More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
أيّ فتى لا يذكر الصبيَّة الأولى التي أبدلت غفلة شبيبته بيقظة هائلة بلطفها، جارحة بعذوبتها، فتَّاكة بحلاوتها؟ من منَّا لا يذوب حنينًا إلى تلك الساعة الغريبة التي إذا انتبه فيها فجأة رأى كُلِّيَّتَه قد انقلبت وتحولت، وأعماقه قد اتّسعت وانبسطت وتبطَّنت بانفعالات لذيذة بكل ما فيها من مرارة الكِتْمان، مستحبة بكل ما يكتنفها من الدموع والشوق والسُّهاد؟
فالحب قد أعتق لساني فتكلمتُ، ومزَّق أجفاني فبكيتُ، وفتح حنجرتي فتنهدتُ وشكوتُ.
شاهدت ملائكة السماء تنظر إليَّ من وراء أجفان امرأة جميلة، وفيها رأيت أبالسة الجحيم يضجون ويتراكضون في صدر رجل مجرم، ومن لا يشاهد الملائكة والشياطين في محاسن الحياة ومكروهاتها يظل قلبه بعيدًا عن المعرفة ونفسه فارغة من العواطف.
إن كآبة الوالدين لزواج الابنة تضارع فرحهما بزواج الابن، لأن هذا يكسب العائلة عضوًا جديدًا، أما ذاك فيسلبها عضوًا قديمًا عزيزًا.
إن بهرجة الأعراس الشرقية تصعد بنفوس الفتيان والصبايا صعود النسر إلى ما وراء الغيوم، ثم تهبط بهم هبوط حجر الرحى إلى أعماق اليمّ، بل هي مثل آثار الأقدام على رمال الشاطئ لا تلبث أن تمحوها الأمواج.
إن المرأة من الأمة بمنزلة الشعاع من السراج، وهل يكون شعاع السراج ضئيلًا إذا لم يكن زيته شحيحًا؟
إن النفس الكئيبة تجد راحة بالعزلة والانفراد فتهجر الناس مثلما يبتعد الغزال الجريح عن سربه ويتوارى في كهفه حتى يبرأ أو يموت.