More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
في تلك السنة وُلدتُ ثانية، والمرء إن لم تحبل به الكآبة ويتمحّض به اليأس، وتضعه المحبة في مهد الأحلام؛ تظل حياته كصفحة خالية بيضاء في كتاب الكيان.
للشبيبة أجنحة ذات ريش من الشعر وأعصاب من الأوهام، ترتفع بالفتيان إلى ما وراء الغيوم، فيرون الكيان مغمورًا بأشعة متلونة بألوان قوس قزح، ويسمعون الحياة مرتلة أغاني المجد والعظمة، ولكن تلك الأجنحة الشعرية لا تلبث أن تمزِّقها عواصف الاختبار، فيهبطون إلى عالم الحقيقة، وعالم الحقيقة مِرْآة غريبة يرى فيها المرء نفسه مصغرة مشوهة.
ما أجهل الناس الذين يتوهَّمون أن المحبة تتولد بالمعاشرة الطويلة والمرافقة المستمرة. إن المحبة الحقيقية هي ابنة التفاهم الروحي، وإن لم يتم هذا التفاهم بلحظة واحدة لا يتم بعام ولا بجيل كامل.
أليست المرأة المتوجِّعة بين ميول نفسها وقيود جسدها هي كالأُمَّة المتعذّبة بين حكامها وكهانها؟ أوليست العواطف الخفية التي تذهب بالصبيّة الجميلة إلى ظلمة القبر هي كالعواصف الشديدة التي تغمر حياة الشعوب بالتراب؟ إن المرأة من الأمة بمنزلة الشعاع من السراج، وهل يكون شعاع السراج ضئيلًا إذا لم يكن زيته شحيحًا؟