لمّا يَسقط – عن البحرين أكتب
نعم هاجرت كلّ العصافير الجميلة، وارتفعت راية الدماء، لم يعد هُناك ما يُمكن للبشرية أن تُقايض به لإحياء شيء من ضمائرها!، والعلوم كلّها ارتفعت إلى السماء، فالعروش بدأت بالتزعزع، والأرض بحاجة لزلزال ليُعاد تشكيلها، حتّى الصدى هاجَرَ الجُدران، والدفء غادر إلى مكان آخر، في البحرين هُناك من يُقتل بدم بارد فقط لأنّه يُطالب بحقوقه، ولم تُنَكّس الأعلام!، وبقيت تُرفرف بالدموع الجارية.
في عالمنا اليوم أصبحت الدبّابات مظهراً سياحياً ومَعلماً من معالمنا، ومنظر القوّات التابعة للدوَل وهي تسحل المواطنين أمام عدسات الكاميرات ما هوَ إلا ورود توزّع فوق الإسفلت!، وقد يكون الرصاص الحيّ هوَ شيء من رسائل المطر المُغيّبة في زمن الحريّات، والأجمل من هذا هوَ منظر المُسافرين إلى باطن الأرض المقبورين وهُم أحياء بحجّة أنّهم مسجونين!، منظر لابدّ أنّك ستشاهده بكثافة في عالمنا الذي لا يقبل القسمة على أرقام كثيرة، إنّ أوطاننا الإسلامية والعربية أصبحتْ مزاراً لكلّ راغب بالكتابة عن الاضطهاد الجماعي والقمع المُبطّن، والتبرير مُتواجد عند بعض المُهرّجين الذين يدّعون أنّهم عُلماء دين وفقه ولكنّهم يُدينون للبلاط الحاكم بالعبودية لا إلى الرّب المعبود، والنغمات تُعزف على إيقاع الجِراحات، نعم إنها سياحة من نوع نادر، لا تستغربوا، فما إن تُشاهدوا فوضى وتُدعى خلاّقة فاعلموا بأنكم في عالم يُتحكّم به وكأنّه لُعبة كُبرى فأحجار الدومينو لا تسقط تباعاً بشكل اعتباطي.
تلك الجزيرة كأنها قطعة من الجحيم كانت في فجر ذلك اليوم الذي هجم فيه حُماة الوطن على شعبٍ أعزل حقاً إنّه يوم كرامة هذا الشعب الذي سكن الخيام رغبة في مطالب شعبية وهيَ حقْ فالـحُريّة حقْ والـمُساواة حقْ، وغيرها من المطالب المشروعة، ولكنّ قلمي ارتجف بين يدَيّ وكتبت الكثير منذ أن شاهدت اللقطة المُرعبة التي تنطلق بِذكر الصلاة على محمّد وآل محمّد الصلاة الكاملة الغير مبتورة، وتنتهي بطلقات تنهمر على رؤوس الشعب المُخلص، ولا أستغرب عندما أشاهد شعبَ البحرين يقف وحيداً، يُصارع للبقاء منذ مئات السنين، ولا نسمع صوتاً لإنسان من خارج ديارهم ينادي بصوت عالي شعب البحرين يُغتصب في كلّ يوم مرّات ومرّات وعلى قارعة الطريق العربّي يُلقى جسد هذا الشعب المُنهك ليُسجّل لنا ملحمة جديدة في تاريخه الحديث، لا أستغرب أبداً لأنّ هذا الشعب يمتلك غالبية مذهبية شيعية وليست غالبية سُنية المذهب كما هيَ ليبيا التي يحكمها مَجنونٌ من المَجانين، لهذا لا نرى تصريحاً رسمياً من عُلماء البلاط بتأييد أو ما شابه ضد القمع الحاصل في البحرين.
الجريمة الكُبرى في قريتنا يا سادة هيَ أن تُدافع عن أبناء مذهبك فتُصبحُ طائفياً وهيَ وصمة عار في جبينك قد تُقتل بسببها عبر مجموعة غير طائفية تدعوا للتفسّخ ولعب القمار والدعارة العلنية وشيء من الإلحاد!، يعشقون الذنوب، فالرقص والغناء لهمُ عادة وكرامتهم من النقود شيء من التعاسة!، الاطمئنان الروحي في شرعتهم كبيرة من الكبائر، يحبّون الفوضى وحياة من الضياع، لكننّي أرفض هذا المُصطلح يا سادة، فأن تقف قناة الجزيرة مع المُتظاهرين في مصرَ وتونس شيء جميل، ولكنّه بشع إذا ما قامت بإلغاء ثورة شباب 14 فبراير لأسباب طائفية، ويخرج لنا كمُتابعين بعض المُنادين بالحريّات ويصفوا ثورة هذا الشعب المقبور في بلاده بأنها طائفية وتابعة لمُخطط إيران، تباً لكم حقاً، هل زُرتم البحرين أم انكم اكتفيتم بشيء من الكُحول المُتوفرّة؟ فالبحرين الحقيقية في قلب العاصمة تجدونها بين الأزقّة على الحيطان الطينية تجدون نقوش وصرخات من وجوه لا تعرفونها، فالأكفان في تلك الديار تنتظر الأجساد لتفترشها، وألسنة بانتظار آذان لتُسمعها طّربَ الشجن، أينَ أنتم من هؤلاء المساكين، القابعين بين إعلانات الموت، وصمت العالم بقربهم.
أنتم من صنعَ الطائفية فأنا أعيش في بلدي آمناً منذ سنين، أعيش قمّة الديموقراطية المسؤولة، إلى أن سجّلتم أسماؤكم كأحرار يُطالبون بحقوق الأحرار، أنتم من قالَ لي أنتَ شيعي لا تُصرّح في ثورة البحرين، لكنّني لا أمتلك إلا قلماً يَكتب من أجلكم يا أحرار البحرين، اعذروني، تأخرت كثيراً وسقطت الكثير من الأقنعة، شكراً لكم أيها الأحباب.
اصبروا يا أحرار العالم أجمع فالرّب معكم ضدّ كلّ أشكال الظُلم، والقرابين كثيرة، وأنا سأبقى بانتظار مُخلّص هذه الأرض من الجور والظلم، يا فارس الحجاز، البدار البدار.
××
وأنا أكتب هذه التدوينة وصلني خبر هروب طاغوت ليبيا إلى دولة غير مُحددة إلى الآن، بعد أن جزّر شعبه في الميادين، وبالأمس سقط فرعون مصر وسقط طاغية تونس، هل تُستَكمل السلسلة؟ وتَسقطُ حكومة إيران واليمن والمغرب؟