نحكم عقلنا .. ننزل التحرير كلنا
[image error]
في تعليقي على رواية "ثلاثية غرناطة" رائعة رضوى عاشور، قلت ان "الحياة قبل هذه الرواية ليست كالحياة بعدها"، ولعل الأمر لا يختلف كثيراً عن ميدان التحرير، فليس الحياة قبل معرفته كالحياة بعدها..
مئات الآلاف من الناس قد اتوا هنا باختلاف أطيافهم، وثقافتهم، ومستوياتهم الاجتماعية، وانتمائتهم الدينية، وايديولوجياتهم الفكرية يجتمعون تحت لواء واحد لأول مرة في التاريخ المصري غير لواء كرة القدم (التي أمقتها بالمناسبة).. وفي طريقك للميدان ستتفاجأ بالتعليقات التي يمكن أن تسمعها في المترو، فالشعب الخائف الآن كسر حاجز الخوف، أصبح يتحدث في السياسة (عيني عينك)، ويلعن الرئيس (كدهون) دون حذر تجده في الأعين أو كلمات محبوسة داخل أجوافهم تود أن تصدح (بس يبني الحيطان ليها ودان) ..
لا تتفاجا أيضاً اذا استوقفك بائع بسيط في طريقك وشكرك شكراً بيناً على أنك رفعت رأسه، أو رددت إليه كرامته أو أنك اعدت نبض الحياة إلى عروقه على قلة مايملك من المال والصحة ، حتى وان لم يكن لك دور، سوى انه يبدو من ملامحك أنك شاب من شباب الفيس بوك!
حين تطأ أقدامك أرض التحرير لأول مرة ستشعر برجفة خفية، الأجواء كرنفالية بشكل مثير وكأنني بصدد حضور عيد الملكة الهولندية في امستردام،ماتفاجأت به شخصياً ولأول مرة اني وجدت المصريين يحترمون الطوابير كانت هذه علامة فارقة على أن أرض التحرير تختلف عن باقي أرض مصر ، وعلى أن الثورة تجب ماقبلها..
اشكاليات الوطن ودوائر الإنتماء مازالت هي نفسها عندي، ولكن مارأيته خلال الثلاثة وعشرين عاماً، جعلني أصرخُ في وقت ماضٍ قائلاً : اللهم اني اشهدك أني قد كرهتُ مصرَ ولولا أني أُبقيتُ فيها مابقيت، كنت قد بلغت اوج كرهي للنظام ولطباع وأخلاق الناس في مصر من تعميمٍ وفسادٍ وسلبية وعدم احترام للكثير من القيم التي رأيتها واضحة في بلاد أخرى كثير سمح لي القدر بزيارتها، مما دفعني الى تكوين حلم الرحيل الخاص بي، ولكن في التحرير، الناس يحترمون الطوابير، ويتطوع المئات من أجل مهمة حفظ الأمن وتفتيش القادمين لعدم السماح بمرور المندسين، المئات من حملة البلاك بيري، يلتقطون القمامة من على الأرض دون تذمر أو أي علامات للتأفف، طفلٌ صغير يمر يعرض عليك (بقسماط)، وأمهات تحمل العيش الفينو ومثلثات من الجبنة مناديين: أيوة اللي عايز الكنتاكي!
تقابلنا مرةً وتشاركنا أحلام الرحيل معاً، رأيته اليوم يحمل لافتة باللغة الإنجليزية، سألته كيف يمضي قدماً في التحضير للرحيل، أجابني بأن الاجراءات توقفت بسبب الثورة، ولكنه غير منزعج مطلقاً، كان يود أن يرحل لأنه فقد الأمل في هذا البلد (المظلوم) أهله، اليوم يرى بارقةً من أمل وليس منزعجاً من احتمالية تهاوي أحلام الرحيل، قالها بابتسامة كما يقول الإنجليزfrom ear to ear!
استكمالاً للاجواء الكرنفالية، ستجد ركناً لفناني الثورة، رسومات معلقة كأنه معرض خاص، مستشفىات صغيرة، ومكان يطلقون عليه "غنائم معركة الجحش"، في اشارة لمعركة الجمال التي شنها البلطجية في وقت سابق، أطفال يرفعون لافتات"ارحل بقى ضيعت علينا أجازة نص السنة" ورجلٌ قد بلغ من الكبر عتياً يفترش الأرض ويرفع لافتة "خلص الكلام"..
ما اعرفه أن النظام يلعب لعبة "مين هيقول أي الأول"، وبعد ما رأيته أدركت ان هؤلاء لن يقولوا "أي" بسهولة، وأن من وضع رهانه في كفة النظام، عليه أن يعيد التفكير مرتين. فالكل هنا، أدرك أن النظام لم يسلبنا أقواتنا فقط عبر كل هذه الفترة الماضية، وانما سلبنا أيضاً الكثير من القيم التي لا تقدر بثمن، ولذلك وقف الجميع يردد في صوتٍ واحد "الشعب يريد اسقاط النظام".
في تعليقي على رواية "ثلاثية غرناطة" رائعة رضوى عاشور، قلت ان "الحياة قبل هذه الرواية ليست كالحياة بعدها"، ولعل الأمر لا يختلف كثيراً عن ميدان التحرير، فليس الحياة قبل معرفته كالحياة بعدها..
مئات الآلاف من الناس قد اتوا هنا باختلاف أطيافهم، وثقافتهم، ومستوياتهم الاجتماعية، وانتمائتهم الدينية، وايديولوجياتهم الفكرية يجتمعون تحت لواء واحد لأول مرة في التاريخ المصري غير لواء كرة القدم (التي أمقتها بالمناسبة).. وفي طريقك للميدان ستتفاجأ بالتعليقات التي يمكن أن تسمعها في المترو، فالشعب الخائف الآن كسر حاجز الخوف، أصبح يتحدث في السياسة (عيني عينك)، ويلعن الرئيس (كدهون) دون حذر تجده في الأعين أو كلمات محبوسة داخل أجوافهم تود أن تصدح (بس يبني الحيطان ليها ودان) ..
لا تتفاجا أيضاً اذا استوقفك بائع بسيط في طريقك وشكرك شكراً بيناً على أنك رفعت رأسه، أو رددت إليه كرامته أو أنك اعدت نبض الحياة إلى عروقه على قلة مايملك من المال والصحة ، حتى وان لم يكن لك دور، سوى انه يبدو من ملامحك أنك شاب من شباب الفيس بوك!
حين تطأ أقدامك أرض التحرير لأول مرة ستشعر برجفة خفية، الأجواء كرنفالية بشكل مثير وكأنني بصدد حضور عيد الملكة الهولندية في امستردام،ماتفاجأت به شخصياً ولأول مرة اني وجدت المصريين يحترمون الطوابير كانت هذه علامة فارقة على أن أرض التحرير تختلف عن باقي أرض مصر ، وعلى أن الثورة تجب ماقبلها..
اشكاليات الوطن ودوائر الإنتماء مازالت هي نفسها عندي، ولكن مارأيته خلال الثلاثة وعشرين عاماً، جعلني أصرخُ في وقت ماضٍ قائلاً : اللهم اني اشهدك أني قد كرهتُ مصرَ ولولا أني أُبقيتُ فيها مابقيت، كنت قد بلغت اوج كرهي للنظام ولطباع وأخلاق الناس في مصر من تعميمٍ وفسادٍ وسلبية وعدم احترام للكثير من القيم التي رأيتها واضحة في بلاد أخرى كثير سمح لي القدر بزيارتها، مما دفعني الى تكوين حلم الرحيل الخاص بي، ولكن في التحرير، الناس يحترمون الطوابير، ويتطوع المئات من أجل مهمة حفظ الأمن وتفتيش القادمين لعدم السماح بمرور المندسين، المئات من حملة البلاك بيري، يلتقطون القمامة من على الأرض دون تذمر أو أي علامات للتأفف، طفلٌ صغير يمر يعرض عليك (بقسماط)، وأمهات تحمل العيش الفينو ومثلثات من الجبنة مناديين: أيوة اللي عايز الكنتاكي!
تقابلنا مرةً وتشاركنا أحلام الرحيل معاً، رأيته اليوم يحمل لافتة باللغة الإنجليزية، سألته كيف يمضي قدماً في التحضير للرحيل، أجابني بأن الاجراءات توقفت بسبب الثورة، ولكنه غير منزعج مطلقاً، كان يود أن يرحل لأنه فقد الأمل في هذا البلد (المظلوم) أهله، اليوم يرى بارقةً من أمل وليس منزعجاً من احتمالية تهاوي أحلام الرحيل، قالها بابتسامة كما يقول الإنجليزfrom ear to ear!
استكمالاً للاجواء الكرنفالية، ستجد ركناً لفناني الثورة، رسومات معلقة كأنه معرض خاص، مستشفىات صغيرة، ومكان يطلقون عليه "غنائم معركة الجحش"، في اشارة لمعركة الجمال التي شنها البلطجية في وقت سابق، أطفال يرفعون لافتات"ارحل بقى ضيعت علينا أجازة نص السنة" ورجلٌ قد بلغ من الكبر عتياً يفترش الأرض ويرفع لافتة "خلص الكلام"..
ما اعرفه أن النظام يلعب لعبة "مين هيقول أي الأول"، وبعد ما رأيته أدركت ان هؤلاء لن يقولوا "أي" بسهولة، وأن من وضع رهانه في كفة النظام، عليه أن يعيد التفكير مرتين. فالكل هنا، أدرك أن النظام لم يسلبنا أقواتنا فقط عبر كل هذه الفترة الماضية، وانما سلبنا أيضاً الكثير من القيم التي لا تقدر بثمن، ولذلك وقف الجميع يردد في صوتٍ واحد "الشعب يريد اسقاط النظام".
Published on February 09, 2011 05:01
date
newest »

انا من كل قلبي بتمنى ما يضيع تعب هالناس وصبرهم هالمدة كلها ع الفاضي مع اني ضد فكرة رحيل مبارك بهذه الطريقة
تحياتي،
دعاء الكوز-عمان