقُ إلا قليلًا.
لعلك يا آنسة إن فتشت عن أعجب ما خلق الله في السماء وفي الأرض لم تجدي أعجب ولا أروع ولا أدق ولا أجمل من قلب الإنسان — تصلح أوتاره فيفيض رحمة وشفقة وحبًّا وحنانًا، ومعاني لطافًا وشعورًا رقيقًا، حتى يتجاوز في سموه الملائكة المقربين؛ وتفسد أوتاره فينضج قسوة وسوءًا حتى يَهْوي إلى أسفل سافلين.
كان سريّ النفس، نبيل الخلق، طيب العنصر، يغبطه كل من عرفه على ما وهب من خلال، وما تهيأ له من وسائل الرفاهة وأسباب النعيم؛ وما دروا أن الأمر في السعادة والشقاء إلى ما في داخل النفس لا ما في خارجها، وأن نفوسًا قد تشقى في النعيم، ونفوسًا قد تسعد في الشقاء.
ما أحوجني إلى ضَحْكة تَخْرُج من أعماق صدري فيدوي بها جوي ضحكة حية صافية عالية، ليست من جنس التبسم، ولا من قبيل السخرية والاستهزاء، ولا هي ضحكة صفراء لا تعبر عما في القلب؛ وإنما تعبر عما في القلب؛ وإنما أُريدها ضحكة أُمسك منها صدري، وأفحص منها الأرض برجلي، ضحكة تملأ شدقي، وتُبدي ناجذَيَّ، وتفرج كربي، وتكشف همي.
رجال الأموال والأعمال، وحتى الرجال الذين كانوا موضع الأمل في إعزاز جانب الروح، وهم رجال الدين أصبحوا — كذلك — رجال سلطة.
وعملك الخير مهما صغر، له أثره في أمتك مهما صغر، أعلنته أو أسررته، نجحت فيه أو فشلت، علم الناس أنك مصدره أو لم يعلموا؛
ولكن أحب شيء إلى الإنسان ما منع، والقصر من بعد أجمل منظرًا من سكناه، والخيال دائمًا ألذ من الحقيقة.
ولو أنصفنا لغبطنا من مات، وأشفقنا على من بقي،