في الموت والحياة


(حيرة)ماذا أختار ليدفن معي،شهادة ميلادي،أم رسالة انتحاري؟

(موتة الأفلام)في الأفلام، يُمنح الميت قبيل موته متسعا ليلفظ كلماته الأخيرة،فيخبر بقاتله، ورغبته الأخيرة،ويوصي أحدهم بأولاده،ويحث زوجته لتتشبث بالحياة (من أجله!).ويسرِّب لنا المخرج بتقنياته الماكرة (كما لو كان إلهاً)أنَّ حياته كانت لها معنى،وأنَّ موته مهمٌ بطريقة ما لبقاء سعادتنا، نحن الذين سنبقى من بعده (وبعد نهاية الفيلم).حتى الموت، مُشاهَداً خلف شاشة، يغدو جميلا.

(طاقة الجحيم)تُرى ما الطاقة المستخدمة في إبقاء الجحيم مستعراً طوال الأبدية؟

(فعل الحياة)وأنت ترش العطر حذارِ أن تتذكر الزهور التي سُحقت لملئ القنينة،والبيئة التي أُتلِفتوعرقَ العامل قرب أنابيب التقطير.الحياة هي فعل الحياةوليست التفكير بها.رشّ العطر واذهبْواجعلْ أريجه يخز منخر لا وعيك.وأنتَ تضعُ أغطيةَ القناني قرب أنابيب التقطيرحذارِ أن تتذكرَّالرجلَ الذي سيبتاعه،والحبيبةَ التي سيُهدى إليها،وخيباتِ الحب المُعلّق.الحياة هي فعل الحياة وليست التفكير بها.غطِّ القناني وأذهبْواطلبْ أجرتك.

(طاقة)في الليلة الشتوية أضع يدي على صدريها، فأدفأ.

(صنيع الألفة)أضعتُ قلمي وأنا صغير،فبكيت. أضعت مفتاح سيارتي ذات يوم،فقلقت.وأضعت سيارتي مرة،فذهلت. مات جارنا، فتعوّدت على غيابه.ومات والدنا،فانتحبت.سقطتْ النخلة في يوم عاصف،وألِفتُ غيابها.ألفتُ منظرَ الجبل المُهدَّم،والبيتَ المهجور.ألفتُ ثقبَ جيب دشداشتي.ألفت موتَ الأحباب، وانثلامَ الأكواب،شروخَ الزجاج،تسرُّبَ هلام الذاكرة،انتثارَ رمل حياتي.لم أجدْ فقداً غير قابل للألفة.ألفتُ مرضي الذي جاء على دفعات،ومرضي الذي تنزَّل دفعة واحدة .ألفتُ موتي قبل أن أموت.أحسُّني مستعداً لأتدفَّق في أنبوب العدم،وأخُرَّ في الهاوية.

(تبذير)ننضج، فتصيبنا الآفات،فنتعفَّن، فنسقط موتى.يا لنا من تبذير.

(حظوظ)أمشي على الرصيف الحجريّ،ومُنعَّمَا، يتدحرج ظلي على العشب النديّ.

(هباء)لم أستطعْ العيش،قضيت كل لحظة من حياتي في تذكر اللحظات التي سبقتها.

(تسلّل)الملائكة يدخلون غرفتي على  أطراف أصابعهم؛يحسبونني نائما،فأفاجئُهم بعينين مفتوحتين،وابتسامة.

(رقصة)بندول الساعة يتأرجح،وعقرباها يدوران،وأناملي تطرق خشب الطاولة،وجذعي يُدوِّر الكرسي،وقلبي يَدُقُّ.

(أي ثقب)بعد طلقة البندقية،من أين تفارق الروح جسدها،أمن ثقب الدخول، أم من ثقب الخروج؟

(اصطدام)القارب الذي أبحرتْ فيه نفسي ليلة البارحةاصطدم هذا الصباح بجبل جليد.

(أهم سبب)أهم سبب للموتهو الحياة.

(لست مهتما)اقترب الغريب في المصعد مني،وقال، في بادرة ود:طقس اليوم جميل.قلت: لا أعرف،ولست مهتما.

(أمنية)أتمنى لو هدمت العالم،بقعة بقعة؛فقط لأعيد صناعته بالضبط كما كان.

(في المقبرة)في المقبرة جلست طويلا ولم يتحرك الأموات ولا تكلموا.

(حيث لا حاجة)أحب ضوء عمود إنارة الشارع الأصفرمنزلقا عليّ،أكثر من ضوء الشمس؛فهو يضيئني وأنا محتاج له،بينا تضيئ الشمس في النهار، حيث لا حاجة لضوء.

(إخلاف)أخلفت عمدا الموعد الذي ضربته لنفسيحتى أُعلِّم نفسي لانظامية الحياة.

(آخر حركة)انتهتْ أخر حركة صخب في الحفلةوانفلتَ المدعوون باتجاه بيوتهم،واندلقت باتجاه وحدتي.

(دربان)اخذت الدرب باحثا عنهاكيما أخبرها شيئا لم أستطع أخبارها به قبل قليلبينما عادت هي في الدرب الآخرلتمنحني الوقت لأقول ما كان واضحا في عيني. فيما كانت الكاميرا المنصوبة على الجدارتسجل حركاتنا المتلهفةوعبث الأقدار بنا.

(شيء مأخوذ)بعد الولادة، لم تعد كما كانت قبل الحمل،لقد أخذ وليدها معه شيئا منهاغير قابل للاسترجاع.

(تساؤل وجوديٌّ) ترى في اللحظة التي سبقت الوجودفيم كان يفكر الله؟

(أغصان)الأغصان المرتفعة لم استطع قطف ثمارهاالأغصان المنخفضة أعاقت حركتي.

(بعث)أدخل غرفتي مغمضا عينيّحتى أبعثها للوجود دفعة واحدة.
  
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 11, 2011 00:55
No comments have been added yet.


حسين العبري's Blog

حسين العبري
حسين العبري isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow حسين العبري's blog with rss.